استهلاك

نشر في 09-06-2017
آخر تحديث 09-06-2017 | 00:14
لا يخفى على أحد استخدام الشركات للعديد من الحيل النفسية كي تقنع المتلقي أن حياته منقوصة دون الحصول على ذلك المنتج أو تلك الخدمة، فتكرار صور نمطية عن الحياة المثالية جعل المتلقي يشعر بالعجز والنقص، خصوصاً أن المواد المعروضة نادراً ما تكون واقعية وعملية.
 دانة الراشد يومياً نتعرض لوابل من الصور ومقاطع الفيديو عن طريق الإعلام بأشكاله، خصوصاً وسائل التواصل الاجتماعي، وشيئاً فشيئاً يعيد تشكيل قناعاتنا وآرائنا، ويؤثر بشكل عميق في سلوكنا ونظرتنا للحياة، وغالباً ما يدفع بالكثير منا إلى دوامة الاستهلاك اللامتناهي المقرون بوعود كاذبة بالإشباع والسعادة، والتي لن تتحقق أبداً إلا بصورة لحظية متى كان السعي وراء الماديات هو الأساس، فالاستهلاك الذي يعتمد على تحفيز سلوك الإدمان لدى المستهلك بشكل غير مباشر هو أشبه بالماء المالح، ولن يرويك مهما شربت منه!

ما تراه العين وتسمعه الأذن يستقر في قاع محيط العقل الباطن وإن لم يدركه أو يتذكره العقل الواعي مباشرةً، ولا يخفى على أحد استخدام الشركات للعديد من الحيل النفسية كي تقنع المتلقي أن حياته منقوصة دون الحصول على ذلك المنتج أو تلك الخدمة، فتكرار صور نمطية عن الحياة المثالية (أو ما يصور على أنها كذلك!) يجعل المتلقي يشعر بالعجز والنقص، خصوصاً أن المواد المعروضة نادراً ما تكون واقعية وعملية، ولكن مع تطور أساليب الإخراج والتصوير الواقعيين، ودعايات "نجوم" وسائل التواصل الاجتماعي ذات الطابع الشخصي، فإن المتلقي لا يعود يدرك الفرق بين الوهم والواقع! فيقدم على الشراء على أمل الحصول على الإشباع والسعادة.

وهنا تكمن الأسئلة: هل يضمن لك البيت العملاق السعادة ودفء الأسرة؟

وهل يضمن شراء سيارة بأقساط عالية توفير صورة اجتماعية مرضية؟

وهل السفر نافذة للتعرف على ثقافات الشعوب أم هو تجربة سطحية واستعراض لما تملك من أموال؟

وهل فكرت يوماً بمدى احتياجك الحقيقي للقروض، وجدية العواقب المترتبة عليها؟

ومتى أصبحت مقاييس الجمال للنساء بهذه الاستحالة؟

أسئلة كثيرة نادراً ما نتوقف عندها!

الإنترنت أداة رائعة للبحث والتواصل مع العالم الفسيح من حولنا، يمكنك إيجاد إجابات للعديد من أسئلتك (من مصادر رسمية موثوقة بالطبع)، ويمكنك مشاهدة الأفلام والبرامج الوثائقية، وكذلك التعرف على فنون وموسيقى الشعوب، ويمكنك أيضاً تنمية مواهبك وهواياتك والاطلاع على كل جديد فيها، لذا من المؤسف أنه على الرغم من انتشار الإنترنت وكونه في متناول الجميع، فإن ندرة من الناس تعرف كيفية الاستفادة منه بدلاً من أخذ دور المتلقي المتشتت ذهنيا والملتصق بهاتفه.

"إذا اشتريت ما لا تحتاجه فأنت تسرق نفسك". (مثل سويدي).

back to top