نور الشريف... الفيلسوف العاشق (15 - 30)

زمن حاتم زهران

نشر في 10-06-2017
آخر تحديث 10-06-2017 | 00:04
خرج نور الشريف إلى الشارع ليشارك المصريين حزنهم على رحيل الزعيم جمال عبدالناصر، وكان حريصاً على أن يكون من بين أول المشاركين في الجنازة، لوداع الراحل إلى مثواه الأخير، مردداً مع الملايين: الوداع يا جمال يا حبيب الملايين/ ثورتك ثورة كفاح... عشتها طول السنين.
أنشودة حُفرت في قلب كل من أحب الزعيم... رددها الجميع في لحن جنائزي مهيب.. في جنازة ستظلّ الأكبر على مر السنين.
بدأت جنازة جمال عبدالناصر من مصر إلى الخليج العربي شرقاً والمحيط الأطلنطي غرباً، شارك فيها أبناء الأمة العربية كلهم، ورصدتها وسائل الإعلام الغربية قبل العربية، حيث تدفّق الملايين من الناس إلى شوارع المدن الرئيسة في أنحاء الوطن العربي، وقتل أكثر من عشرة أشخاص في بيروت نتيجة للفوضى، وفي القدس سار ما يقرب من 75 ألف عربي في البلدة القديمة وهم يهتفون «ناصر لن يموت»، حتى أن مجلة «نيوزويك» كتبت:

«لم يشهد العالم جنازة تماثل في ضخامتها جنازة عبدالناصر وسط مشاهد من عويل المصريين والعرب عليه، بلغت حد التخلي عن الموكب الجنائزي عندما ضغطت الألوف المؤلفة على الموكب في محاولة لإلقاء نظرة أخيرة على النعش الذي يحمل جثمان بطلهم الراحل. جنازات كيندي وستالين وكمال أتاتورك، تبدو كصور فوتوغرافية إذا ما قورنت بجنازة عبدالناصر. شعر العرب بأنهم فقدوا الأب والحامي لهم».

عاش نور الشريف حزيناً على فقدان الزعيم الراحل، إذ شعر باليتم لأول مرة في حياته، رغم نشأته يتيماً، فظلّ حزيناً مكتئباً، إلى أن هاتفته الفنانة ماجدة تطلب منه حضور العرض الخاص لفيلم «السراب» في السادسة من مساء 28 ديسمبر 1970، في دار سينما «ريفولي» بوسط القاهرة، والتي تبعد بضع خطوات عن منزله في شارع قصر النيل.

صك النجومية

لم يقو نور على الذهاب بمفرده ليشارك ماجدة حضور العرض الخاص بفيلمهما الجديد، بل قرر أن يصطحب معه أكبر عدد من الأصدقاء والمقربين. ذهب معه كل من صلاح السعدني، وشاكر عبد اللطيف، وعوض محمد عوض، ونبيل الهجرسي، وهادي الجيار، ومحمد وفيق، ونبيل الحلفاوي، وآخرون.

أظلمت دار العرض، وبدأت شارة المقدمة حيث تصدّر اسم نور الشريف الشاشة منفرداً بعد اسم ماجدة، ليأتي اسم الفنان الكبير رشدي أباظة بعد أسماء عدة كضيف شرف.

شعر الشريف بزهو كبير، فهو بطل فيلم يأتي فيه رشدي أباظة ضيف شرف. لكن ما إن بدأ المشهد الأول حتى تعالت ضحكات الجمهور ساخرة من «كامل»، فدق قلب الشريف بقوة، وأيقن أن الجماهير «ستوبخه» على دوره، وتأكد أن النجوم الذين سبقوه كان لديهم الحق حينما رفضوه خشية ردود فعل الجمهور. لكن بمرور الوقت، حبست الأنفاس، وراح الجميع يتابع تنقلات «كامل» النفسية من مرحلة إلى أخرى، ومن حالة إلى أخرى. ومع نزول كلمة «النهاية» وإضاءة الأنوار فوجئ نور بعاصفة من التصفيق لم يشهدها سابقاً، وراحت الجماهير تهتف باسمه.

