كيف يستطيع الاتحاد الأوروبي معاقبة بولندا؟

نشر في 31-07-2017
آخر تحديث 31-07-2017 | 00:06
 إيكونوميست عندما بدأ الاتحاد الأوروبي توسعه شرقاً في منتصف تسعينيات القرن الماضي، كان على الدول الراغبة في الانضمام إلى هذه الكتلة، أن تلتزم بمعايير الديمقراطية، وحقوق الإنسان، وحكم القانون، وتمتع الاتحاد الأوروبي بتأثير كبير في الدول الطامحة، وهنا واجه سياسييه سؤال محير: ماذا لو أدار بلد ظهره إلى تلك القيم بعد انضمامه؟

شكّلت المادة 7 من اتفاقية الاتحاد جواباً لهذا التساؤل، إذ ظهرت أول نسخة منها في معاهدة أمستردام عام 1999، وجاء فيها أن الحكومات التي تنتهك قيم الاتحاد الأساسية ستواجه العقوبات، بما فيها تعليق حقوق التصويت، وكانت النمسا أحد أبرز مؤيدي إضافة هذه المادة، غير أنه عندما انضم حزب الحرية اليميني المتطرف بقيادة يورغ هايدر إلى ائتلاف حكومي عام 2000، وجدت النمسا نفسها مهددةً بالتدبير الذي ساهمت في صوغه.

صحيح أن الاتحاد الأوروبي لم يعلّق حقوق النمسا في التصويت، إلا أنه فرض عليها بعض العقوبات (معظمها رمزي)، لكنها لم تفلح، وظل هايدر يتمتع بشعبية واسعة.

بعد مسألة هايدر، عدّل الاتحاد الأوروبي المادة 7، مضيفاً مرحلة تحذيرية قبل فرض العقوبات، وكان هذا التحذير الرسمي يتطلب موافقة غالبية أربعة أخماس المجلس الأوروبي، ولا شك أن هذه الخطوة ترسل إشارة قوية بأن "خطراً واضحاً يترتب على الانتهاك الكبير" لقيم الاتحاد الأوروبي، أما فرض العقوبات، فيحتاج في هذه الحالة إلى دعم بالإجماع من كل الدول الأعضاء.

منذ فوز حزب القانون والعدالة الوطني البولندي بأغلبية برلمانية محدودة عام 2015 وبدئه العمل على تقويض القيود المفروضة على سلطته، كثر الكلام عن المادة 7، لكن فيكتور أوربان، رئيس وزراء هنغاريا الذي واجه بدوره تلك المادة، شبّه انتقاد الاتحاد الأوروبي لبولندا بـ"محاكم التفتيش"، ولا شك أنه سيرفض أي محاولة لفرض العقوبات عليها.

رغم ذلك، يؤكد دانيال كيليمن، خبير في قانون الاتحاد الأوروبي في جامعة راتجرز، أن مجرد الحديث عن تحذير رسمي، هو خطوة غير مسبوقة، ستزيد الضغط السياسي على حزب القانون والعدالة.

في السادس والعشرين من يوليو، أعلنت المفوضية الأوروبية أنها ستلجأ إلى الجزء الأول من المادة 7، في حال استأنفت الحكومة البولندية جهودها لطرد القضاة من محكمتها العليا، علماً أنها كانت قد تخلت عن هذه الجهود قبل أيام. وفي اليوم عينه، أطلقت المفوضية تدبيراً بشأن انتهاك آخر من بولندا بسبب قانون ثالث وقعه رئيسها أندجي دودا منح الحكومة سيطرة أكبر على المحاكم العادية.

وإلى جانب اللجوء إلى المادة 7، يستطيع الاتحاد الأوروبي في المستقبل فرض شروط على المساعدة التي يقدمها إلى بولندا، ولكن من المفيد أيضاً أن ترفع الحكومات الوطنية في الاتحاد صوتها، وحتى اليوم، لم تتفوه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بكلمة في هذا الشأن.

* كورت ميلز

* (الإيكونومست)

back to top