شعراوي جمعة... ذكريات زمن التحوّلات السادات في مواجهة الجميع (11 - 15)

نشر في 06-06-2017
آخر تحديث 06-06-2017 | 00:05
مع ظهور اختلافات وخلافات جلية بين الرئيس المصري أنور السادات وبين نائبه علي صبري، في عام 1971، بدا أن الصدام بينهما اقترب. حاول كل من شعراوي جمعة وسامي شرف وعدد من رجال الدولة احتواء الموقف والعمل على تهيئة الأجواء لتمرير الأزمة من دون صدام. لكن الجميع فوجئ بإعلان السادات للسفير السوفياتي لدى مصر نيته إقالة صبري من منصبه، ما أشعل الأمور مجدداً. هنا يروي شعراوي جمعة ذكرياته عن هذه اللحظات الحاسمة التي سبقت العاصفة.
كان خبراء الأرصاد الجوية ينذرون بصيف ساخن، وكانوا بدأوا يتحدثون عن ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة مقارنة بالعام الماضي، فيما كانت الأجواء السياسية تنذر ببداية صيف أكثر سخونة واشتعالاً عام 1971.

عند منتصف الليل في الساعة الثانية عشرة، كنتُ في زيارة إلى الفريق أول محمد فوزي بمقر القيادة العامة للقوات المسلحة، لدراسة موضوعات تتعلق بالإعداد للمعركة والتنسيق في ذلك بين وزارتي الداخلية والحربية والدفاع المدني، وأبلغت في هذه الأثناء بأن أنور السادات يبحث عني، فاتصلت به فإذا به يقول لي:

- إيه اللي أنت عملته النهاردة؟

سألته: إيه ده؟

فقال: إزاي أنت ترفض المشروع؟

فقلت له: والله أنت أصررت على إجراء التصويت، وكنا جميعاً نبدي آراءنا ونناقش، وأنا قلت لك لا داعي للتصويت، ولكنك أصررت!

تابع: جمال عبد الناصر كان يتناقش في الاجتماعات باستمرار، وكان يطلب آراءنا، ولكن صوتي كان دائماً في جيبه، وأنا كنت أتصور أنك ستصوت معي بغض النظر عن أي أمر.

فقلت له: لا... أنا لا أستطيع، وهذا مستقبل أمة، وتترتب عليه أمور كثيرة، وأنا قلت رأيي، وأنت صممت على عملية التصويت.

فأضاف: طيب أنا عاوز أجمع اللجنة المركزية يوم الأحد أو الاثنين، أي 25 أبريل لا أذكر بالضبط.

فقلت له: لا داعي، ويمكن أن نؤجل اجتماع اللجنة المركزية إلى أن نتوصل إلى اتفاق بيننا.

فقال: لا..لا..لا.

فقلت له: أنا عندي آراء الجماهير في محافظتي القاهرة والجيزة، إضافة إلى آراء كثير من القواعد، وهي في غالبيتها ضد المشروع، وإذا أردت أن تطلع عليها كي تعرف صدى المشروع أرسلها إليك، والناس يقولون: إنك تبتعد عن خط المعركة الأساسي، وإن هذا مجرد تأجيل لمعركة التحرير.

وعددت للسادات ملاحظات مما كانت تقوله الجماهير من ملاحظات على مشروع الاتحاد.

فقال لي: طيب على العموم أنا مصمم على دعوة اللجنة المركزية يوم 25 أبريل.

ختمت: حاضر، ونفكر في الموضوع.

محاولة أخيرة

كان قطار الصدام يمضي في طريقه، وكنت أتصوّر حتى ذلك الوقت أن باستطاعتنا أن نتجنبه بطريقة أو بأخرى، وأنه لا بد من أن أقوم بمحاولة جديدة مع السادات لتجنب الصدام الذي بدأت بوادره تتجمع في الأفق، واتفقتُ مع سامي شرف على زيارة الرئيس في استراحة «القناطر الخيرية»، وصادفت زيارتنا إليه يوم جمعة، فصلينا صلاة في مسجد جمال عبدالناصر بمنشية البكري، واتجهنا منه إلى «القناطر» لمقابلة الرئيس السادات.

