خاص

رئيس هيئة الإفتاء في نيجيريا الشيخ إبراهيم الحسيني لـ الجريدة.: واقع الأمة أليم... والفرق الضالة أساءت إلى الإسلام

«العلماء والدعاة المستنيرون الملاذ لمواجهة الأفكار والتنظيمات الإرهابية»

نشر في 13-06-2017
آخر تحديث 13-06-2017 | 00:00
إبراهيم الحسيني متحدثاً إلى  «الجريدة»
إبراهيم الحسيني متحدثاً إلى «الجريدة»
وصف رئيس هيئة الإفتاء والمجلس الإسلامي في نيجيريا، الشيخ إبراهيم الحسيني، واقع الأمة الإسلامية بالمأساوي والأليم، بسبب تدخل الغرب في ديننا وثقافتنا، لافتاً إلى أنه يحتاج إلى تضافر جهود العلماء المخلصين والمفكرين المستنيرين، لمجابهة الأفكار التكفيرية والتنظيمات الإرهابية التي تسيء للإسلام.
وأوضح الحسيني، في حوار لـ"الجريدة" خلال زيارته الأخيرة للقاهرة، أن الإسلام براء من جماعة "بوكوحرام" التي تقتل وتخطف وتبيع النساء، معتبراً أن مثل هذه الجماعات صنيعة غربية، محذراً المسلمين من الانصياع وراء الفتاوى الشاذة التي تثير البلبلة أو الداعية إلى التعصب، لأنها تشوه صورة الإسلام السمح المنفتح على كل الثقافات... وإلى نص الحوار.
● كيف ترى واقع الأمة الإسلامية في ظل التحديات التي تواجهها اليوم؟

- هناك واقع لا يجهله المهتمون بالدعوة إلى الله وهو واقع له حساباته واعتباراته وتأثيراته علينا في المظهر والسلوك، تعيش الأمة هذا الواقع الأليم منذ أمد بعيد، وظهور جماعات دينية متطرفة مثل "داعش" و"بيت المقدس"، وفي بلداننا "بوكوحرام"، وجميعها صناعة غربية، وفي هذه الأيام، وما يعانيه أيضا العالم الإسلامي من تدخلات الغرب في الدين والثقافة والسياسة والأمن والاقتصاد لأمة الإسلام قبل وبعد أحداث سبتمبر المشؤومة عام 2001، وما تلاها من هجوم واسع شنته أميركا ولاتزال على العالم الإسلامي، لكن مع ذلك فإن الإسلام بسماحته جعل أتباعه يقومون بفتح باب الحوار الديني والثقافي والحضاري، ما اضطر معه الغرب إلى القبول بالحوار وبالوجود الكبير الواسع للإسلام والمسلمين في بلاده.

● لكن رغم ذلك هناك دول غربية احتوت المسلمين المهاجرين إليها ودمجتهم في مجتمعاتها؟

- الحق يقال إن الغرب قبِل مهاجري العالم الإسلامي من أميين وعلماء ومثقفين وسياسيين وخبراء وفنيين، ولم يجبرهم على التخلي عن دينهم، بل دمجهم في مجتمعه، وزاد من تعليمهم وثقافتهم، وحسن أوضاعهم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بما لم يتح لهم في بلادهم، حتى أن الكثيرين من المحرومين في بلادهم من الهوية منحوا هويات تلك البلاد فصار للمسلمين فيها مؤسسات ثقافية اقتصادية واجتماعية ودينية، ويجب أن ندرك أن تسامح الغرب مع المهاجرين ليس لسواد عيونهم أو بلا ثمن، بل بثمن باهظ يتمثل في فتنة الردة عن الإسلام لبعض الأفراد وانسلاخ أعداد كبيرة من هوياتهم الإسلامية.

