الحكومة ترفع أسعار الوقود... وتثير صدمة واستياء

• زيادة المحروقات 54% والغاز 100%
• إسماعيل: في مصلحة المواطن وتدعم محدودي الدخل

نشر في 29-06-2017
آخر تحديث 29-06-2017 | 21:30
ماكينة تعبئة وقود تظهر الأسعار الجديدة داخل محطة في القاهرة أمس (رويترز)
ماكينة تعبئة وقود تظهر الأسعار الجديدة داخل محطة في القاهرة أمس (رويترز)
سادت حالة من الاستياء الواسع الممزوج بالصدمة بين المصريين، أمس، بعدما أعلنت حكومة شريف إسماعيل موجة جديدة من زيادة أسعار المحروقات، مما يعني موجة جديدة من ارتفاع الأسعار، في وقت يعاني أغلب المصريين معدلات تضخم غير مسبوقة، وبررت الحكومة، التي تعاني انخفاضاً حاداً في الشعبية، قرارها بأنه يأتي في مصلحة المواطن ومحدودي الدخل.
عشية الذكرى الرابعة لثورة "30 يونيو 2013"، وفي ضربة جديدة تزيد معاناة الطبقة الوسطى ومحدودي الدخل، أعلنت الحكومة المصرية زيادة أسعار المحروقات اعتبارا من صباح أمس الخميس.

وقال وزير البترول طارق الملا إنه تم رفع أسعار الوقود، منذ الساعة الثامنة من صباح أمس، بنسب متفاوتة، بهدف خفض تكلفة دعم الطاقة في ميزانية العام المالي الجديد 2017/2018، بداية من مطلع يوليو، وتعد هذه هي المرة الثانية التي تلجأ فيها الحكومة المصرية إلى رفع أسعار المحروقات في ثمانية أشهر.

وزير البترول والثروة المعدنية أوضح نسب الزيادة برفع سعر لتر بنزين 80 من 2.35 إلى 3.65 جنيهات بنسبة 54 في المئة، ولتر بنزين 92 من 3.5 إلى خمسة جنيهات بنسبة 43 في المئة، ولتر بنزين 95 من 6.25 إلى 6.60 جنيهات بنسبة 6 في المئة، والسولار من 2.35 إلى 3.65 جنيهات بنسبة زيادة 54 في المئة، وأسطوانة البوتاغاز من 15 إلى 30 جنيها، بنسبة زيادة 100 في المئة، وسعر غاز السيارات من 1.60 جنيه إلى جنيهين للمتر المكعب.

وأشار الملا إلى أن رفع أسعار الوقود يأتي في إطار خطة ترشيد الدعم، وسيحقق وفرا في فاتورة دعم الطاقة بنحو 35 مليار جنيه، مبينا أن إجمالي حجم دعم المواد البترولية في الموازنة الجديدة سينخفض إلى 110 مليارات جنيه من 145 مليارا.

وشدد على أن تأجيل زيادة أسعار المحروقات سيكون حملا على موازنة الدولة.

وتتخذ الحكومة المصرية إجراءات اقتصادية قاسية على جيوب البسطاء والأقل دخلا، استجابة لإملاءات صندوق النقد الدولي، الذي وافق على إقراض مصر 12 مليار دولار على ثلاث سنوات، بعد رضوخ القاهرة لشروطه، فأعلنت تعويم الجنيه بشكل كامل، ليقفز سعر صرفه الرسمي من 8.88 إلى 18 جنيها، في حين أقرت الحكومة زيادة أسعار المحروقات 3 نوفمبر الماضي، مما أدى إلى موجة غير مسبوقة من غلاء الأسعار، ووصل معدل التضخم إلى رقم غير مسبوق منذ الحرب العالمية الثانية.

تبريرات حكومية

رئيس الحكومة شريف إسماعيل، الذي يعاني انخفاضاً حاداً في الشعبية، خرج في مؤتمر صحافي أمس في محاولة لتبرير زيادة أسعار المحروقات، قائلا إن دعم الوقود خلال العام المالي الحالي الذي ينتهي اليوم الجمعة، كان مرتفعا رغم زيادة سعر المحروقات في نوفمبر الماضي، مشددا على أنه لو لم تتخذ الحكومة قرار زيادة أسعار الوقود لكان الدعم سيصل إلى 150 مليار جنيه في العام المالي الجديد، بما يؤثر سلبا على مخصصات الصحة والتعليم.

ووصف إسماعيل القرار بأنه تصحيح لمسار دعم الطاقة وإيصال الدعم لمستحقيه، وأنه في مصلحة المواطن، وهذه المرحلة لا تحتمل أي تأجيل في القرارات، وأن قرار رفع أسعار المحروقات يعتبر دعما مباشرا للمواطن، وتحسينا للخدمة المقدمة للمواطن.