طالت جلستنا معه أكثر من ساعتين، حاولنا أن نثنيه عن الإسراع بعقد اللجنة المركزية، وتحدثنا طويلاً حول ضرورة تأجيلها، وعن أهمية اشتراك السودان في الموضوع، وعن أن يترك لنا فرصة للقاء جعفر نميري بعد عودته من الاتحاد السوفياتي، ومقابلة الإخوة في السودان، والحديث إليهم في ضرورة انضمامهم إلى «الاتحاد» كي يحظى المشروع بجماهيرية أوسع.

رفض الرئيس السادات كل ما طرحناه عليه، وفشلت محاولتنا، وفكرنا مجدداً في أن نشرك معنا عبد المحسن أبو النور في محاولة ثلاثية لتجنب الصدام.

وكان أنور السادات على علاقة طيبة بعبد المحسن أبو النور، فقلت له:

- سنحضر إليك مجدداً في الليل، ومعنا عبد المحسن أبو النور، ونعيد المناقشة أمامه.

فعلاً، ذهبنا مجدداً في اليوم نفسه إلى «القناطر الخيرية»، وكانت الساعة تقترب من السابعة مساء، وقيل لنا إن الرئيس ينتظرنا في غرفة النوم. صعدنا إلى هناك، فوجدنا السادات يرتدي العباءة فوق الجلباب، ويجلس إلى الأرض! ودعانا إلى الجلوس إلى جانبه، وجلسنا هكذا، وبهذه الطريقة الغريبة، داخل غرفة نوم السادات نناقش مجدداً الملاحظات حول مشروع الاتحاد، ونحاول فتح ثغرة أمام إمكان تأجيل اجتماع اللجنة المركزية، وحاولنا أن نوضح له ما يمكن حدوثه من جراء الإسراع في عرض المشروع على اللجنة المركزية.

ودقت الساعة الثانية عشرة معلنة انتصاف الليل، ولم نكن وصلنا إلى أية نتيجة مع السادات، وخرجنا إلى الطريق المتجه إلى القاهرة، وقد ملأنا شعور بالانقباض، في الطريق سألت عبد المحسن أبو النور:

- هل في إمكاننا ألا ندع الأمور تتصاعد إلى حد الدخول في معركة مع السادات حول هذا المشروع؟

سألته وكأني أكلم نفسي: هل نترك الأمور تمضي في أعنتها؟ أم نستمر في إعلان موقفنا حتى لو أدى إلى استمرار الصدام بيننا وبينه؟ كنت أفكر مع الحاضرين بصوت عالٍ، وأذكر أن عبد المحسن أبو النور قال وكأنه ينظر إلى ما سيحدث في المستقبل، أو كأنها نبوءة عراف صادفت الحقيقة:

- للأسف، نحن لا نملك أن نفعل ذلك، لأننا إذا تركنا السادات يمضي في طريقه من دون إعلان موقفنا ورأينا، وبغير الإصرار على تكريس أسلوب دراسة القرارات المهمة، خصوصاً تلك التي تتعلق بمصير البلد، وبمعركة التحرير، سيأتي يوم يفاجئنا فيه الرجل بالاتفاق مع الأميركيين، أو بالاتفاق مع اليهود من وراء ظهورنا!

خطة شعراوي

كنا فعلاً قرب الموعد الذي تقرر في مجلس الدفاع، وكان الفريق أول محمد فوزي يستعد للمعركة، وكنا على وشك أن يعطي الرئيس أنور السادات تعليماته النهائية لتحديد الموعد، وكان المقترح لها أن تكون خلال يونيو 1971، أي بعد أقل من شهرين. وكانت خطتي أن يكون تأجيل البت في مشروع «الاتحاد الثلاثي» لفترة طويلة نسبياً، نتوجه خلالها بطاقاتنا كلها نحو المعركة، وربما يحدث أن ندخلها و«يموت» الموضوع، قبل أن يتسبب في إحداث انقسام في صفوف القيادة السياسية.

كانت خطتنا تتشكل من ثلاثة عناصر رئيسة:

أولاً: أن نعمل على تأجيل البت في رأي نهائي في مشروع الاتحاد، من دون أن نحجر على أن تمضي المناقشة بشكل طبيعي بين مؤيد ومعارض، كل حسب وجهة نظره، ولكن نصل في النهاية إلى قرار التأجيل المطلوب.