● ما أثر التعصب والخروج عن المألوف على أمن المسلم؟

- من أكبر أسباب انتشار الفوضى في هذا العصر وانفلات الأمن هو الخروج عن المألوف والمعروف من التعصب لآراء أقلية من الناس وإلغاء كل ما لعلماء الإسلام من قادة الأمة على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم، ما جعل العامة لا يثقون في شيء من آراء العلماء من غير هذه الأقلية، وقد أحدث ذلك شرخاً يصعب تداركه وسبب فوضى في الفتوى وبلبلة في الأفكار، فحمل راية التعصب لآراء كهذه، وشن حملة الخلاف الشرسة على مذاهب السواد الأعظم في تفسير وبيان وشرح قضايا الدين في أصوله وفروعه إلى درجة تبديع وتفسيق وتكفير المخالف، ثم دعم هذا الاتجاه بكل الإمكانيات من جهات ترى في ذلك ظهورها وبقاءها أسهم إسهاما كبيرا فيما تعانيه الأمة اليوم، ومن الواضح أن العدو الحقيقي هو المستفيد وحده من هذا الغلو وهو وحده الذي يربح من وراء سلوكيات وأدبيات هذا المنهج المتعجرف الذي تتبعه هذه الفئات، ومن أهم نتائجه المباشرة زعزعة الأمن القومي والاجتماعي والسياسي والثقافي والاقتصادي في كثير من البلدان وبصفة خاصة بلدان العالم الإسلامي كلها.

● كيف ترى نتائج التكفير على المجتمع؟

- لكم نتج من هذا خراب بيوت وطلاق وفراق بين الوالدين وولدهما، فكم كفر الولد والديه، والطالب أساتذته، والتلميذ شيوخه، وهناك نماذج يمكن التنبيه عليها، فالإسلام -والقرآن هو الأصل فيه- أعطى كل الأهمية للإيمان وصحته وفساده بالميزان الذي أعطاه الإسلام، وجاء أخيرا من أعطى كل الاهتمام إلى قضايا في أساسها جزئيات وإن تعلقت بذات الباري كبعض الصفات الإلهية، فاعتبرت ميزانا لا تعتبر صحة الإيمان إلا بها، وإلا فيكون المؤمن عندهم فاسد العقيدة، مع أن ذلك لم يؤخذ من الكتاب أو السنة، وإن الموضوع الذي جاءت فيه تلك الآيات وسيقت من أجله انحرف التعصب بها عنه تماماً، فأسلوب التشكيك في الأولين بالتعصب لقلة من المتأخرين يجعل التراث الفكري المتكامل بوحدة الأصول والقواعد والضوابط والوسائل والثمار غير آمن، وإذا كان تراثنا غير آمن فلا أمن لعقولنا وقلوبنا وسلوكنا، فننتهي إلى الإصابة بمرض التناقضات والمفارقات والاضطراب في الفكر والعمل والسلوك، ونفقد الوحدة المفروضة علينا كفريضة الصلاة والزكاة وغيرها من فرائض الدين وأركانه.

● بم تفسر مبايعة جماعة "بوكوحرام" لزعيم تنظيم داعش الإرهابي أبوبكر البغدادي خليفة للمسلمين؟

- مبايعة "بوكوحرام" لأبي بكر البغدادي، هو أمر يفجر عدة شكوك، عن أبعاد هذه المؤامرة، التي تحاك باسم الإسلام من قبل هؤلاء، كما أن التقارب يدعو إلى القلق من تنامي الفكر المتشدد في القارة الإفريقية، وأن التنظيمات الإرهابية ترتبط فيما بينها بعلاقات قوية، في بداية مراحلها، وتتناحر على تقسيم الغنائم فيما بعد، وهؤلاء لا يعترفون بالحدود بين البلدان، وهذه المبايعة ليست جديدة على "بوكوحرام" فقبل سنوات بايعت تنظيم القاعدة، لذا فهناك خط مشترك بين جميع الكيانات التكفيرية المتشددة وهدف واحد وهو القتل والتكفير.

التشكيك في الأولين بالتعصب لقلة من المتأخرين يجعل التراث الفكري غير آمن
back to top