أنس بن مالك... خادم رسول الله وصاحبه

نشر في 11-06-2017
آخر تحديث 11-06-2017 | 00:00
No Image Caption
هو أنس بن مالك بن النضر، وأمه أم سليم مليكة بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام، زوجة أبي طلحة زيد بن سهل الأنصاري، تسمى الرميصاء أو الغميصاء، وكانت زوجاً لمالك بن النضر في الجاهلية، فولدت له أنس، فلما جاء الله بالإسلام أسلمت مع قومها وعرضت الإسلام على زوجها فغضب عليها وخرج إلى الشام فهلك هناك، ثم خلف عليها بعده أبو طلحة الأنصاري.

كان يحب أن يتسمى "خادم رسول الله"، ويفتخر بذلك، وكانت أمه هي التي أخذته إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، ليتشرف بخدمته ويتربى على يديه، وكان عمره عشر سنوات، يقول: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، المدينة، أخذت أم سليم بيدي، فقالت: يا رسول الله، هذا أنس غلامٌ لبيب كاتب يخدمك. قال: فقبلني رسول الله صلى الله عليه وسلم.

نشأ أنس، رضي الله عنه، في رحاب مدرسة النبوة، وقضى أهم وأخطر فترات حياته وبداية اكتمال بنيانه التربوي في بيت النبوة وبين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويروي أنس أحاديث عدة عن معاملة النبي إياه بكريم أخلاقه، وعظيم عنايته، وهو يتذكر تلك الفترة العامرة من عمره المديد فيقول: خدمت النبي صلى الله عليه وسلم، عشر سنين، فما قال لي أفٍ قط، وما قال لشيء صنعته لِمَ صنعته، ولا لشيء تركته لِمَ تركته. ويذكر أنس موقفا له مع النبي، فيقول: أرسلوني يوما لحاجة، فقلت: والله لا أذهب، وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به نبي الله صلى الله عليه وسلم، فخرجت حتى أمر على صبيان وهم يلعبون في السوق، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قابضاً بقفاي من ورائي، فنظرت إليه وهو يضحك، فقال: يا أنيس، اذهب حيث أمرتك. قلت: نعم، أنا أذهب يا رسول الله.

لما أراد الصديق أبوبكر، رضي الله عنه، أن يستعمل أنس بن مالك على البحرين استشار الفاروق عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، لحداثة سن أنس، فما كان من الفاروق إلا أن قال لأبي بكر: ابعثه فإنه كاتب لبيب قارئ.

وعُدَّ رضي الله عنه من أكثر الصحابة رواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذلك أنه لازَم الرسول الكريمَ صلى الله عليه وسلم، عشر سنوات، مرافقا له وخادما ومتعلما منه، فحمل الكثير من الكنوز من السنة النبوية العطرة، وروى عنه الكثير حتى صار في المرتبة الثالثة بعد أبي هريرة وعبد الله بن عمر، فقد روى ألفين ومئتين وستة وثمانين حديثًا، وروى له البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه. اتفق له البخاري ومسلم على مئة وثمانين حديثاً، وانفرد البخاري بثمانين حديثاً، وانفرد مسلم بتسعين حديثاً.

بارك الله له في عمره ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، فاستفادت منه أجيال التابعين، ورووا عنه وحفظوا ما رواه هو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وروى عنه ما يزيد على مئتين وخمسة وثمانين من الصحابة والتابعين.

وكانت إقامته بعد النبي صلى الله عليه وسلم، في المدينة، ثم شهد الفتوح، ثم قطن البصرة ومات بها. وقال علي بن المديني: كان آخر الصحابة موتاً بالبصرة، واتفق الرواة على أن مولده كان قبل الهجرة بعشر سنوات، واختلفوا في وقت وفاته، رضي الله عنه، والصحيح أنه مات وعمره فوق المئة.

back to top