نور الشريف... الفيلسوف العاشق (18 - 30)

الرجل الآخر

نشر في 13-06-2017
آخر تحديث 13-06-2017 | 00:04
عرض المخرج حمادة عبدالوهاب على نور الشريف القيام ببطولة مسلسل «عادات وتقاليد» الذي كتبه عبدالله بركات، إلى جانب كل من عقيلة راتب، وعبدالعظيم عبدالحق، وليلى طاهر، وعبدالحفيظ التطاوي، وصبري عبدالعزيز. غير أنه رفض بذكاء كي لا ينافس نفسه في «القاهرة والناس»، مقرراً أن يشارك في بعض حلقات الأخير كضيف، ليقدم في الفترة نفسها فيلم «من البيت للمدرسة» للمخرج أحمد ضياء الدين، قصة وسيناريو عدلي المولد وحواره، مع كل من رشدي أباظة، ونجلاء فتحي، ومحمد رضا.
قبل أن ينتهي نور الشريف من تصوير فيلم «من البيت للمدرسة»، عرض عليه المخرج أحمد ضياء الدين المشاركة في دور بطولة أولى مع كل من رشدي أباظة، وهند رستم في «الرغبة والضياع»، قصة وسيناريو محمود سماحة، وحوار أحمد ثروت. كذلك حرص المخرج على إسناد دور صغير إلى الفنان الكبير إسماعيل ياسين، الذي كانت الضرائب حجزت على ممتلكاته، ليعود من حيث بدأ، يغني المونولوج في الملاهي الليلية، بعدما انفضّ من حوله المنتجون والمخرجون، بل والأصدقاء.

قبل أن ينتهي تصوير الفيلم، فوجئ العاملون فيه، والجمهور المصري، بل والجمهور العربي كله، بخبر رحيل أسطورة الكوميديا العربية الفنان إسماعيل ياسين، في 24 مايو 1972، بعدما أثرى مكتبة السينما العربية بأكثر من ستمئة عمل فني، وحياة تفيض بالدراما، بين الكوميديا وقمة التراجيديا، إلى أن انتهت به الحال مشاركاً في الفيلم الأخير بدور ثانوي، بعدما كان أغلى نجم في الشرق، ويتهافت عليه المنتجون والمخرجون، بل وكبار النجوم.

رحل قبل أن يكمل آخر أفلامه، الذي عرض بعد أقل من شهرين من وفاته، في أول يوليو من العام نفسه، لتفقد السينما العربية، أحد أهم كبار نجومها، الذي أضحك الملايين، ولكن مات حزيناً.

ترك رحيل إسماعيل ياسين أثراً كبيراً في نفس نور الشريف، فهو كان تمنّى العمل ولو في مشهد واحد إلى جانب نجم كبير مثله، ملء السمع والبصر، شاهد أعماله في طفولته، ولم تكن تخلو دار عرض منها لكثرتها وتعدّدها، ليقدم معه اليوم واحداً من أفلامه، يسبق فيه اسمه اسم إسماعيل ياسين. كان ذلك درساً بليغاً تعلمه الأخير، هذا النجم الكبير، بشكل غير مباشر قبل رحيله، فالنجومية ليست مجرد شهرة وبريق، بل هي كائن حي، تنمو وتزدهر، وفي المقابل تضمر وتضعف، ومن المؤكد أن ثمة أسباباً في الحالتين، حرص نور الشريف على دراستها جيداً.

استقلال فني

بعد عرض «الرغبة والضياع»، اتصل المخرج حسن الإمام بالشريف يطلب منه الاستعداد لتقديم الجزء الثالث والأخير من ثلاثية نجيب محفوظ «السكرية» واستكمال مرحلة جديدة في حياة «كمال عبد الجواد»، وزيارة جديدة إلى عائلة «السيد أحمد عبد الجواد» عبر ذريته من الجيل الثاني والثالث، والتي تتمثل في كل من ياسين الابن الأكبر، إلى جانب كمال الابن الأصغر، وابنتيه عائشة وخديجة، وأحفاده من أولاده جميعاً، فيما بقي «كمال» على حالته الحالمة، بعد ضياع حلمه بأن يكون فيلسوفاً، لتنتهي به الحال في  السلحدار الابتدائية مدرساً، وقد أعرض عن الزواج بعدما تزوجت حبيبته «عايدة  شداد» من صديقه «حسن سليم» وسافرا إلى سويسرا. ذلك كله، في ظل التحولات السياسية والاجتماعية وتأثيرها في نضج أبناء السيد عبد الجواد، ومساراتهم الحياتية، إذ يسير أحد الأحفاد في اتجاه ديني بحثاً عن الخلاص من وجهة نظره، بينما يرى آخر أن الخلاص في السير في اتجاه اليسار بحثاً عن قيم العدل، في إشارة إلى بداية تقسيم المجتمع.

