منظور آخر: مجاهرتك بالإفطار لا تجرحني

نشر في 14-06-2017
آخر تحديث 14-06-2017 | 19:00
الصيام ليس صياما عن الطعام، إنما هو صيام عن جميع العادات السيئة، ومنها ظلم الآخرين لا سيما من أديان أخرى حين أفرض عليهم واحدة من ركائز ديني الذي لا يعتنقونه، بل أعاقبهم على ذلك، وهذا ظلم فاحش.
 أروى الوقيان يبلغ عدد الكويتيين مليوناً و200 ألف شخص بأغلبية مسلمة، في حين يتجاوز عدد الوافدين أعداد الكويتيين ليبلغوا ما يزيد على المليونين، تتصدر الجنسية الهندية المركز الأول بما يفوق 500 ألف هندي، وأغلبهم ليسوا مسلمين، ناهيك عن بقية الوافدين من الدول العربية والآسيوية من ديانات مختلفة.

والصوم هو أحد أركان الإسلام التي تهدف إلى أن نشعر بالفقير والجوع، وله معان إنسانية عميقة تهدف إلى تنمية شعورك بالرحمة على الفقراء، ولكن عقوبة المجاهرة بالإفطار في شهر رمضان تأتي لتشوه المعنى السامي من الصوم، إذ تفرض الكويت وبعض الدول العربية على جميع من يقطنها، وحتى الفقراء منهم، أن يعيشوا جوعا أكبر.

وفي ظل ارتفاع درجات الحرارة في رمضان 2017 التي تتعدى 50 درجة، يتعرض العمال للجفاف والتعب، ولا يستطيعون شرب الماء لأن الشرب والأكل علنا في رمضان يؤديان بهم إلى عقوبة تصل إلى 3 أشهر سجناً، بالإضافة إلى دفع غرامة مالية حتى إن كان غير مسلم، فلا نراعي التنوع الديني بل نطلب من جميع من يقطن هذه الأرض أن يصوم معنا جبرا وفرضا، لأن مشاهدة شخص مفطر تجرح صائما.

ولست أفهم كيف لمنظر شخص يشرب أو يأكل أن يجرح صيامي؟ لأننا طوال اليوم نشاهد برامج طبخ، ومسلسلات تحتوي على موائد طعام، ناهيك عن صور الأكل المنتشرة على الدوام في جميع مواقع التواصل الاجتماعي، بل بتنا بهذا القانون المعاقب للمجاهرة بالإفطار في رمضان نعاقب بل نمارس دور المراقب على الناس، وكأن الصيام يجعل منا أشخاصا أسوأ، نريد أن نوقع بغيرنا فقط وبأي تهمة.

الصيام ليس صياما عن الطعام، إنما هو صيام عن جميع العادات السيئة، ومنها ظلم الآخرين لا سيما من أديان أخرى حين أفرض عليهم واحدة من ركائز ديني الذي لا يعتنقونه، بل أعاقبهم على ذلك، وهذا ظلم فاحش.

نحن لا نعيش في حالة انعزال عن العالم، بل على العكس متواصلون مع العالم أكثر من أي وقت مضى بسبب وسائل التواصل الاجتماعي، لذا يجب أن نتعلم كيف نتقبل الآخر المختلف عن ديننا، بل نكرمه باحترام خصوصيته ليحترم أخلاق المسلمين، ولكننا بمعاقبته وسجنه سنكتسب عدوا جديدا للإسلام، وهو أمر رائج حاليا، اكتساب أعداء للإسلام، ألا يكفي ما يقوم به "داعش" من تصرفات وحشية شوهت الإسلام عالميا؟ لذا يجب علينا كدول صغيرة أن نحترم الوافدين والمقيمين من جميع الأديان والجنسيات، ولا أظن في ذلك أي جرح لصيامك أخي المسلم الصالح.

قفلة:

انتشر فيديو لشخص يضرب وافدا آسيويا في نهار رمضان لأنه كان يأكل، وهذه بركات فكرة معاقبة المجاهرة بالإفطار، التي جعلت الصائم يقوم بدور ضابط النيابة الذي يعاقب المجرمين، ولكن ما لا يعلمه أن هذا الفيديو جرح صيامنا جميعا، ولم يجرحنا هذا الفقير وهو يتناول وجبته على الأرض، وملامح الفقر بادية على مظهره دون أي شك، هل هذه أخلاق المسلمين؟

back to top