حزبي

نشر في 13-07-2017
آخر تحديث 13-07-2017 | 00:20
 محمد الوشيحي "خائنٌ كل من ينتمي إلى حزب"... "حزبي هو الكويت. الكويت التي ربتني وعلمتني وطببتني"... "التيارات السياسية تريد المشاركة في الحكم وصنع القرار، وهذا دليل خيانة".

هذه بعض المقولات البلاستيكية التي يرددها بعضنا بصوت مبحوح يختلط بالنشيج، ويغلفها بدموع النفاق، ويتقرب بها إلى المسؤولين في السلطة! هكذا إذاً "كل حزبيٍّ خائن"، وبالطبع كل من يتعاطف مع الخائن خائن. يا عيني.

ولو أنك أخذت هذه المقولات البلاستيكية، ورميتها على طاولة الشعوب في أوروبا أو أميركا أو اليابان لانهبلوا هبلاً عظيماً. ولو ألقيت هذه المقولات على مسامع المسؤولين في مشارق الأرض ومغاربها لأصيبوا بالتشنج والرعاش في اليد اليمنى والقدم اليسرى، إذ إن كلاً منهم ينتمي إلى حزب، لذلك فهو خائن لا محالة ولا ضحالة.

سيجد رئيس أميركا نفسه خائناً، كبدي عليه. وتجد رئيسة وزراء بريطانيا نفسها "متغلفصة" في شباك الخيانة، وتجد أنجيلا ميركل، المستشارة الألمانية، نفسها تحت قصف الشعب الألماني: "يا حزبية يا باحثة عن السلطة يا خائنة يا بنت الخائنة"... وهكذا تتحول هيئة الأمم المتحدة إلى تجمع كبير ينتمي إليه الخونة، باستثناء القيادات العربية وبعض الدول الغلبانة.

وفي البرلمان الكويتي، الذي ابتُلينا به وابتُلي بنا، يريد بعض نوابه تجريم الانتماء إلى التيارات السياسية، وبذلك نصطبغ كلنا بلونٍ واحد، سادة، ونتحول إلى دراويش يمشون بملابسهم الرثة خلف السلطة، يمجّدونها ويسبّحون بحمدها... طيب ما الدافع لهذا كله؟ الدافع هو الوطنية البحتة.

هم وضعوا شرطاً خبيثاً، وهو أن التيار السياسي يجب أن يكون مرخصاً، كي يتسنى الانتماء إليه! والمشكلة أن الحكومة لا ترخص هذه التيارات، إذاً الجميع سيقع تحت "طاولة القانون" على رأي اللمبي، وسندخل في حيص بيص لا أول له ولا آخر. وكان الأولى إجبار الحكومة على تقنين الانتماء إلى التيارات السياسية المختلفة، كما في كل ديمقراطيات العالم. لكن لا نقول إلا يا عيني على الاقتراحات اللذيذة وعلى ديمقراطية الحادا بادا.

back to top