إفريقيا تشكل الحدود الجديدة للصيرفة الإسلامية

نشر في 22-07-2017
آخر تحديث 22-07-2017 | 00:00
في شمال إفريقيا، حيث تشكل الشريحة الإسلامية ما يصل إلى 96% من عدد السكان، تعثرت أعمال التمويل الإسلامية خوفاً من أن يعني ذلك طرح تطبيق الشريعة عن طريق أبواب خلفية.
 إيكونوميست في عام 2008 اختبر البنك المركزي المحافظ في اثيوبيا طريقة جديدة في التعاملات المصرفية حين سمح بعمليات مصرفية من دون فائدة، والمعروف أن الفائدة محظورة وفقاً للشريعة الاسلامية، ومن هذا المنطلق تمت الاشادة بهذه العملية باعتبارها خطوة نحو توسيع الخدمات المالية التي تقدم الى الأقلية المسلمة الكبيرة في البلاد والتي تعاني في أغلب الأحيان الفقر.

ولكن هذا الزخم تعثر قبل مرور وقت طويل وفشلت محاولة اطلاق بنك اسلامي بعمليات كاملة، ويعرض معظم بنوك اثيوبيا التجارية الكبيرة اليوم حيزا ضيقاً من المنتجات المالية الاسلامية، ولكن لقلة من العملاء، وهكذا فإن التمويل الاسلامي في اثيوبيا ولد ميتاً.

وفي خارج إفريقيا يعتبر التمويل الاسلامي في حال أفضل كثيراً، كما أنه في الفترة ما بين 2007 الى 2014 تضاعف حجم هذا القطاع الى ثلاثة أمثاله (على الرغم من أن النمو فيه شهد تباطؤاً في الآونة الأخيرة) وقد وصل اجمالي الأصول الى حوالي 1.9 تريليون دولار، وتشكل شبه الصحراء الإفريقية أقل من 2 في المئة من هذا الرقم، ولكنها على الرغم من ذلك يجب أن تكون منطقة خصبة ومجزية بصورة خاصة. ويبلغ عدد السكان المسلمين في إفريقيا أكثر من 250 مليوناً وهم في ازدياد أيضاً، كما أنه بحسب معلومات البنك الدولي ليس لدى ما يصل الى 350 مليون إفريقي حسابات مصرفية.

ويجهد العديد من الدول الى التحول الى وجهات إفريقية لعمليات الصيرفة الاسلامية، ولدى كينيا التي توجد فيها نسبة من المسلمين أقل من اثيوبيا ثلاثة بنوك اسلامية اضافة الى شركة تأمين اسلامية، وتعرض خمسة بنوك تقليدية منتجات تتوافق مع الشريعة الاسلامية عن طريق "نوافذ" اسلامية، وفي شهر ديسمبر الماضي انضمت كينيا الى مجلس الخدمات المالية الاسلامية وهي هيئة تنظيمية تتخذ من ماليزيا مقراً لها، وهي تأمل أيضاً في اصدار الصكوك السيادية التي تمثل رداً على السندات خلال العام الحالي أو المقبل، ومن شأن هذا جمع أموال من أجل أعمال البنية التحتية والمساعدة على تعزيز أسواق رأس المال الاسلامية. وتخطط نيجيريا التي يوجد فيها بنك اسلامي واحد للقيام بالشيء نفسه، وقد أصدرت السنغال أول شريحة من صكوكها في سنة 2014 وتمكنت من جمع 208 ملايين دولار، وفي العام نفسه جمعت جنوب إفريقيا ما يصل الى 500 مليون دولار في أول اصدار لسندات اسلامية دولية، وبلغ اجمالي الاصدار في القارة الإفريقية في سنة 2016 1.3 مليار دولار، وهو مبلغ يشمل اصدارات من السنغال والكوت دو فوار وتوغو.

اختلافات الصكوك

المعروف أن الصكوك السيادية شيء والصناعة التي تتوافق مع الشريعة وتخدم القطاع الخاص شيء مختلف تماماً، وفي شمال إفريقيا حيث تشكل الشريحة الاسلامية ما يصل الى 96 في المئة من عدد السكان تعثرت أعمال التمويل الاسلامية بسبب الخوف من أن ذلك يعني طرح الشريعة الاسلامية عن طريق أبواب خلفية.

ويقول ثورستن بك من جامعة سيتي في لندن إن المشاكل في جنوب الصحراء هيكلية بقدر أكبر، كما أن البنوك الاسلامية في معظمها صغيرة وكانت تسيطر في كينيا على أقل من 2 في المئة من السوق في سنة 2015، وعلى الرغم من أن عمليات الاقراض في إفريقيا تعاني معدلات فائدة عالية جداً – وهو ما يعطي شركات الاقراض الاسلامية ميزة جلية – فإنها تواجه الصعوبات الأساسية ذاتها مثل شركات الاقراض التقليدية. ويلاحظ السيد بك أن "العديد من المشاريع ببساطة ليست مصرفية النوعية"، ولذلك فإن قلة فقط من الأصول يمكن أن تستخدم بسهولة على شكل ضمان جماعي. والأكثر من ذلك أن مصادر تمويل البنوك الاسلامية هي بشكل رئيسي قصيرة الأجل ما يجعل من الصعب بالنسبة لها عرض تمويل طويل الأجل.

العقود الإسلامية

وتعتبر العقود الإسلامية معقدة، وهي تتطلب مراقبة قوية خاصة، ولا تعرف الهيئات التنظيمية حتى الآن كيفية التعامل مع هذا القطاع، بحسب خالد العبودي من بنك التنمية الاسلامي. وعلى الرغم من أن السنغال عمدت الى اصدار نوعين من الصكوك لا يزال يتعين عليها طرح أنظمة محددة تتعلق بالتمويل الاسلامي.

ويشتكي اونيانغو اوبيرو من الفرع الجديد لبنك دبي الاسلامي في كينيا من أن المعاملات الاسلامية لا تزال تواجه ضريبة مضاعفة نظراً لأنها في أغلب الأحيان تشتمل على شراء أصول وإعادة بيعها وتتعرض لدفع ضريبة عن كل عملية، وهو ما يجعل من الصعب على هذه العمليات أن تنافس.

وتجادل كبرى شركات هذه الصناعة في وجود مشاعر مكتومة تتعلق بالطلب بين السكان المسلمين في القارة الإفريقية، وتشير الأدلة الى أن البعض من السكان المسلمين يعزفون عن التمويل التقليدي لأسباب دينية، وأظهرت دراسة أجراها البنك الدولي أن المسلم الإفريقي أقل رغبة من غير المسلم في فتح حساب مصرفي.

وعلى أي حال فإن الأقل وضوحاً هو أن التمويل الاسلامي الطريقة الناجحة، ولا تبدو البنوك الاسلامية موجهة الى الفقراء، كما أن الابتكارات التقنية، مثل الدفع عن طريق الهواتف الجوالة، ليست مقبولة تماماً من جانب العملاء المسلمين.

مصادر تمويل البنوك الإسلامية هي بشكل رئيسي قصيرة الأجل ما يجعل من الصعب بالنسبة إليها عرض تمويل طويل الأجل

لدى كينيا التي توجد فيها نسبة من المسلمين أقل من إثيوبيا ثلاثة بنوك إضافة إلى شركة تأمين كلها إسلامية
back to top