ثانياً: أن تطرح شخصية محايدة فكرة التأجيل على الاجتماع، ووقع اختيارنا على د. جابر جاد عبد الرحمن، عميد كلية الحقوق بجامعة القاهرة، وهو شخصية تحظى باحترام أكاديمي وسياسي كبيرين، والأهم أنه لم يكن محسوباً على أي طرف.

ثالثاً: اتفقنا على أن يمتنع علي صبري عن الكلام في الجلسة، ونترك المجال كي يتقدم أعضاء اللجنة المركزية بتقديم نقدهم على مشروع الاتحاد، من دون تدخل أو كلام من صبري.

وكانت هذه نقطة مهمة لتفادي الصدام الذي يدفعنا إليه أنور السادات، وكان تقديري أن العلاقة بينهما انهارت إلى حدٍ بعيد، ولم يعد في مقدور الرئيس أن يسمع أي كلام من علي صبري، وافق الأخير على رأي الغالبية التي رأت في ذلك الوقت الاكتفاء بالتأجيل، ووعد بأن يمتنع عن الحديث، وقبل أن يبدأ الاجتماع، حدث ما أربك جانباً كبيراً من خطتي.

كان الرئيس أنور السادات قد استدعى السفير السوفياتي في القاهرة قبل اجتماع اللجنة المركزية بفترة وقال له: أنا أبلغك بأنني سوف أعزل علي صبري من منصبه كنائب لرئيس الجمهورية.

وبالطبع فوجئ السفير بما طرحه عليه السادات وقال له مستغربا:

ـ وما علاقتي بهذا الموضوع؟

فقال السادات: أحببت أن أبلغك بنفسي حتى لا يقال لكم إنني عزلت الرجل «بتاع موسكو» في القاهرة، أو يستغل البعض الموقف ضد علاقتي مع أصدقائي في القيادة السوفيتية.

وعلمنا بالواقعة في حينها، أنا وسامي شرف.

وفي صباح يوم انعقاد اللجنة المركزية، وأثناء حوار بين سامي شرف وعبد المحسن أبو النور أخبره سامي بالواقعة، ولم يكن أحد ليصدق، فقال شرف: والله أنور السادات أحضر السفير السوفيتي، وقال له هذا الكلام.

توضيح صبري

كالصاعقة وقع الخبر على عبد المحسن أبو النور، ورأى أن من الرجولة والشهامة أن يبلغ علي صبري بالواقعة كما سمعها من سامي شرف، مؤكداً له أن السادات قرر أن يعزله، وأنه أبلغ القرار إلى السفير السوفياتي لدى مصر.

هكذا سقط جزء مهم من خطتي بإصرار علي صبري على الحديث، وكان له الحق كل الحق في أن يدافع عن موقفه، ولم يكن أحد ليستطيع أن يمنعه، وهو الذي سمع منذ لحظات أن أنور السادات أبلغ سفير دولة أجنبية بنيته عزل نائب رئيس الجمهورية من دون أن يناقش ذلك مع أيٍ من معاونيه، أو أية جهة رسمية أو دستورية في البلاد، والأسوأ أن يتطاول عليه رئيس الجمهورية في حديثه إلى سفير دولة أجنبية بالقول إنه «رجل موسكو» في القاهرة.

لم يكن أمام علي صبري، وهو السياسي الخبير والمحنك، أي خيار آخر غير توضيح وإعلان موقفه بالكامل أمام اجتماع اللجنة المركزية، ولا شك في أنه رأى أنها ربما تكون فرصته الأخيرة التي يتاح له فيها أن يعلن رأيه ليس في المشروع فحسب، بل في أسلوب إدارة السادات الدولة، وكيفية اتخاذه القرارات المصيرية.

وانعقد الاجتماع، وكان علي صبري أول من طلب الكلمة من بين أعضاء اللجنة التنفيذية العليا، وبدأ يسرد تفاصيل الموقف والإجراءات والحوارات والوقائع وبالأسماء، من أول ما بدأت فكرة الاتحاد حتى لحظة اجتماع اللجنة التنفيذية العليا، وذكر تفاصيل ما جرى في ليبيا بين الوفود الثلاثة المصرية والسورية والليبية، وكان أعضاء اللجنة المركزية يستمعون لأول مرة إلى تفاصيل جديدة لم يكن أحد منهم يعرفها، وشد حديث علي صبري انتباه وتركيز الحاضرين جميعاً، وهم يسمعون ربما لأول مرة تفاصيل مثيرة تحدث عند قمة السلطة السياسية في البلد، من أسرار وطريقة إدارة السادات الأمور.