حفظ الجمهور اسمه ونصبه نجماً جديداً للمرحلة، ولم يكتفِ بذلك، بل مع خروجه من دار العرض، صفق الحاضرون للفنانة ماجدة، لكنهم تكالبوا على نور يصافحونه ويقبلونه، بل وحملوه على الأعناق. عندئذ، التقط صلاح السعدني الخيط بسرعة، وتقدّم من يحملون صديقه ليوجّه بوصلة سيرهم إلى أن وصل بهم إلى بيت نور الشريف في شارع قصر النيل، وبدأ الاحتفال الخاص الذي رتبه له أصدقاؤه.

قررت مجموعة الأصدقاء الاحتفال بالشريف بطريقة خاصة، غير أنهم اكتشفوا أن ليس لديهم من النقود ما يمكنهم من البر بوعدهم. بناء عليه، وعد صلاح السعدني بأن يكون الاحتفال على نفقته الخاصة، رغم أنه ليس أفضل منهم حالاً، فلم يكن معه ما يكفي لشراء «ساندويتشات فول وفلافل». لكنه قرر أن يقيم وليمة من «الكباب والكفتة» وذهب إلى «كبابجي باب اللوق» الذي يتعامل معه بالدين، وأتى منه بما يكفي لدعوة شارع قصر النيل بأكمله على وليمة «كباب وكفتة»، إلى حين ميسرة. كذلك أحضر زجاجات المياه الغازية، وأعد وليمة ضخمة. وقبل أن تمتدّ أيدي الأصدقاء إلى الطعام، وقف صلاح السعدني على رأس المائدة، وراح يطرق بشوكة في يده على كوب زجاجي لينتبه له الجميع:

= أخواني... أخواني... أرجوكم هدوء واسمعوني. اليوم نحتفل بنجاح أحد أبناء جيلنا، ذلك النجاح الكبير الذي حققه ابننا الغالي محمد جابر الشهير باسم نور الشريف. في حقيقة الأمر، نحن لا نحتفل بنور الشريف لأنه نجح، بل نحتفل بنجاح جيل بأكمله. نجاح جيلنا. بالفعل، نجاح الشريف اليوم هو نجاح الجيل كله. بعدما رفع نور رؤوسنا عالية في عنان السماء، وأصبح أحد نجومها اللامعين. وهذا ليس بجديد عليه، فهو موهبة تعبر عن فنان حقيقي يستحق كل تقدير. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته... وهيا بنا نلتهم ما لذ وطاب من الكفتة والكباب.

كان أول أمر يفعله نور الشريف بعدما انفض الجميع من حوله، أن ذهب إلى عمته التي يدين لها بالكثير من الفضل، ثم إلى عمه إسماعيل، فألقى بنفسه في حضنه، فابتسم وهزّ رأسه:

= لسه مصمم إنك تكمل في الطريق اللي أنت ماشي فيه؟

* أنا جاي أفرحك وأقولك إنني نجحت وبقيت اسم كبير في السينما. أقولك على حاجة بس ما تضحكش عليا. اسمي بقى يتكتب قبل اسم رشدي أباظة نفسه.

= ده طريق صعب يا ابني وأنا خايف عليك منه، وخصوصاً الأخبار اللي بتنشرها المجلات اللبنانية. أوعَ تكون فاهم إني مش عارف... العيال بتجيب المجلات وتقراها قدامي.

* كلام المجلات والجرايد كتير... علشان تبيع. لكن أنت عارف أنا تربية إسماعيل عبد الله... تربيتك. وابن حي السيدة زينب اللي عرفت فيه الجدعنة والرجولة.

= خللي بالك من نفسك. ده طريق كله شوك يا ابني... ربنا يهديك.

