قتل الناس وتكفيرهم إرجاف وبغي بغير حق

نشر في 19-06-2017
آخر تحديث 19-06-2017 | 00:00
No Image Caption
بعدما انتشرت الجماعات المسلحة التي ترفع راية الإسلام في أوطاننا العربية، وقامت بعمليات قتل لعموم الناس، فضلاً عن استهدافهم للقوات النظامية من الجيش والشرطة بحجة سعيهم إلى إقامة دولة الإسلام، رافعين بذلك، عن جهلٍ، راية الجهاد، (ذلك المفهوم الإسلامي النبيل ذو الدلالة الواسعة) فشوهوا ذلك الفرض الذي وصفه النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) بذروة سنام الإسلام.

والجهاد في الإسلام، يطلق على مجاهدة النفس والهوى والشيطان، ويطلق كذلك على قتال العدو الذي يُراد به دفع العدوان وردع الطغيان، والنوع الأخير من الجهاد له شروطه التي لا يصح إلا بها، فيقول مفتي الديار المصرية، شوقي علام في فتواه عن "عدم مشروعية قتال قوات الجيش والشرطة تحت مزاعم إقامة الشريعة"، إن الجهاد من فروض الكفايات التي يعود أمر تنظيمها إلى ولاة الأمور.

وإسناد ذلك الفرض إلى ولاة الأمور حتى يكون قرار الجهاد مدروسا دراسة علمية وواقعية فيها الموازنة الدقيقة بين المصالح والمفاسد، بلا جبن أو خور أو ضعف، وبلا سطحية أو غوغائية أو عاطفة خرقاء، وليس لأحدٍ أن يتورك عن ولي الأمر في ذلك إلا بالنصيحة إن كان من أهلها، فإن لم يكن من أهلها فليس له أن يتكلم فيما لا يحسن، وإلا عُدَّ ذلك افتئاتًا على الإمام، فيبوء بإثم ما يجره فعله من المفاسد، ولو كُلِّف مجموع الناس بالخروج فُرادَى من غير استنفارهم مِن قِبَل ولي الأمر لتعطلت مصالح الخلق واضطربت معايشهم، فيقول تعالى: "وَمَا كَانَ المُؤمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً" (التوبة: 122).

وعن حكم تلك الجماعات التي تقتل تحت دعوى (تكفير الحاكم أو الدولة أو طوائف معينة من الناس)، يفرق مفتي الديار المصرية بين نوعين منهم، الأول يعتبرهم "مرجفون بدون شوكة"، والمرجف هو من يُثير الفتن والاضطرابات والقلاقل باستحلال الدماء، وهي من كبائر الذنوب، و"المرجف" يُطبق عليه أقصى عقوبة في حد الحرابة، وهي القتل.

أما النوع الثاني من تلك الجماعات إذا ما كان ذا شوكة وقوة، فإن أصحابه يكونون حينئذٍ خوارجَ وبُغَاةً، يستوجب قتالهم حتى تنكسر شوكتهم، فيقول تعالى: "وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" (الحجرات: 9).

وما تفعله هذه التنظيمات من أفعال التخريب والقتل حرامٌ شرعًا، وهي من أشد أنواع البغي والفساد الذي جاء الشرع بصده ودفعه بل وقتال أصحابه إن لم يرتدعوا عن إيذائهم للمسلمين ولغير المسلمين، فتلك الأفعال بَغْيٌ في الأرض بغير الحقِّ يُعَدُّ أصحابُه بغاةً وخوارجَ يُقاتَلون إن كانت لهم منعة وشوكة حتى يرجعوا عن بغيهم وإرجافهم.

back to top