الكاتب السيناريست أحمد مراد: السينما هي الأسرع في الوصول إلى الجمهور

نشر في 07-08-2017
آخر تحديث 07-08-2017 | 00:02
الكاتب السيناريست أحمد مراد
الكاتب السيناريست أحمد مراد
أعاد للرواية جمهورها بعد سنوات من الخصام والبُعد، وعندما اقتحم السينما حقّق النجاح بأفلام غير تجارية رافضاً شعار «الجمهور عاوز كده». إنه الكاتب والسيناريست أحمد مراد الذي يعرض له راهناً فيلم «الأصليين»، تجربة جديدة أثارت كثيراً من الجدل. عن أحدث أعماله وقضايا فنية عدة التقيناه.
كيف جاءت فكرة الكتابة للسينما مباشرة في «الأصليين»؟

في المرات السابقة، كنت أكتب الرواية ثم أحوِّلها إلى السينما. ولكن وجدت ضرورة أن أختصر الزمن وأذهب إلى السينما مباشرة. مثلاً، تحتاج فكرة «الأصليين» إلى سرعة في التناول بدلاً من كتابة رواية ثم انتظار عامين لأقدم فيلماً، وربما تكون الفكرة غير صالحة للطرح حينها، بالإضافة إلى أني رأيت أنها لا تحتاج إلى لغة أدبية بقدر اللغة السينمائية والصورة لتصل إلى الجمهور، فضلاً عن أن العمل مباشرة للسينما يمثِّل تحدياً لي من دون الاستناد إلى أني كاتب روايات.

تميل أعمالك إلى الغموض دائماً، ما السبب؟

ليس ذلك غموضاً بالمعنى المفهوم، بل محاولة ليبحث الجمهور عن الحل والهدف. طريقة التعليم التي تعتمد على التلقين مع أفلام الأبيض والأسود التي تنتهي غالباً نهاية واحدة، جعلت المتفرج كسولاً يريد الحل جاهزاً، وهو ما أحاول ألا أقدمه. كذلك يعتمد الأمر على الفكرة في المقام الأول. في رواياتي كافة ثمة تنوع إلى حد ما.

ما سبب اختيار هذا الاسم تحديداً؟

منذ البدء بكتابة العمل حتى عرضه، اخترت نحو 25 اسماً، حتى وصلنا إلى الاسم الأخير وهو الأنسب، فضلاً عن أن كلمة «الأصليين» أصبحت دارجة في مجتمعنا الآن وكل فريق أو حزب يطلقها على نفسه باعتبار أنه الأفضل فيما البقية غير ذلك، حتى في الدين وفي الانتماء.

دلالات

ألا يحمل الفيلم أية إسقاطات سياسية؟

الفيلم خيالي، مجهول الزمن والعصر. ثمة طرائق عدة لفهم الفكرة. ربما ترى «الأصليين» جماعة سياسية احتكرت الوطنية، أو دينية احتكرت الدين... إذ تحتمل الفكرة معاني عدة، ما يجعلها صالحة للأوقات كافة. كذلك لم نتهم أو نُشير إلى أية جهة ما. أشير هنا إلى بحث يؤكد أن المواطن الإنكليزي مُراقب بثلاث كاميرات على الأقل في تحركاته كافة، ولكن هذه الفكرة كانت مدخل الفيلم إلى أمر أعم وأشمل من ذلك.

تحمل حكاية «ياسين وبهية» دلالات جميلة في الفلكلور المصري، وهما بطلان بالنسبة إلى كثيرين، على عكس ما تبيّن في الفيلم.

هي صورة من الأكاذيب التي مورست علينا زمناً طويلاً، مثل «المصري الأذكى في العالم، والمصري الذي ترميه في البحر فيرجع ومعه مركب»، وما إلى ذلك من روايات صدقها الجميع، ومنهم سمير أحد أبطال الفيلم. ولكن بعد تغيّره بحث عن أصل الحكاية واكتشف فعلاً أن بهية وياسين لم يكونا بطلين بل هما لصان. بالمناسبة، هما فعلاً كذلك بحسب رواية المؤرخ الراحل جمال بدوي في كتابه «مصر من نافذة التاريخ»، وأرشيف الأهرام الذي يتطرّق إلى مصرعهما. والمقصود في الفيلم ألا أحد يحتكر الحقيقة، ولا بد للإنسان من أن يتحرّر من الخرافات ويبحث بنفسه عن الحق.

