ذكرى الغزو... يوم حمى الكويتيون نظام الحكم

نشر في 08-08-2017
آخر تحديث 08-08-2017 | 00:07
تجاوز الكويتيون في محنة الغزو الآثم وفي لحظات من الصفاء والنقاء الإنساني النادر كل العثرات السياسية والاجتماعية التي عانوها قبل الثاني من أغسطس، وقدموا مصالح بقاء الوطن واسترداده على كل ما سواها من الحظوظ التي حاول البعض مساومتهم عليها واستغلال حالة الضعف والانكسار الرهيبة التي مررنا بها.
 ‏‫وليد عبدالله الغانم 1990 م فاجعة العرب الكبرى في العصر الحديث بالغزو العراقي الغادر للكويت، عندما تسللت قوات العراق إلى الحدود الكويتية خلسة آخر الليل، لتبدأ عملية اغتيال العروبة وتعلن فصلاً مأساوياً جديداً في قضايا الأمة التي لا تندمل جراحها... عِبَر عظيمة نستقيها من تلك الكارثة المريرة، وتبقى إحدى أكبر هذه العبر التضحيات التي قدمها الكويتيون، رجالاً ونساءً، للذود عن وطنهم والوفاء العظيم الذي أظهروه لأرضهم ولنظامهم ولحكمهم الذي زال فجأة.

عجز العراقيون أن يجدوا كويتياً واحداً يقف معهم بالرغم من محاولاتهم بالترغيب والترهيب والقهر والتعذيب، وباءت هذه المحاولات الخبيثة بالفشل الذريع، ليرى العراقيون أمامهم وطناً اختُرِقت حدوده ولا تُختَرق قلوب أبنائه، وبلداً تُسرَق معالمه ولا تسرق أرواح مواطنيه، فانكشفت خدعة النظام العراقي بإنشاء مهزلة الحكومة الحرة المؤقتة، ثم إعلان اختطاف الكويت بأكذوبة عودة الفرع إلى الأصل وإقامة المحافظة العراقية التاسعة عشرة.

الكويتيون في الداخل وفي الخارج قدموا التضحيات لحماية الكويت وحماية نظام الحكم، لم يتخلَّ الكويتيون عن عهد آبائهم وأجدادهم قبل أكثر من ثلاثمئة عام بمبايعة أسرة الصباح لإدارة الدولة بالمشاركة وبالمشورة التي تم الاتفاق عليها، وتجاوز الكويتيون في محنة الغزو الآثم وفي لحظات من الصفاء والنقاء الإنساني النادر كل العثرات السياسية والاجتماعية التي عانوها قبل الثاني من أغسطس، وقدموا مصالح بقاء الوطن واسترداده على كل ما سواها من الحظوظ التي حاول البعض مساومتهم عليها واستغلال حالة الضعف والانكسار الرهيبة التي مررنا بها.

في الداخل، نظم الصامدون مقاومة عسكرية أرعبت جنود الاحتلال وطردت النوم من أعينهم والتزموا عصياناً مدنياً بكل صلابة، فلم يستجيبوا لمحاولات النظام العراقي اليائسة بإعادة الحياة إلى مرافق الدولة أو تنفيذ القرارات الإدارية المضحكة التي كانت تصدر بين الفينة والأخرى، وأما في الخارج فيكفي أن نستذكر «مؤتمر جدة الشعبي» في أكتوبر 1990، وكفى به علامة فارقة في تاريخ الوطن.

إن شعباً بهذا الوفاء والأمانة والصدق في العهد والفداء لهو شعب كبير يستحق أن يجازى بمثل ما قدم وأن يعامَل كما تفانى يوم الشدة، فماذا يريد الكويتيون في بلادهم إلا احترام مشاركتهم في الحكم كما ورد في الدستور والعدالة الحقة وتطبيق القانون واستغلال موارد الدولة بالشكل الأمثل ومحاربة فساد الكبير قبل الصغير، ورعاية قيمنا وديننا لنحافظ على بلادنا الغالية ونسلمها لمن بعدنا كما ورثناها من السابقين؟ والله الموفق.

back to top