كتب سيناريو وحوار هذا الجزء ممدوح الليثي، وشارك فيه إلى جانب نور الشريف، كل من يحيى شاهين، وعبد المنعم إبراهيم، وعدد هائل من الفنانين والنجوم من بينهم، تحية كاريوكا، ومها صبري، وهدى سلطان، ومحمود المليجي، وحسن مصطفى، وعبد الرحمن علي، وزهرة العلا، ومنى جبر، ومديحة كامل، وميرفت أمين، إضافة إلى الوجوه الجديدة حسين حسن الإمام، ومحمد العربي، ووجدي العربي.

بمجرد عودة نور الشريف إلى البيت، وجد صافيناز تتهلل فرحاً، فقد أرسل إليها المخرج حسن الإمام لتشارك معه في فيلم «السكرية»، ففرح بذلك باعتباره أول فيلم يجمع بينهما بعد الزواج، كذلك أسعده تصرف حسن الإمام، الذي حرص على أن يتعامل مع صافيناز باعتبارها ممثلة مستقلة، تطلب لذاتها وليس لأنها زوجة نور الشريف.

انضمت صافيناز إلى عائلة السيد أحمد عبدالجواد، في فيلم «السكرية» لتكون حفيدته من ابنه «ياسين» و«زنوبة العالمة»، ورغم صغر الدور وسط هذا الحشد الهائل من النجوم والفنانين، فإن صافيناز وافقت عليه لأنه أول عمل يجمع بينها وبين حبيبها بعد الزواج، مع أنه يظهر وفق الأحداث باعتباره عمها!

اختار المخرج حسن الإمام أربعة مساعدين له في الفيلم، هم: حسين محمود، وعصمت عفيفي، وماجدة هلال، وسمير سيف، وكلف كلاً منهم بمهمة خلال التصوير. فلفت الأخير نظر نور الشريف، فراح يراقبه في تحركاته وأوامره لبقية العاملين في الفيلم، وتنفيذ تعليمات الإمام بكل دقة، كذلك كان لا يمانع الدردشة مع الشريف أو أي من أبطال العمل، وتوضيح وجهة نظره في لقطة أو مشهد أو حركة. غير أن أكثر ما لفت نظر الشريف إليه، سرده كل مشهد قبل تصويره كأنه يراه أمامه على شاشة عرض، وليس مجرد كلام يقرأه من سيناريو الفيلم:

= أنا ما عملتش حاجة زيادة... ما هو ده عادي.

* لا مش عادي. النقطة دي بالذات مهمة عند أي مخرج. وبتوضح الفرق بين مخرج ومخرج.

= تتصور عمر ما حد لفت نظري للموضوع ده. لا في المعهد ولا المخرجين اللي اشتغلت معاهم. أنت أول واحد يقولي الكلام ده.

* شوف يا سمير. المخرج الحقيقي حاجتين: الأولى أنه يبقى صاحب قرار ويقوله أمتى، والتانية أنه يشوف الفيلم في راسه قبل ما يتصور. صحيح أنا صغير في السن، ويمكن تكون كل تجربتي في السينما خمس سنين... لكن القراية بتخليك تختصر سنين كتير أوي. علشان كده لازم تقرا. اقرأ على قد ما تقدر... وعلى قد ما تقرأ على قد ما هتكون مميزاً.

= تقصد أقرأ في السينما؟

* لا... اقرأ في كل حاجة. في السينما والأدب والفلسفة والسياسة. وأنا أؤكد لك أنك هتبقى واحداً من المخرجين المهمين في مصر خلال الكام سنة اللي جايين.

