خاص

عميد كلية أصول الدين في جامعة الأزهر الدكتور مختار مرزوق لـ الجريدة.: تجسيد الأنبياء درامياً حرام... ونرفض ما تفعله إيران

«الأزهر لا يملك سلطة منع الأعمال الفنية... ووزارة الثقافة تفتعل الخصومة»

نشر في 14-06-2017
آخر تحديث 14-06-2017 | 00:00
مختار مرزوق
مختار مرزوق
قال عميد كلية أصول الدين في جامعة الأزهر، الدكتور مختار مرزوق، إن تجسيد الأنبياء والمرسلين في أعمال درامية محرم شرعاً، مؤكداً أن درء المفاسد مقدم على جلب المنافع، وأشار في حوار مع "الجريدة" إلى أن الأزهر الشريف ليس جهة منع أو مصادرة، وعاب على بعض الجهات، وتحديداً وزارات الثقافة العربية، رفضها لرأى المؤسسات الدينية ودعوتها إلى عرض الأفلام التي تجسد الأنبياء، لافتاً إلى أن وقوف إيران وراء إنتاج بعض هذه الأعمال يعد نوعاً من التجارة، ونزعاً للقداسة عن الأنبياء... وفيما يلي تفاصيل الحوار:
● ما تعليقك على تجسيد الأنبياء والرسل في الأعمال الدرامية؟

- المجامع الفقهية وهيئة كبار العلماء بالأزهر أعلنوا رأيهم بوضوح برفض تجسيد وعرض الأعمال الفنية التي تجسد الأنبياءَ والمرسلين عليهم الصلاةُ والسلام وأيدوا من قبل رفض عرض فيلم "نوح" العالمي، وأيضا فيلم "ملوك وآلهة"، وغيرها، فالأنبياء والرسل لا يجوز شرعاً تجسيدهم في الأعمال الفنية، لأن هذه الأعمال تسعى إلى تجسيد الواقع، بينما حياة الأنبياء وسِيرهم فيها من الوحي والإعجاز والصلات بالسماء ما يستحيل تجسيده وتمثيله، وبالتالي تجسيد الأنبياء والرسل فيه إساءة محققة إلى سيرتهم وحياتهم، والأزهر الشريف بنص الدستور هو القائم على بيان الرأي الشرعي فيما يتعلق بالفكر والثقافة والاجتماع والاقتصاد، ولذلك فلابد للأزهر من القيام بواجبِه إزاء ما يثار في هذه الميادين.

● هل الأزهر يملك سلطة المنع والمصادرة؟

- ليس له سلطة منع أو مصادرة، وليس ذلك من صلاحياته ولا اختصاصاته، فالأزهر يقوم بواجبه في إبداء الرأي الشرعي، وفاء لرسالته، واستجابة لتطلع الأمة إليه كمرجعية أولى للشريعة في عالم الإسلام، فالأزهر رفض دعوات البعض إلى استخدام العنف بحرق السينما التي ستعرِض بعض الأعمال التي تجسد الأنبياء عليهم السلام، فهذا أمر يرفضه الأزهر بجميع هيئاته العلمية.

● لكن بعض الجهات في عالمنا العربي وعلى رأسها وزارات الثقافة لها رأي مغاير في هذا الصدد؟

- وزارة الثقافة المصرية مثلاً أخطأت من قبل في حق الوطن والدين بسماحها بتصوير فيلم "الخروج... ملوك وآلهة" على الأراضي المصرية، وهذا الفيلم ما هو إلا دعاية صهيونية ممجوجة تسعى إلى تزييف حقائق التاريخ والإساءة إلى الإسلام، وأذكر وقتها أن وزير الثقافة حينذاك جابر عصفور كان يفتعل الصراعات والأزمات والخصومة مع الأزهر، وينسى أنه وزير مسؤول لا مجرد مثقف.

● من يقفون وراء إنتاج بعض الأعمال الدرامية لشخصيات الأنبياء، هل لهم مآرب في ذلك؟

- هذا نوع من التجارة ودس السم في العسل في بعض الأحيان، وعلينا الانتباه لخطورة ذلك، وما تقوم به إيران في هذا الصدد مرفوض شكلا وموضوعا، فالأنبياء والرسل أفضل العالمين على الإطلاق، اختارهم الله لما علمه فيهم سلفا من نقاء وفضل، فهم أفضل بشر على الإطلاق وإن تفاوتوا في الفضل فيما بينهم، قال تعالى "وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَىٰ بَعْضٍ" (الإسراء: 55)، وهم بهذه المنزلة أعز من أن يمثلهم أو يتمثل بهم إنسان أو حتى شيطان، فقد عصمهم الله واعتصموا به، فهم محصنون من الخطايا، كما أنهم محصنون من أن يتمثل بهم الشيطان، ففي الحديث الشريف الذي رواه أنس رضي الله عنه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، قال: "من رآني في المنام فقد رأني حقا، فإن الشيطان لا يتمثل بي"، وفي رواية أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، يقول: "من رآني في المنام فسيراني في اليقظة، ولكأنما رآني في اليقظة، ولا يتمثل الشيطان بي"، ففي الحديثين دلالة واضحة على أن الشيطان لا يظهر في صورة النبي (صلى الله عليه وسلم) عيانا أو مناما صونا من الله لرسله وعصمة لسيرتهم، بعد أن عصم ذواتهم ونفوسهم.

● علام يدل هذا المعنى؟

- من فقه هذا المعنى أنه يحرم على أي إنسان أن يتقمص شخصيته ويقوم بدوره (صلى الله عليه وسلم)، وإذا كان هذا هو الحكم والفقه في جانب الرسول الخاتم، فإنه أيضا الحكم بالنسبة لمن سبق من الرسل، لأن القرآن الكريم جعلهم في مرتبة واحدة من حيث التكريم والعصمة، قال سبحانه "آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ". (البقرة: 285)، فإذا امتنعوا بعصمة من الله أن يتمثلهم الشيطان امتدت هذه العصمة إلى بني الإنسان، فلا يجوز لهم أن يتمثلوهم.

● لكن البعض يرى أن عرض هذه القصص للإفادة والاقتداء بنهج الأنبياء والرسل؟

- إذا كانت المصلحة في تقريب هذه القصص تمثيلا وتصويرا للناس إلا أن المفسدة في تجسيد أنبياء الله ورسله عظيمة والخطر منها أفدح، ولا شك أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، كما تقضي قواعد الشريعة الغراء.

back to top