خاص

مفتي القدس الشيخ محمد حسين لـ الجريدة.: تصحيح صورة الإسلام خارجياً يبدأ من الداخل

شدد على ضرورة مواجهة الآخر بمنطقه ومخاطبته بلغته

نشر في 11-06-2017
آخر تحديث 11-06-2017 | 00:00
مفتي القدس الشيخ محمد حسين
مفتي القدس الشيخ محمد حسين
قال مفتي القدس، الشيخ محمد حسين، إن تصحيح صورة الإسلام يستدعي مواجهة الآخر بمنطقه ومخاطبته بلغته واستخدام كل الأساليب والوسائل الكفيلة بالتأثير فيه وتوجيهه لتعديل نظرته إلى الإسلام وحضارته الإنسانية، مضيفاً في حوار أجرته معه "الجريدة"، أثناء زيارته أخيراً للقاهرة، أن الأمر يتطلب أيضاً تصحيح صورة الإسلام في الداخل، وتطرق إلى مسألة الفتوى مشيراً إلى أن المزاجيين يريدون فتوى مفصلة حسب أهوائهم وملونة بأصباغ مذاهبهم... وإلى نص الحوار:
● كيف ترى محاولات تصحيح صورة الإسلام؟

- تصحيح صورة الإسلام والرد على الحملات الشرسة المغرضة ليس أمراً هيناً وبسيطاً يمكن أن يتم بطريقة عفوية وارتجالية بعيداً عن القيام بعملية الرصد والاستقصاء وجمع المعلومات من جهة وإدراك جميع الأبعاد والمتغيرات والتحديات من جهة أخرى.

● ما أهم التحديات الراهنة؟

- المرحلة الراهنة في ظل عولمة كاسحة وهيمنة غربية كبيرة في مجال الإعلام وتدفق المعلومات، تتطلب توحيد الجهود والمبادرات لمواجهة حملات التشويه الإعلامي للإسلام وحضارته، من خلال استثمار العلماء للنظام الإعلامي المعاصر للتعريف بالإسلام وتوضيح صورته الحقيقية، ولابد من وضع المناهج والوسائل التي من شأنها تحقيق الغايات المنشودة والأهداف المقصودة.

● برأيك كيف يمكن التعامل مع الآخر؟

- أمام العلماء تحديات ومعوقات تدفع بقوة إلى تغيير آليات وأساليب العمل في مجال تصحيح صورة الإسلام، ما يستدعي مواجهة الآخر بمنطقه ومخاطبته بلغته واستخدام كل الأساليب والوسائل الكفيلة بالتأثير فيه وتوجيهه إلى تعديل نظرته إلى الإسلام وحضارته الإنسانية.

● ماذا عن الصورة المشوهة للإسلام؟

- تصحيح صورة الإسلام في الخارج يستدعي تصحيح الصورة في الداخل ومهمة العلماء تبدأ في تصحيح واقع الأمة الإسلامية، ولا يتم ذلك إلا بتغيير الأحوال وترشيد الأوضاع التي تسهم في إعطاء صورة مشوهة عن الإسلام وحضارته، ولا يستقيم هذا التغيير إلا إذا كان وفق منهج رشيد وأسلوب قويم وبالعلم والحكمة وسداد الرأي ومضاء العزيمة، لأن العالم كله ينظر إلى الإسلام وحضارته من خلال واقع العالم الإسلامي وأحوال المسلمين.

● لماذا يتم إلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام دون غيره من الأديان؟

- بكل أسف دأبت بعض التنظيمات على ممارسة الإرهاب باسم الإسلام، ما خلق لدى الآخر صورة ملتبسة عن الدين الإسلامي، قوامها أنه دين تطرف وغلو وإقصاء للآخر.

● في تلك الحالة على مَنْ تقع المسؤولية؟

- هنا المسؤولية تقع على عاتق جهات فكرية ودينية يفترض أن تصحح الصورة وتقدم الإسلام بوصفه "دين معاملة"، فهو نظام حياة لا يدعو إلى إقصاء الآخر أو نفيه، مهما اختلف الدين أو الجنس أو اللون.

