Norman... ريتشارد غير «مستشار» يائس في نيويورك

نشر في 27-06-2017
آخر تحديث 27-06-2017 | 00:00
ريتشارد غير بدور نورمان في الفيلم
ريتشارد غير بدور نورمان في الفيلم
بدأ عرض عمل قوي وساخر وغير تقليــدي في دور سينما في الولايات المتحدة، وذلك يعـني أن البالـغين الـذين لا يأبهــون لفيـلم
The Fate of the Furious يستطيـــعون التـوجـه إلى الصالات بثقة.
يشكّل فيلم Norman (نورمان) دراسة ساخرة وممتعة تتناول الطموح، واليأس، والتلاعب، والحظ، يعرضها الكاتب والمخرج جوزف سيدار. يقدّم الأخير، الذي ولد في نيويورك، أول عمل له باللغة الإنكليزية في هذه المدينة. يؤدي دورَ نورمان أوبنهايمر الدسم الممثل المفعم بالحياة الذي لا ينفك يبتكر شخصية المستشار الرئيسة في هذا الفيلم ريتشارد غير، الذي يستغل سحره الغامض بطرائق غير متوقّعة وفاعلة دوماً.

يكرّر نورمان في مشاهد عدة في Norman: «يجب أن أجمعكما معاً». وهذا ما تتمحور حوله حياة بطل سيدار: تعريف الناس أحدهم إلى الآخر، وإقامة الروابط بينهم، وبذل كل ما في وسعه للتقدّم في أسلوب حياته السريع والمجنون في هذه المدينة. يعمل نورمان، الذي يتّخذ من عدد من محال Starbucks

وStaples في مانهاتن نقطة انطلاق له، مستشاراً في عالم «الضرائب المستحقة القبض». يبدو رجلاً يمكنك أن تأتمنه على مالك. يظهر بمعطفه من وبر الجمل ووشاحه الأنيق إنساناً سلساً عموماً، مع أن أساليب نورمان المالية تضفي صفة ملحة ومزعجة على كل تفاعل اجتماعي جديد يخوضه أو حفلة ينجح في اقتحامها.

نجاح وسقوط

يعتبر سيدار أن فيلمه يروي قصة «النجاح المتواضع والسقوط المأساوي في حياة عميل في نيويورك». تبدأ أحجار الدومينو في هذا السرد بالتهاوي عندما يرتّب نورمان للقاء يزعم أنه مرتجل مع نائب وزير التجارة والعمل الإسرائيلي (يؤدي دوره ليور أشكينازي، الذي أبدع في فيلم سيدار Footnote). يشتري نورمان حذاء باهظ الثمن كهدية ترحيب بهذا الرجل في نيويورك. ويشاء القدر ألا ينسى هذا الدبلوماسي المتوسط الشأن هديته هذه عندما يصبح رئيس وزراء بعد سبع سنوات.

بعد هذه المرحلة، يتحوّل Norman إلى قصة ولاء متضارب وخدمات قسرية ومتبادلة. صُوّر الفيلم في نيويورك والقدس، تؤدي فيه شارلوت غاينسبورغ دور خبيرة قانونية تخدم تعاملات نورمان كثيراً من مصالحها. أما مايكل شين، فيجسد دور ابن أخ نورمان، الذي يعرف عمه جيداً ويدرك أيضاً أنه يستطيع أن يجني الفوائد من أعماله الاستشارية.

تدور أحداث فيلم سيدار المميز Footnote في بيئة أكاديمية منعزلة يعيش فيها باحثون دينيون تشتد المنافسة بينهم. قبل هذا العمل، صوّر سيدار في فيلمه Beaufort الكارثي الشديد التوتر وضعاً متأزماً مختلفاً جداً بين جنود قوات الدفاع الإسرائيلية المتمركزة في لبنان عام 2000. لا يركّز هذا المخرج كثيراً على النبل التقليدي الذي يحبه المشاهد في الشخصيات، بل يبدو أكثر ميلاً وانجذاباً إلى القوى التي تحرّك الرجال (والنساء إنما بدرجة أدنى أقل أهمية) في المعارك.

سيدار الساخر

نورمان محارب، ومحتال، وخاسر، ورابح. يعبّر بعض المشاهدين عن استيائهم مما يعتبرونه نوع سيدار الساخر. إلا أنني لا أنظر إلى أعماله من هذا المنظار. سيدار ناقد يعمل على نطاق الإنسان ويبحث بحق عن الوقائع. ومع أن Norman لا يبلغ مصاف Footnote، إلا أنه يظلّ ملحمة مهمة تجمع بين الجد والهزل بإتقان. ولم يسبق أن كان ريتشارد غير أكثر إبداعاً وحيوية على الشاشة.

back to top