وأشار إلى أن بيع إسطوانة البوتاغاز بـ30 جنيها بعد الزيادة، جاء لأن تكلفتها الفعلية تصل إلى 115 جنيها، أي أن السعر الجديد يمثل 25 في المئة من تكلفتها الفعلية، مشددا على أن الزيادة في أجرة الرحلات الداخلية في المحافظات لن تتجاوز 10 في المئة، وأن الحكومة لن تسمح باستغلال المواطنين.

استياء واسع

في المقابل، سادت حالة من الغليان في الشارع المصري انعكست بوضوح على مواقع التواصل الاجتماعي، رفضا للزيادة الجديدة في المحروقات التي تعني زيادة في تنقلات المصريين وزيادة جميع السلع بنسب مختلفة، وبدأت معالم الزيادة مبكرة إذ بدأ سائقو سيارات النقل الجماعي (الميكروباص) رفع الأجرة من أنفسهم بما لا يقل عن نصف جنيه، في حين أغلق سائقو سيارات الأجرة (التاكسي) العدادات وفضلوا وضع تسعيرة خاصة حسب كل رحلة، مما أدى إلى مشادات واشتباكات بين السائقين والركاب.

وفي جولة لـ"الجريدة" في عدد من مواقف سيارات النقل الجماعي بالقاهرة والجيزة، قرر العدد الأكبر من سائقي سيارات النقل الجماعي الامتناع عن العمل حتى تتضح الأمور بإعلان التسعيرة الجديدة بعد الزيادة، في حين أعلن عدد من السائقين رفع سعر الأجرة بشكل منفرد بمعدلات تتراوح بين نصف جنيه وجنيه كامل، مما تسبب في استياء عدد كبير من الركاب.

وقال المواطن تامر مجدي، إن سائقي التاكسي لم يقبلوا فتح العداد، وقرروا غلقه لعدم مناسبة التسعيرة مع الزيادة الجديدة، موجها تساؤلا إلى الحكومة: "بتعذبونا ليه كل يوم بزيادة جديدة؟ حرام اللي بيحصل فينا ده، البنزين غلي وكل حاجة هتغلى معاه".

وتحول "فيسبوك" و"تويتر" إلى عرض حال للمصريين الغاضبين من القرار، إذ نالت الحكومة جانبا غير قليل من الهجوم، مع دعوات "حسبي الله ونعم الوكيل عليكي يا حكومة"، وتساؤلات حول كيفية توفير احتياجات الحياة اليومية مع زيادة الأسعار بصورة متواصلة مع انخفاض قيمة العملة المحلية وثبات الرواتب، في حين نال تصريح رئيس الحكومة بأن القرارات الأخيرة تصب في مصلحة المواطن سخرية لاذعة من المعلقين، إذ صعد هاشتاغ "#البنزين" إلى الأكثر تداولا على "تويتر" طوال ساعات الأمس.

نواب البرلمان عبروا عن استيائهم من تضليل الحكومة لهم، إذ تم إبلاغهم بتأجيل قرار زيادة أسعار المحروقات، لكنهم فوجئوا بإعلانها أمس، مما أثار موجة استياء واسعة بينهم، وهو ما عبر عنه رئيس لجنة الطاقة والبيئة في المجلس، طلعت السويدي، قائلا: "الحكومة لم تستشر البرلمان في الزيادة قبل تنفيذها، كما أنها لم تستجب لطلبات البعض بتأجيل إقرار بعض الزيادات المقررة"، في حين شددت النائبة سحر عتمان على أن الحكومة تجاهلت معاناة الفقراء ومحدودي الدخل، موضحة أن البرلمان ستكون له وقفة أمام هذه الزيادة في جلسات الأسبوع المقبل.

في الأثناء، عبر خبراء اقتصاد عن مخاوفهم من عدم قدرة الحكومة السيطرة على الأسواق التي ستشهد زيادة إضافية في الأسعار، وهو ما عبرت عنه صراحة أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، عليا المهدي، قائلة لـ"الجريدة" إن "الوضع صعب وقدرة الحكومة على مراقبة الأسعار ضعيفة جدا، ولذلك قد تشهد أسعار بعض السلع زيادة لا تقل عن 40 في المئة، لأن السولار وبنزين 80 اللذين تم رفع أسعارهما يرتبطان بنقل السلع الغذائية، فهما أساس النشاط الاقتصادي الحيوي للمواطن من زراعة وصناعة".

ورجحت فشل الحكومة في كبح جماح الأسعار، متوقعة أن يصل معدل التضخم إلى مستوى غير مسبوق.

الى ذلك، أصدر السيسي، أمس، قرارا بتعيين المستشار مجدي أبوالعلا، رئيسا لمحكمة النقض، والمستشار حسين حمزة رئيسا لهيئة قضايا الدولة، والمستشارة رشيدة فتح الباب رئيسة لهيئة النيابة الإدارية، على أن يؤدوا اليمين اليوم.

back to top