السور الرابع

نشر في 29-07-2017
آخر تحديث 29-07-2017 | 00:03
 محمد خلف الجنفاوي بني الكويتيون الأسوار لحماية وطنهم من أخطار التطرف والعدوان، ومازلنا نحتاج إلى سور جديد يمنع عنا رياح السموم القادمة من أجندات ضخمة تهدف إلى إحداث تغيير هائل في قادم الأيام بالمنطقة، مع تبادل الأدوار في حروب عبثية لأنظمة حولت شعوبها إلى حطب لتبقى في السلطة مرددة شعارات ثورية وطائفية وتوسعية لا غالب فيها، بل الجميع مغلوب.

في آخر أربعين سنة اتضح جلياً هذا العبث بين حلف الاستبداد المرضي عنه في منطقة تصدر النفط وعالم صناعي يهمه في المقام الأول استيراد نفط رخيص، فضلاً عن حماية أمن إسرائيل! في تباين مع شعارات الحريات ودعم الأنظمة الديمقراطية كما حدث في أوروبا الشرقية بل حتى في أجزاء من إفريقيا.

سورنا الجديد لن يكون من طين وماء، بل سيكون سُوراً اقتصادياً من خلال ربط المصالح مع الدول الصناعية بمشاريع كبري على أرض الكويت مع دعوة النخب والسياسيين والمثقفين إلى تطوير العملية السياسية من خلال اتفاق لنقل هذه العملية إلى مرحلة مهمة، وهي إشهار الأحزاب البرامجية، على أن يصاحب ذلك قانون يجرم الأحزاب ذات اللون الواحد والمشاريع الخارجية، فهذا يحمي العملية السياسية بل يحمي الكويت كلها، وطناً ومواطنين، من تجار التطرف الفكري والسياسي وتجار الفتنة في الداخل وحمقي الشهرة، والأهم الاستمرار في سياسة الحياد الإيجابي ودعم مشاريع التقارب ولغة المصالح المشتركة الموجودة أصلا.

هذه الأحلام الضخمة من شأنها أن تنقل الكويت وشعبها إلى الأمام، غير أنها تحتاج إلى حكومة نشيطة لديها مشاريع وخطط عمل، وهي موجودة في الأدراج، كما ينبغي أن يكون لدى رئيسها القصد والصلاحية المفتوحة، فتجده يعقد مؤتمراً في أوروبا واليوم التالي في واشنطن، ثم إلى بكين وبعدها إلى آسيا في ظرف أسبوع، مع حملة إعلامية اقتصادية ولقاءات مع الإعلام والشركات الكبري لتوضيح استراتيجية الكويت الجديدة، وطلب الدعم لها، والمشاركة بها... هذا هو السور الجديد الذي تحتاجه الكويت للعصر الحالي لحمايتها بتلك الفكرة التي أسسها الأجداد بعيداً عن التطرف والانعزال والانزواء بحروب طواحين الاستبداد، إنها مهمة كبيرة تحتاج إلى رجال ونساء الكويت الواعين لما يدور في العالم من تغيرات وتحولات، وهذا يتطلب إعلاماً جديداً في القطاع الخاص، فالكويت جديرة بذلك لما تملكه من حريات وتعدد فكري وشعب مارس الحرية حتى في اختيار حكامه، تلك الحرية والمشاركة في السلطة والمال العام هي خيار الشعب والحكم، والمهم التغيير للأفضل لا التغني بالماضي الذي لن يعود إلا للدرس، ولنا في سياسة السلة الواحدة في البوابة العبثية وبداية التيه في 2/8/ 1990 أكبر درس.

***

أصحاب العقول العظيمة يجب أن يكون مستعدين دائماً لا لمجرد اغتنام الفرص بل صناعتها أيضاً.

(تشالرز كاليب)

back to top