خرج نور الشريف من زيارة بيت عائلته في حي السيدة زينب، فيما راحت ترن في أذنيه كلمات صديقه صلاح السعدني، ليتأكد أنه ليس بمفرده في هذا العالم، بل إن ثمة من يفرح لنجاحه بكل نبل. أبهرته تلك الروح الجميلة التي يتمتع بها صديقه الفنان، الذي سبقه إلى احتراف التمثيل، ثم تقدم عليه نور، ورغم ذلك لم يتردد لحظة في الاحتفال به، معتبراً هذا النجاح نجاحاً له بل وللجيل كله. بدورهم، أكد النقاد والصحافيون هذا الأمر، إذ راحوا يحتفون بمولد نجم جديد في سماء الفن المصري، مشيرين إلى ذلك النوع الخاص جداً من الأداء، الذي امتاز به النجم الشاب، وأكد من خلاله أنه ممثل حقيقي، عندما أتيحت له الفرصة أظهر إبداعه الذي اختبأ طويلاً خلف مجموعة أدوار «هزيلة» لم تكن تعبر عن الحجم الحقيقي لموهبته، معتبرين أن دوره في «السراب» بدايته الحقيقية، وأن شخصيته في «قصر الشوق» كانت التمهيد الطبيعي الوحيد له.

بعد هذا النجاح، قرّر نور الشريف أن يحقّق حلماً قديماً كان تمناه، وهو أن يملك سيارة «جاغوار» كتلك التي رآها لأول مرة تركبها صديقته الفنانة ماجدة الخطيب، فذهب واشترى مثيلتها بالتقسيط طراز 1970.

الحصان الرابح

وسط أصداء الابتهاج والاحتفالات المستمرة بنجاح فيلم «السراب»، عرض المخرج أحمد ضياء الدين على الشريف مشاركة النجمة الشابة نجلاء فتحي بطولة «المرايا»، قصة وسيناريو محيي الدين عارف وحواره، ليتقدم اسمه وأجره كلاً من سمير صبري، ونجمه المفضل عبد المنعم إبراهيم، وعادل إمام الذي منحه الفرصة الأولى في السينما بتقديمه للمخرج حسن الإمام. هكذا أصبح نور «الحصان الرابح» للمنتجين والمخرجين، فراحوا يراهنون عليه وقدّم أكثر من توقعاتهم، وفي الوقت نفسه كان وجهاً غير مستهلك، ولا يزال لديه الكثير كنجم سينمائي جديد. غير أنه حرص على أن يضع نصب عينيه أهم نصيحة من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر حول أهمية الفنان ودوره، وكان على يقين بأن ذلك لن يأتي من فراغ، بل لا بد من التزام الفنان في أعماله، والأهم التزامه في حياته الشخصية، والحفاظ على اسمه، أي «رأس ماله»، في الوسط الفني. بناء عليه، قرر أن يكون ملتزماً في مواعيده، وارتباطاته، وكلمته. ولكن لم تكن لديه العزيمة الكافية للإقلاع عن «الحبوب» التي يتعاطاها، بل ولم يستطع التخلي عن «شلة السوء» التي أصبحت تلازمه، سواء في مصر أو لبنان، فكان لا يتحرك إلى أي مكان من دونها، بل كان بعض أعضائها يحرص على أن يصل قبل الفنان إلى المكان الذي سيتجه إليه ليبدأ بالتحضيرات، وما إن يهل على المكان حتى يصنع له «جلبة» لإثارة اهتمام الحضور. ليس هذا فحسب، بل إن بعضهم واصل التدخل في عمل الشريف، ولم يهتم بأن يقرأ الممثل سيناريو الفيلم الذي يعرض عليه للتأكد من أهميته، أو طبيعة دوره ومدى تأثيره في الأحداث، بل نصحه دائماً بأن يطالب بأعلى أجر نجم موجود على الساحة، وأن يسبق اسمه أسماء المشاركين في الفيلم كلهم.

رغم ذلك لم يكن الشريف يستطيع أن يرفض طلب الفنانة ماجدة للمشاركة معها في «زوجة لخمسة رجال»، ليظهر ضيف شرف في دور «وكيل النيابة» في مشهد «محاكمة البطلة» في نهاية الفيلم، الذي أنتجته ماجدة وأدّت بطولته إلى جانب كل من رشدي أباظة، وعماد حمدي، ومحمد رضا، وصلاح منصور، ومحمد عوض.

