خاص

رئيس الكنائس الأسقفية لجنوب الكرة الأرضية الدكتور منير حنا لـ الجريدة.: الحوار الإسلامي - المسيحي ضرورة للعيش في سلام

«الخطاب الديني المسيحي بحاجة إلى تجديد... و«بيت العائلة» نموذج يُحتذى»

نشر في 12-06-2017
آخر تحديث 12-06-2017 | 00:00
أكد رئيس الكنائس الأسقفية لشمال إفريقيا وجنوب الكرة الأرضية، د. منير حنا أنيس، ضرورة مواصلة حوار الأديان، خصوصاً بين الإسلام والمسيحية في الوقت الراهن، لخلق رؤية وأرضية مشتركة للتفاهم والعيش بسلام في كنف الأديان السماوية، دون الدخول في أمور وقضايا عقائدية تنتج البلبلة والطائفية البغيضة.
وأقر أنيس، في حوار لـ"الجريدة"، بأن الخطاب الديني المسيحي في الشرق بحاجة إلى تجديد بعد مضى نصف قرن من العزلة عن المجتمع، على غرار الدعوة إلى تجديد خطاب ديني إسلامي لمواجهة الأفكار المتشددة... وفيما يلي نص الحوار:
● ما الدور الذي تقوم به لجنة الحوار الإسلامي - المسيحي التي تشارك فيها؟

- اللجنة عبارة عن مبادرة دعا إليها الأزهر، وتضم أطيافاً من شخصيات إسلامية ومسيحية تتمتع بقدر كاف من العلم والثقافة تستطيع تقديم رؤية للتفاهم والعيش في سلام داخل الوطن وهذا هو شقها الأول، وكذلك بناء الجسور بين الشباب من الديانتين في مختلف المجالات، وخاصة مجالات الأدب والفن، لأننا نعتبرها همزة الوصل بين الإنسانية، وعن طريقها يمكن خلق حالة من التوافق الديني، بدون الدخول في أمور عقائدية جدلية.

● هناك نموذج آخر وضعه الأزهر والكنيسة هو "بيت العائلة" لمواجهة الفتن الطائفية... كيف ترى هذه المبادرة؟

- بيت العائلة المصري مبادرة مهمة أطلقها الأزهر واستجابت لها الكنيسة منذ سنوات، لتعضيد اللحمة الوطنية، ولهذا أؤكد أن نجاح بيت العائلة في التصدي لأخطار الفتن الطائفية أصبح نموذجا يحتذى به.

● تتنامى الدعاوى اليوم إلى تجديد الخطاب الديني الإسلامي، فهل الخطاب الديني المسيحي يحتاج أيضاً إلى تجديد؟

- لابد أن نكون صرحاء ونعترف بأن الخطاب الديني المسيحي هو الآخر يحتاج إلى تجديد، فالأقباط في مصر ظلوا قرابة نصف قرن في انعزال عن المجتمع، ولهذا فالخطاب المسيحي يحتاج إلى المشاركة المجتمعية والخروج من العزلة، وأن يواكب نفس التجديد في الخطاب الإسلامي، أي يسير الاثنان في مسار واحد، فالتجديد وسيلة وقائية للتعامل في مواجهة الأفكار المتطرفة التي تحض على الإرهاب، الناتجة عن هذا الفكر، وتقدم الأمم يأتي بتجديد خطابها ومواكبة التطورات المحيطة بها، ولابد أن نعي ما حدث للكنيسة في العصور الوسطى عندما رفضت تجديد الخطاب الديني فظهرت أفكار تعارض الفكر الديني المسيحي، وقامت فئة من المصلحين بتنحية الكنيسة والدعوة إلى إيجاد خطاب ديني مسيحي يواكب المرحلة وكانت بداية النهضة في أوروبا.

● تترأس كنائس شمال إفريقيا والقرن الإفريقي والخليج وكنيسة القدس، فما تاريخ هذه الكنيسة؟

- نشأت الكنيسة الأسقفية أو ما يطلق عليه "الإنجليكانية" في إنكلترا، بعد ظهور الاختلافات والتمزق الذي أصاب الكنيسة الكاثوليكية، وهنا تكونت الكنيسة الأسقفية، وعندما هاجر عدد من أبناء الكنيسة إلى أميركا أسسوا هناك عدداً من هذه الكنائس، وتم إعلان أول أسقف لهذه الكنيسة عام 1784، والكنيسة الأسقفية تتبعها 18 كنيسة مستقلة، إضافة إلى الإيبارشيات فيما وراء البحار، ولهذه الكنيسة هيئة استشارية تختار أسقفها العام، ومن أهم أهدافها الحوار بين الأديان والوصول إلى نقاط اتفاق للعيش في هذا الكون، وأنا أترأس أسقفها العام في شمال إفريقيا وجنوب الكرة الأرضية.

● ما موقفكم من زيارة الأقباط للقدس؟

- الكنيسة الأسقفية في مصر والقرن الإفريقي، لا تمنع أبناءها من السفر لزيارة القدس، فالزيارة حق أصيل، لكن يجب علينا أن ننظر إلى الأماكن المقدسة في القدس باعتبارها ليست قطعة ملك لإسرائيل، والزيارة تؤكد أنها ملك لنا نحن العرب، وبالتالي فإن المسألة ليست تشجيعاً على السياحة في إسرائيل، وأن الزيارة قد تكون تضامنية مع إخوتنا المسيحيين هناك.

● المسيحية أباحت التبني ورغم ذلك رفضتم التبني في القانون المصري، هل كان هذا القرار بضغط من الأزهر؟

- نعم الديانة المسيحية أباحت التبني، لكن نظراً لمستجدات العصر واختلاف الأزمنة، أصبح التبني أمرا غير مقبول في طوائفنا، فحين أقر الدستور المصري لائحة الأحوال الشخصية، ودعا كل الطوائف الدينية لإقرار لائحته توافقنا مع الأزهر ورفضنا إباحة التبني، إعمالاً بموقف المسلمين في هذه القضية لدرء المشكلات الناجمة عنه مثل اختلاط الأنساب وظهور مشكلات التوريث، وأيدنا عدم مشروعية التبني ولم يكن ذلك إرضاءً للأزهر كما يُشاع.

● بعض الكنائس الغربية أباحت زواج "المثليين" فكيف ترى هذه الدعاوى على واقع المسيحيين في الشرق؟

- هذه الدعوة الخبيثة هي مخالفة صريحة لكل تعاليم الكتاب المقدس، ولكل الأديان السماوية والدين لا يعترف إلا بالزواج الطبيعي بين الرجل والمرأة، ومن يخالف ذلك فهو شذوذ، وهذه الدعاوى هدفها إجبار الكنيسة في الشرق للاعتراف بهذا الأمر الذي يعد سافرا على تقاليد الإيمان والتعاليم السماوية.

رفضنا «التبني» سببه مستجدات العصر وليس إرضاءً للأزهر
back to top