انتقادات

تعرّض الفيلم للانتقاد بسبب بطء الإيقاع والخلل في السيناريو، كما قال البعض.

كُتب السيناريو بهذه الطريقة لأنها الأنسب لفكرة العمل، ولا يمكن أن يكون إيقاعه أسرع من ذلك. لا بد من أن يصل إحساس «سمير» وتحولاته إلى الجمهور، فيشعر بها ويعيش معه. ولو كنا بحاجة إلى إيقاع أسرع لنفذناه، فإيقاع الفيلم يحدِّده المضمون فيختلف «الأكشن» عن الرومانسي والتراجيدي.

مشهد محاضرة «ثريا» طويل إلى حد ما. ما السبب؟

مدة المشهد خمس دقائق، وهي بالنسبة إلى زمن الفيلم ليست طويلة. المشهد أحد أهم مشاهد الفيلم، وهو السبب في تحوّل شخصية سمير ورفضه سيطرة الأصليين، ويتضمّن شغلاً كبيراً بالكاميرا والغرافيك والألوان، ولا يحتوي على جملة بلا هدف أو أهمية. كذلك شخصية «ثريا» هي المقابل للشخصيات كافة، ومن خلالها يتحقّق التوازن الفني في الفيلم. من ثم، لكل مشهد أهميته الكبيرة.

تردّد الحديث عن الحضارة الفرعونية أكثر من مرة بعيداً عن فكرة الفيلم.

على العكس، الحضارة الفرعونية في صلب فكرة الفيلم. عندما كان الإنسان المصري راقياً ومتحضراً صنع حضارة كبيرة وعظيمة، وعندما تقيَّد وادعى البعض منه أنه صاحب الوطن والدين وصلنا إلى ما نحن عليه الآن. ينتصر الفيلم للحب والجمال والحرية، ويبحث عن الحقيقة، وهو ما قامت عليه الحضارة الفرعونية، وما وضحته «ثريا» في مشاهد عدة.

رقابة وعرض

كيف تعاملت الرقابة مع الفيلم؟

كانت الرقابة على مستوى عال من الفهم، وأدركت نوع الخيال في الفيلم وأنه مهم فنياً، وصرحت به من دون أية ملاحظات حتى بعد انتهاء التصوير.

كيف ترى توقيت عرض الفيلم؟

أرى أن هذا الموسم هو الأفضل على الإطلاق، ولا يقتصر على أيام العيد، بل يمتدّ شهرين على عكس رأس السنة أو شمّ النسيم، وهو فرصة كبيرة ليشاهد الجمهور الفيلم بعيداً عن أيام العيد المزدحمة. لنعرف مدى نجاح الفيلم لا بد من أن نقارنه بالنوعية نفسها من الأفلام وليس الحركة والكوميديا، ومع ذلك حقَّق «الأصليين» نجاحاً طيباً وإيرادات جيدة حتى الآن، والدليل أنه لم يُرفع بعد أيام كما حدث مع أفلام في مواسم أخرى.

ما جديدك في الفترة المقبلة؟

بعد فترة نبدأ بالتحضير لفيلم «تراب الماس» مع مروان حامد وآسر ياسين والشركة المنتجة.

نهاية محبطة

حول نهاية «الأصليين» التي رأى البعض أنها محبطة بسبب استمرار المراقبة والسيطرة، يوضح أحمد مراد: «المراقبة موجودة وستبقى حاضرةً في العالم كله، والدليل أن «الأصليين» ظهر لهم «أصليون آخرون» واكتشفنا أن رشدي نفسه مُراقب. كذلك سمير انتصر في النهاية عندما قرّر أن يعيش بحريته ويكسر القيود ويتجاهل الأصليين، فلا يهم أن يُراقب المهم ألا يُخطئ وأن يعيش بحرية وهو ما حدث، والتقى ثريا في النهاية وأخذ رقم هاتفها المُراقب».

«الأصليين» فيلم خيالي ينتصر للحب والجمال والحرية

الرقابة كانت على مستوى عال من الفهم في التعاطي مع الفيلم
back to top