عودة إلى المقدمة

ما إن عرض فيلم «السكرية» في 14 يناير 1973، حتى أعاد إلى أذهان الجمهور والنقاد والمنتجين والمخرجين، نور الشريف الذي تنبأ الجميع بنجوميته قبل خمس سنوات، وها هو اليوم يؤكد صدق وجهة نظرهم من خلال دور «كمال عبدالجواد» الذي أصبح بمنزلة البطل الأول في هذا الجزء، خصوصاً في ظل انتهاء دور «السيد أحمد عبد الجواد»، ليعود تهافت الصانعين على نور الشريف. ورغم أنه اضطر إلى أن يرفض أفلاماً عدة فإنه في الوقت نفسه أيضاً قبل القيام ببطولة عدد آخر من الأعمال، بلغ مجموعها 12 فيلماً، خلال العام الجديد 1973، بدأها فور الانتهاء من عرض «السكرية» بفيلم «المرأة التي غلبت الشيطان» عن قصة قصيرة للكاتب الكبير توفيق الحكيم، سيناريو وحوار يحيى العلمي وإخراجه، وإنتاج الراقصة والممثلة نعمت مختار وبطولتها، مع كل من شمس البارودي، وعادل أدهم، وعبد الوارث عسر، ونبيل الهجرسي.

ما إن عرض الفيلم في 19 مارس من العام نفسه، حتى حقق نجاحاً كبيراً، وأدت فيه نعمت مختار دور حياتها، ما جعلها تقرر بعده اعتزال الفن نهائياً.

جمع المخرج حسام الدين مصطفى أربعة من كبار النجوم هم فريد شوقي، وأحمد مظهر، وهند رستم، ورشدي أباظة، إلى جانب نور الشريف ونيللي في فيلم «كلمة شرف» قصة وسيناريو فريد شوقي وحواره بمشاركة فاروق صبري، ليحقق العمل أيضاً نجاحاً غير مسبوق.

والأهم أن الشريف تعلّم من خلال الفيلم درساً مهماً من فريد الشوقي، وهو أن على الفنان أن يتطوّر في اختيار أدواره ويعترف بمرور الزمن. بعد ذلك، تحمّس محمود المليجي لموضوع فيلم كتبه المخرج كمال عطية، بالمشاركة مع محمد إسماعيل رضوان بعنوان «مدينة الصمت» ورغم أنه من إنتاجه، وافق المليجي، عملاق التمثيل، على أن يأتي اسمه في الترتيب الثالث على شارة الفيلم، بعد الشريف ونيللي، ومعهم كل من صلاح نظمي، ومحمد الدفراوي، ليتعلم الشريف درساً جديداً من هذا الفنان القدير أيضاً.

بعد ذلك وضع نور أمام عينيه الدرسين اللذين تعلمهما من فريد شوقي ومحمود المليجي.

بوسي

في الوقت الذي انشغل فيه نور الشريف بعمله، لم يشأ أن يتدخل في عمل زوجته الفنانة صافيناز قدري، أو محاولة الزج بها في أعماله، فهو لا يحب هذا الأسلوب ولا يلجأ إليه، كذلك لا يتدخل في قبولها أو رفضها عملاً ما عرض عليها، إلا إذا طلبت هي منه ذلك، وكانت بدورها تتصرّف معه بالطريقة نفسها. ولكن إن كان أحدهما مشغولاً فيما الآخر غير مرتبط بمشروع، فكانا يحرصان على زيارة بعضهما بعضاً، إنما من دون أن يدخل أي منهما إلى مكان تصوير الآخر.

ارتبطت صافيناز بعد «السكرية» بالفيلم التلفزيوني «نوارة» مع كل من أسامة رؤوف، وتوفيق الدقن، وشريفة ماهر، ونبيل الهجرسي، وشقيقتها علوية قدري، من تأليف عبد الفتاح مصطفى، وإخراج عبد المنعم شكري. كذلك شاركت في مسلسل «العبقري» مع كل من الفنان الكبير يوسف وهبي، وفريد شوقي، وسعيد صالح، ونبيلة عبيد، ومحمود المليجي، وحسن مصطفى، والمخرج حمادة عبد الوهاب. وشاركت أيضاً مع فرقة «ثلاثي أضواء المسرح» في الكوميديا الاستعراضية «جوليو ورومييت» من تأليف فهيم القاضي، وإخراج حسن عبد السلام، مع سمير غانم، وجورج سيدهم، ذلك بعد رحيل الضلع الثالث في الفرقة الفنان الضيف أحمد، وظهرت كبطلة بعدما اختارت أن يكون اسمها الفني الجديد «بوسي».