أبى الشريف أن يرد اسمه بعد أسماء هؤلاء كلهم، أو أن تسبقه كلمة «ضيف شرف» بين ممثلي الأدوار الثانية، فوافق على أداء المشهد بشرط ألا يكتب اسمه في الشارة، ليترك للجمهور اكتشاف وجوده، وهي ثقة كبيرة لا يتحلى بها سوى نجم يعرف خطوته. لكنه اكتشف أنه في حال راح يتحكّم بطريقة كتابة اسمه وفق رؤيته الخاصة في الشارة، فربما يعود إلى الجلوس في بيته من دون عمل. عندئذ، قرّر أن يوازن بين ما يريده وما يفرضه الواقع، ذلك من خلال الموافقة على الأفلام الجيدة التي يتميز فيها دوره إلى حد ما. في إثر ذلك، فرح بدور عرضه عليه المخرج عاطف سالم إلى جانب سعاد حسني في بطولة «فجر الإسلام» المأخوذ عن رواية الكاتب عبد الحميد جودة السحار، من إنتاج المؤسسة المصرية العامة للسينما، التي سبق وشارك في فيلم «السراب» من إنتاجها.

كرامة وتحدٍّ

راح نور يجتمع يومياً مع كل من المخرج عاطف سالم وسعاد حسني للتحضير للفيلم، وقبل الشروع في التصوير تعرض سالم لحادث سيارة أقعده طريح الفراش فترة طويلة، وأكّد له الأطباء عدم استطاعته ممارسة عمله والوقوف على قدميه قبل ستة أشهر، ما جعل مؤسسة السينما تستبدل به المخرج صلاح أبوسيف.

أبدى الشريف وحسني ضيقهما من هذا التصرف، وعدم الانتظار إلى حين شفاء سالم، لكن المؤسسة أصرت واتفقت فعلاً مع صلاح أبوسيف الذي رفض أن يكمل ما بدأه المخرج السابق مصراً على أن يبدأ من جديد، فكان له ما أراد. أول خطوة له كانت أنه وجد أن النجمين غير مناسبين لفيلم ينطق بالعربية الفصحى، فقرر البحث عن اثنين آخرين يمكنهما أن يجسدا الشخصيتين، فرأى أن الممثلة نجوى إبراهيم تصلح لدور البطولة لأن الجمهور يتقبّل منها النطق بالعربية الفصحى، على عكس سعاد حسني. لكنه لم يعثر على بديل لنور الشريف، فقرر العودة إليه مجدداً، غير أنه فوجئ به يرفض العمل معه:

= أنت مجنون يا ابني. ترفض تشتغل مع صلاح أبوسيف!

* أنا ما رفضتش. هو اللي رفضني من أول ما جه يعمل الفيلم.

= وأهو رجع وطلبك تاني.

* ده لأنه مالقاش اللي ممكن يعمل الدور بدالي.

= ليه إن شاء الله أنت فاكر أن ما فيش بديل لك ولا إيه؟

* أنا ما قولتش كده. البلد مليانة ممثلين، وأحسن مني كمان. لكن الأستاذ صلاح أبوسيف مخرج كبير وله رؤية... وكونه يرفضني معناه أنه مش شايفني في الدور... وكون الظروف تخليه يرجع ويقبلني مرة تانية... ده يخليني أخاف.

= تخاف من إيه؟

* أخاف أن الدور يضرني أكتر ما يفيدني. علشان كده أنا برفض.

= فوق يا نور. أنت كده بتدمر مستقبلك.

* بالعكس. أنا كده بأحافظ على مستقبلي.

= والعربون اللي أنت أخدته.

* ده حقي. أنا كنت جاهز أعمل الدور... والمخرج هو اللي جه وغيرني. يعني أنا اللي مفروض أطالب ببقية أجري.

* أنت باين عليك اتجننت يا بني.

* لو سمحت ما فيش داعي للعصبية أو الغلط. أنا بأتكلم بشكل قانوني وعارف حقوقي وحقوق غيري كويس.

= كده. طب دور بقى على حقك. أنت مش فضلك سبعمئة جنيه من أجرك عن فيلم السراب. اعتبرهم وصلوك... ويبقى لا لك عندنا... ولا لنا عندك.

* كده!

= والله مش عاجبك... الفرصة لسه قدامك. ادخل من بكره كمل الفيلم وخد بقيت فلوسك.

* لا أنا متشكر أوي. مش عايز بقية فلوسي... بناقص.