● كيف ترى وضع الأمة قادة وشعوباً؟

- الأمة قادة وشعوبا على مختلف المستويات والأطياف أمانة في رقاب العلماء، ومسؤولية العالم جليلة، فينبغي الحذر من جعلها هزيلة، فلابد للعلماء من وقفة مراجعة مع النفس يستعرضون فيها مواقفهم ويحاسبون فيها أنفسهم قبل أن يحاسبهم الله، فإن وجدوها على هدى فهم على خير، وإن كان يلفها الزيغ والانحراف واتباع الهوى فهم على شفا جرف هاوٍ، والعياذ بالله.

● وما هو دور العلماء؟

- حين يعرف العلماء دورهم... بمعنى أن يكونوا قد أدوا واجبهم وتحلوا بقيم الإسلام وعملوا بأحكام الدين ومقتضيات عملهم، فإنهم يبرزون في ميادين الشهامة ويكونون عوناً على الحق للأمراء والقادة والشعوب والحكام، فيحوزون احترام الخلق، فالعلماء كاليد حين تكون أمينة تكون ثمينة وحين تخون تهون، والعلماء حين قاموا بواجبهم احترمهم السلاطين، وكانت لهم هيبة وعزة وحضور قوي في نفوس الناس وواقعهم، وحين تخلوا عن دورهم ونزلوا من أعلى درجات السلم إلى أدناها خسروا كل شيء حتى أنفسهم، فصار احترامهم لا يتعدى ظواهر المجاملة وصار حديثهم لا يُسمع وفقد الناس الثقة فيهم.

● من يشوه صورة الدين؟

- المشاركون في العمل على إماتة الدين في نفوس الخلق هم المشوهون له والمشوشون على من يبحث عن الحقيقة الصادقة الناصعة الصالحة، فجرمهم كبير وإثمهم عظيم.

إعلان البراءة

● كيف ترى أدعياء العلم في عصرنا؟

- أدعياء العلم في عصرنا يتبوؤون أدوار العلماء ومناصبهم وهم بعيدون عنهم بعد المشرقين، لابد من إعلان البراءة من الفتاوى السخيفة والمنحرفة عن جادة صواب الشرع وأدلته، أيا كان مصدر تلك الفتاوى، فكل فتوى تنطلق من المزاجية وتتفلت من الضوابط المشروعة وتتجاهل الأصول المقررة للفتوى هي فتوى مرفوضة ولا تعبر بحال من الأحوال عن موقف الشرع الحنيف وحكمه، سواء صدرت عن شخص أو هيئة أو دولة أو حزب، فهي مردودة على أصحابها.

● كيف؟

- المزاجيون يريدون فتوى مفصلة على مقاييس أهوائهم وملونة بأصباغ مذاهبهم، فيسخرون من الفتوى التي تحرِّم ما حرمه الشرع ويستخفون بالتي تحل الحلال الذي جاء به الدين، لذا لابد من الإشارة إلى أن بعض أصحاب الفتاوى يتجاوزون الخطوط الحمراء حين يقبلون لأنفسهم أن يكونوا مادة للاستخفاف والتندر أو أبواباً لتسريب الطعن إلى دينهم وقيمهم فاتحين الباب للمتصيدين في الماء العكر، ولو أن هؤلاء صدقوا دينهم لاتقوا الله في فتاواهم.

انقلاب جذري

● ما المطلوب لمواجهة فوضى الفتاوى؟

- إذا وجد المفتي المؤهل دينيا وعلميا وشخصيا وأتيح له المجال ليصدر فتواه المستنبطة من الدليل الشرعي الصحيح وفق الضوابط الشرعية التي تشترط في الفتوى والمفتي، فإننا سنشهد انقلابا جذريا في عالم الفتوى، حيث يكون التركيز على مستجدات الأمور وقضايا الناس ومشكلاتهم دون الهبوط إلى درك الأمور وسفاسفها والنأي بالفتوى عن المجاذبات السياسية والمناكفات الحزبية والمذهبية.

● هل المفتي وحده مسؤول عما شاب الفتوى أخيراً؟

- المسؤولية لا تقع على عاتق المفتي وحده، رغم أنه لن يكون بحال من الأحوال في منأى عن نصيبه في أسباب ما آل إليه واقع الفتوى في مجالي النجاح والفشل، فهو ركن أساس، لكن المسؤولية تشمل أيضاً المجتمع بأنظمته وقوانينه وسياسته.

المشاركون في العمل على إماتة الدين في نفوس الخلق هم مشوهوه
back to top