مباراة فنية

عاد المخرج عاطف سالم إلى التعاون مع نور الشريف، فقدم معه فيلم «السلم الخلفي»، قصة وسيناريو كامل الحفناوي وحواره، إلى جانب كل من ميرفت أمين، وحسن يوسف، وصفاء أبو السعود، وعبد المنعم إبراهيم، وغسان مطر. كذلك «الحب والصمت» المأخوذ عن قصة الكاتبة عنايات الزيات، سيناريو مسعود أحمد، وحوار سامي أمين، مع النجم المسرحي أحمد عبد الحليم، ونيللي، ومحمود ياسين، وأشرف عبد الغفور. بعدهما، تعاقد الشريف على تقديم «شروال وميني جيب» في لبنان، من تأليف سمير الغصيني وإخراجه، إلى جانب كل من ناهد شريف، وحبيبة غلاديس، ومحمود جبر، ومحمد جمال، وشوقي متى، فانتهز المخرج حسين كمال فرصة وجود الممثل المصري في لبنان، وتعاقد معه للمشاركة في «دمي ودموعي وابتسامتي» قصة إحسان عبد القدوس، وسيناريو محمد مصطفى سامي وحواره، وإخراج حسين كمال. صوّره في لبنان، إلى جانب كل من نجلاء فتحي، وكمال الشناوي، وحسين فهمي، ومن سورية نبيلة النابلسي، وشاكر بريحان، واللبناني سهيل نعماني.

كذلك أنجز الشريف في لبنان المشاهد الخارجية لـ «أشرف خاطئة»، قصة الصحافي فوميل لبيب، وسيناريو فيصل ندا وحواره، وإخراج عبد الرحمن شريف، ذلك إلى جانب ناهد شريف، وتوفيق الدقن، وغسان مطر، وزيزي مصطفى، ليعود إلى القاهرة ويشارك في بطولة فيلم «شيء من الحب»، مع سهير رمزي، وعادل إمام، ولبلبة، وتوفيق الدقن، وسيد زيان، قصة وسيناريو علي الزرقاني وحواره، وإخراج أحمد فؤاد، وتطَّلب أيضاً تصوير عدد من مشاهده في بيروت، فاضطر الشريف إلى السفر مجدداً.

لم يكن نور الشريف راضياً بشكل ما عن أفلام عدة يقدمها، غير أن هذه النوعية «الخفيفة» كانت تسيطر على الساحة، سواء في مصر أو سورية أو لبنان، ذلك بسبب الأجواء في المنطقة، وسط حالة ترقب إمكان نشوب حرب مع العدو الإسرائيلي كانت تعيشها الشعوب العربية، حتى ملّت الانتظار. هذه الحال، جعلت فرقة الفنانين المتحدين تعهد إلى الكاتب علي سالم بتمصير أحداث فيلم بريطاني بعنوان To Sir. With Love، لتحويله إلى عمل مسرحي، كرد فعل ساخر من رمز السلطة التي تتمثل في ناظر المدرسة، وتخاذلها وضعفها أمام انهيار القيم والمثل العليا، ما أدى إلى شعور عام بقبول الفوضى وانحطاط مستوى الأدب العام، في فترة انهارت فيها القيم التقليدية للمجتمع المصري، والعربي عموماً، وتحولت إلى مثار للسخرية.

اختار سمير خفاجي مؤسس الفرقة، مجموعة من الشباب الكوميديين للقيام ببطولة المسرحية، وبدأ المخرج المسرحي جلال الشرقاوي التمرينات المسرحية بمشاركة سعيد صالح، الذي عرض عليه تقديم دور «بهجت الأباصيري». لكنه بعد قراءة النص اختار دور «مرسي الزناتي»، ورشح صديقه عادل إمام لتقديم «بهجت»، وأحمد زكي لتجسيد «أحمد الشاعر»، ويونس شلبي في دور «منصور ابن الناظر»، وهادي الجيار في دور «لطفي»، وعبد المنعم مدبولي «الناظر عبد المعطي»، وحسن مصطفى في دور المدرس «علام الملواني» وليلى طاهر في دور المدرسة «عفت».

بدأ عرض المسرحية، وبعد مرور أسبوع من العرض اضطر الفنان عبد المنعم مدبولي إلى الاعتذار عن عدم الاستمرار فيها، بسبب كثرة «إفيهات» سعيد صالح وعادل إمام التي حولت وقت عرض المسرحية من ساعتين وثلث إلى ما يقرب من أربع ساعات، فأسند جلال الشرقاوي دور «الناظر» إلى حسن مصطفى، فيما ذهب دور «علام الملواني» إلى الفنان عبد الله فرغلي.