أصرّ نور الشريف على رفضه، فذهب الدور إلى الفنان عبد الرحمن علي، مثلما ذهب دور سعاد حسني إلى نجوى إبراهيم، بعدها فقد الممثل الشعور بأية مسؤولية، وسيطر عليه إحساس بالإحباط وخسارة كل شيء. ولكن رغم حزنه على ضياع الفيلم وبقية أجره منه، وأجره من «السراب» فإنه لم يندم ولم يتنازل عن عناده ومبادئه، علماً بأن إساءات طاولت سمعته الفنية، إذ راح المنتجون والمخرجون يبتعدون عنه مجدداً. لكنه شعر بأنه على الطريق الصحيح، عندما وجد أن الله يفتح له أبواباً أخرى في مقابل تلك التي سدت. حينها، عرض عليه المخرج أحمد ضياء الدين المشاركة معه في فيلم «أشياء لا تشترى» إلى جانب كل من يحيى شاهين، وشمس البارودي، قصة أمين يوسف غراب وحواره، والتي أعدّها للسينما عبد الجواد الضاني. كذلك طلب منه المخرج عادل صادق المشاركة في «شباب في عاصفة»، قصة وسيناريو سعد الدين وهبة وحواره، إلى جانب كل من نيللي، ويوسف شعبان، وعادل إمام، وسهير رمزي. بعد ذلك، جمع المخرج نادر جلال بينه وبين نيللي مجدداً في «غداً يعود الحب»، ومعهما عقيلة راتب، ومحمود المليجي، ونجوى فؤاد، تبعه «الأبرياء» مع ميرفت أمين، وعزت العلايلي، وعماد حمدي، ومحيي إسماعيل، قصة وسيناريو بهيج إسماعيل وحواره، وإخراج محمد راضي.

رغم هذه العروض التي تلقاها نور إذ عوضته الأقدار عن الفيلم بأربعة أفلام، فإنه شعر بعدم الرضا عن نفسه، وقرر أن يتوقف قليلاً ليعيد حساباته ويعود إلى المسرح حيث قدّم في العام نفسه مسرحية «شمشون ودليلة» للكاتب الفلسطيني معين بسيسو، ومن إخراج أستاذه نبيل الألفي، وحاول من خلالها إعادة قراءة التاريخ، عبر المزج بين الأساطير والفانتازيا والحكايات التاريخية، بمنظور معاصر.

يوم في المقابر

ظلّ نور الشريف سنوات طويلة يتذكّر يوماً مختلفاً في حياته بعد نجاح فيلم «السراب»، حينما خرج من بيت عمه عازماً على زيارة قبرين. زار أولاً قبر الزعيم جمال عبد الناصر في المسجد بالاسم نفسه، وقرأ له الفاتحة، لأن رسالته التي أرسلها له عبر رجل رئاسة الجمهورية، كانت بمنزلة ناقوس نبّهه إلى حقيقة موهبته التي يجب ألا يضيعها في أدوار ربما تؤدي به في طابور طويل من «ممثلين عاديين» حضورهم في الفن المصري كغيابهم، فضلاً عن حرصه على أن يوضح له أهمية دور الفن والفنان في المجتمع.

القبر الثاني الذي زاره نور في هذا اليوم كان لوالده جابر عبد الله، الذي لم ير الفنان شكله ولم يتمتع يوماً بالارتماء في حضنه كبقية الأطفال، لكنه كان سبب وجوده في هذه الدنيا. وقف أمامه يحكي له عما وصل إليه، وما حققه، وكيف كان يتمنى أن يكون موجوداً معه في هذا اليوم ليرى النجاح الذي وصل إليه، ثم أنشد بيتاً تذكره للشاعر التركي عبد الحق حامد، قاله في رثاء زوجته الراحلة التي عشقها بجنون:

* ليت الأرض هي كل قبر الحبيب... إلا أن النسيان قبرها.

البقية في الحلقة المقبلة

نجاح «السراب» أعاد ثقة نور الشريف بنفسه كفنان من طراز خاص

الجمهور حمل الشريف على الأكتاف وصلاح السعدني احتفى به على طريقته

العروض انهالت على نور ... والمنتجون اعتبروه الحصان الرابح

نور الشريف رفض العمل مع صلاح أبوسيف في «فجر الإسلام»

الشريف بطلاً لفيلم يشارك فيه رشدي أباظة ضيف شرف
back to top