الصين تقمع الاستحواذات غير المنضبطة لشركاتها في مشروع طريق الحرير

نشر في 28-07-2017
آخر تحديث 28-07-2017 | 20:15
رئيس مجموعة واندا الصينية وانغ جيانلين
رئيس مجموعة واندا الصينية وانغ جيانلين
يقول يو وانغ في حديث إلى مجلة «فوربس»: في الربع الأول، تم إما إلغاء أو رفض اتفاقات موجهة إلى الخارج بقيمة إجمالية تبلغ 16 مليار دولار وذلك بحسب ديلوجيك.
في سنة 2013 أعلن الرئيس الصيني زي جينبنغ شيئاً يدعى مبادرة «الحزام والطريق»، التي كانت ستمثل إطار عمل بقيمة تريليون دولار من أجل توجيه الاستثمارات الخارجية الصينية وتطوير البنية التحتية والتجارة وغير ذلك من الحملات الدولية.

ولا يزال الغموض يكتنف ما تتكون منه حقاً تلك المبادرة، ولم تعلن قط الأسس، التي تقوم عليها. ويصعب في أغلب الأحيان التمييز بين المشاريع التي تعتبر جزءاً من المبادرة وتلك التي لا تعود إليها، لكن هذا لم يمنع القطاع الخاص في الصين من القفز إلى جوقة الصين الدولية والشروع في موجة استثمارات عالمية خاصة به.

وخلال العامين الماضيين انطلق البعض من شركات القطاع الخاص الكبرى في الصين نحو الساحة الدولية مثل أطفال متحمسين اندفعوا بحرية في متنزه – وقامت بشراء أشياء واستحوذت على أخرى وطرحت كميات هائلة من العملة المحلية المتبادلة في سياق هذه العملية في الدول الأجنبية.

والسنة الماضية، أجرت الشركات الخاصة حوالي نصف عمليات الاستثمارات الخارجية البالغة 226.5 مليار دولار، كما أن شركات مثل «واندا» قدمت عشرات المليارات من الدولارات من أجل الاستحواذ على شركات أجنبية مثل أيه إم سي إنترتينمنت هولدنغز وأوديون & يو سي آي سينيماس وليجندري إنترتينمنت»AMC Entertainment Holdings, Odeon & UCI Cinemas, Legendary Entertainment» فيما أنفقت مجموعة «أنبانغ» للتأمين المليارات من الدولارات على أشياء مثل فندق «والدورف أستوريا» في نيويورك.

وردت بكين على هذا بتشديد قوي على رأس المال، الذي هدف إلى تقييد حركة العملة المحلية، التي كانت تتدفق خارج البلاد عبر تحديد كميات الأموال التي يمكن مبادلتها بعملة أجنبية والتدقيق في العمليات الخارجية الكبيرة.

وبدت هذه الإجراءات ناجحة إلى حد كبير، حيث قلصت على الفور العديد من عمليات الاستيلاء الضخمة الدولية من قبل الشركات الخاصة الصينية ومنعت شركات أخرى من مجرد الشروع في هذه الخطوة.

ويقول يو وانغ في حديث إلى مجلة «فوربس»: في الربع الأول، تم إما إلغاء أو رفض اتفاقات موجهة إلى الخارج بقيمة إجمالية تبلغ 16 مليار دولار وذلك بحسب ديلوجيك.

وخلال الفترة ذاتها، أعلنت الصين 121 اتفاقاً موجهاً إلى الخارج بقيمة 25 مليار دولار، وهي وتيرة أكثر بطئاً بأشواط عن السنة الماضية عندما شهدت الصين استثمارات أجنبية بلغت 794 اتفاقاً بقيمة 226 مليار دولار. لكن يبدو أن تلك الاجراءات لم تكن كافية.

والشهر الماضي دخلت حيز التنفيذ حملة قمع بموافقة الرئيس الصيني زي جينبنغ هدفت إلى محاربة الاستحواذات الأجنبية من قبل الشركات الخاصة الصينية مع زيادة استياء جهات التنظيم المصرفية من قيام حفنة من الشركات الكبرى برفع موجودات محافظها الدولية في السنوات الأخيرة.

وتركزت الأهداف الرئيسية على أربع شركات كانت مسؤولة عن 18 في المئة «55 مليار دولار» من استثمارات الصين الخارجية خلال العامين الماضيين، وهي مجموعة «إتش إن أيه» ومجموعة «أنبانغ» للتأمين و»فوصن إنترناشيونال» و«واندا»، وقد منعت الأخيرة من أخذ قروض جديدة من البنوك المملوكة للدولة.

وافترضت بكين أن الخطوة الرامية إلى خفض تصرف الشركات الخاصة في الأسواق الخارجية من قبل الصين مثل ردة فعل براغماتية إزاء الديون التي تراكمت عبر «استثمارات غير عقلانية»، لكن يبدو أن هناك أسباباً أقل وضوحاً وراء حملة القمع.

ولا تزال الأصول المملوكة للدولة سواء في الصين أو الخارج أصولاً للدولة، ولكن عندما يقوم رواد الأعمال بإخراج أموالهم خارج البلاد فإنها تختفي، وهي لا تعود أشياء تستطيع الصين أو الحكومة الصينية الاستفادة منها أو التصرف بها، كما أبلغ المحامي تاو صحيفة وول ستريت جورنال أخيراً.

يذكر أن الاستثمارات الخارجية ليست أشياء جديدة على الصين وقد بدأت الحكومة المركزية اتباع سياسات على نطاق واسع لتحسين هذا المسار. وعلى سبيل المثال، في سنة 1999 وقبل أن تصبح الصين عضواً في منظمة التجارة الدولية بدأت بكين بسياسة التوجه نحو الخارج، التي كانت عبارة عن إطار عمل لتشجيع الاستثمارات الصينية في الخارج والاستحواذات الخارجية على شكل طريقة لاستهلاك الاحتياطيات الأجنبية الزائدة التي كانت تعرض اليوان لضغوط تصاعدية.

ويمكن أن تعتبر هذه السياسة على شكل بشير لمبادرة الحزام والطريق. لذلك فإن بكين تؤيد الاستثمارات الأجنبية، لكن ليس من النوع الذي لا تستطيع السيطرة عليه – أي المشاريع المملوكة للدولة بعكس الشركات الخاصة.

وكما تبين، فإن حملة القمع الجديدة تبدو فعالة مع إعلان رئيس شركة «واندا» وانغ جيانلين، أن شركته سوف تعود إلى الوطن من أجل تركيز استثماراتها في الأسواق المحلية، فيما انهمك أيضاً في عملية بيع أصول كبيرة للأصول بغية تسديد بعض ديون الشركة.

وبعد كل شيء، أصبح واضحاً أن مبادرة الحزام والطريق لن تمضي في المسار ذاته، الذي مضت إليه «النافتا» بالنسبة إلى الولايات المتحدة أو فورة الإنفاق الواسعة بالنسبة إلى اليابان في الثمانينيات من القرن الماضي.

back to top