بعد انسحاب مدبولي من المسرحية، طلب من المؤلف علي سالم تقديمها كفيلم سينمائي، فلم يتردد لحظة، وكتب السيناريو والحوار، وأسند الإخراج إلى حسام الدين مصطفى، الذي اختار لبطولته نور الشريف في دور «بهجت الأباصيري»، ومحمد عوض في دور «مرسي الزناتي»، وجورج سيدهم في دور «منصور»، وسيد زيان في دور «لطفي»، ويوسف فخر الدين في دور «أحمد الشاعر»، كذلك اختار ميرفت أمين للقيام بدور المدرسة «عفت»، فيما قام عبد المنعم مدبولي بدوره في المسرحية «الناظر عبد المعطي».

حرص الشريف على تقسيم وقته بين القاهرة وبيروت، للانتهاء من مشاهد متبقية له في فيلم «شيء من الحب»، فسافر إلى بيروت وأنجزها بسرعة قبل حلول شهر رمضان، إذ كان يمضيه مع زوجته صافيناز ويشتري لها «الفانوس»، وكان لا يعرف طعماً للشهر الفضيل سوى في مصر، ويواظب على الإفطار مع العائلة، فإذا كان لديه عمل يحاول أن ينتهي منه قبل حلول الشهر، لأنه كان يعشق السهر في ليالي رمضان حتى السحور وسط الأجواء الروحانية في حي السيدة زينب، مع الأهل والأحباب والأصدقاء، حيث ينسى نور الشريف الفنان والنجم، ويتذكر محمد جابر ابن السيدة، وأصدقاء الطفولة، ويصلي الفجر في مسجد السيدة زينب، ثم يعود إلى بيته للنوم، خصوصاً أنه كان انتهى من تصوير فيلم «مدرسة المشاغبين» وينتظر عرضه، ولم تكن لديه ارتباطات أخرى.

كلمة شرف

تسبّب «كلمة شرف»، الذي كتبه وشارك في بطولته الفنان العملاق فريد شوقي في تعديل القانون الذي لم يكن يسمح للسجين بمغادرة أسوار السجن قبل انتهاء فترة عقوبته.

بعد الفيلم ونجاحه الساحق، بات من حق وزارة الداخلية أن تتّخذ قراراً يسمح للسجين بالخروج ساعات عدة في الحالات الإنسانية كزيارة مريض أو تشييع متوف، وهو تعديل ما زال سارياً حتى اليوم.

شعر نور الشريف بأهمية الفيلم، رغم أن دوره فيه كان قصيراً، إذ تموت شخصيته بعد المنتصف تقريباً. لكن لفت نظره أن العمل أحدث تأثيراً في المجتمع، وهو دور يؤمن به ويتمنى أن تحققه أفلامه. بل الأهم كان التحول الكبير الذي أحدثه فريد شوقي في شخصية الشريف الفنية، إذ كان الفنان الكبير من الذكاء ليدرك أنه لم يعد قادراً على العطاء في منطقة الشباب التي ظهر من خلالها سنوات طويلة بشخصية «وحش الشاشة»، وقدّم عبرها عشرات الأفلام يضرب فيها الأشرار ويتفوّق عليهم بقوته. فمع تخطيه مرحلة الشباب، وظهور نجوم جدد على الساحة الفنية، من بينهم نور الشريف نفسه، لم ينتظر شوقي إلى أن يقفز هؤلاء فوق كتفيه، ومن المؤكد أنه لن يستطيع أن يجاريهم في هذه المنطقة، ففكر لنفسه وكتب ما يؤهله لعبور هذه المرحلة بسلام، فيظل على القمة بنوعية مختلفة من الأدوار. من ثم، خرج الشريف من الفيلم بدروس من مثله الأعلى فريد شوقي، إضافة إلى ملاحظته أن الفنان الكبير حرص على الكتابة والإنتاج لنفسه، وهو ما لم يستطع الآخرون تقديمه له، وهي سمة تحلى بها بعض كبار النجوم آنذاك.

البقية في الحلقة المقبلة

مساعد المخرج سمير سيف لفت نظر نور الشريف فتنبأ له بمستقبل كبير

«السلم الخلفي» أعاد التعاون بين نور والمخرج عاطف سالم

«السكرية» أعاد نور الشريف إلى مكانته في أذهان الجمهور والنقاد

مباراة فنية في «مدرسة المشاغبين» بين عادل ونور في المسرح والسينما

الجزء الثالث من الثلاثية جمع بين صافيناز ونور الشريف بعد الزواج
back to top