وشعر الرئيس السادات بأن الأمور بدأت تفلت من بين يديه، وأنه لن يستطيع تحقيق هدفه من عقد اجتماع اللجنة المركزية، وهو الذي كان يريد أن يحاصر اللجنة التنفيذية العليا بقرار يصدر لصالحه من اللجنة المركزية، وكان هاجم أعضاء اللجنة التنفيذية العليا في بداية الاجتماع، ولكنه فوجئ بتصدي علي صبري للموضوع برمته وبوضوح وصراحة، ولم يكن أمامه إلا أن يقاطعه محاولاً أن يوقف تواصله، وأصر صبري على مواصلة الحديث، وازدادت حدة نبرة انتقاده الأسلوب المهين الذي لجأ إليه السادات للحصول على اتفاقية اتحاد الجمهوريات.

فشل السادات في إيقاف حديث علي صبري أكثر من مرة، وتدخل البعض من المحسوبين عليه، والموالين له، من أعضاء اللجنة المركزية، وقالوا إن صبري خرج عن موضوع المناقشة، وطالبوا بأن يوقفه الرئيس عن مواصلة حديثه.

وأخطأ السادات مجدداً في تقدير الموقف التقدير الصحيح، وقد ظنّ أنه قادر على استصدار قرار من اللجنة المركزية بإيقاف صبري عن الحديث، وفوجئت به يطرح الأمر للتصويت، فسأل الحاضرين: هل نسمح لعلي صبري بإكمال حديثه؟

كانت اللجنة المركزية تضمّ 200 عضو، من بينهم 50 عضواً احتياطياً لا يحق لهم التصويت، وارتفعت أيادي الموافقين على استمرار صبري في الحديث بغالبية 146 ضد أربعة أصوات فقط. فشل أنور السادات مجدداً، وكانت نتيجة التصويت بمنزلة ضربة قاسية له، وهزيمة واضحة لتصوره عن إمكان حصارنا باللجنة المركزية.

وعاد علي صبري إلى الحديث، واستفاض في تفاصيله أكثر، وأعقبه في الحديث ضياء الدين داود فأوضح أننا طلاب وحدة، ونعيش على أمل بتحقيقها عندما تتوافر الظروف الموضوعية لذلك، من دون مقامرة أو مغامرة تكون نتيجتها سلبية على الوحدة ذاتها، وقال إننا مع الوحدة الحقيقية وضد الوحدة على الورق، وتلاه حسين الشافعي في الحديث مؤيداً المشروع، ودافع عن حزب البعث.

شعرت بأن الموقف أصبح حرجاً جداً، وكانت جلسة اللجنة المركزية ثورية بمعنى الكلمة، وكان هذا الصدام هو الأول من نوعه في تاريخ مصر الحديثة، ولم يكن أحد يتصور أن تقف سلطة سياسية في اجتماع عام وعلني في مواجهة رئيس الدولة، وتصوت على عكس ما يريده أولاً: بمواصلة علي صبري حديثه، وثانياً بإقرار ضرورة إدخال تعديلات جذرية على المشروع المقدم، بينما كان الرئيس السادات يتحرق شوقاً إلى إقراره كما هو، من دون أي تعديل.

في هذه الأثناء، وقف د. مصطفى أبو زيد وأخذ يتحدث عن أن ثمة خلافاً بين ما يطرحه الرئيس أنور السادات، وما يتحدث فيه علي صبري، وبدأ يفرق بين الوحدة «الفيدرالية»، وبين الاتحاد «الكونفدرالي»، وأدخل المناقشة في صيغ قانونية، وفي ضرورة إجراء تعديلات كي لا يحدث مثل هذا اللبس، خصوصاً في صياغة الاتفاقية.

وكان لا بد من التدخل لحسم الموقف تفادياً لأية مضاعفات، وكي لا يفلت زمام الأمور، وكانت هذه فرصة مناسبة كي نطلب رفع الجلسة للاستراحة، وتمت الموافقة.

هذه الجلسة من اجتماعات اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي العربي والتي اعتبرها في غاية النضج السياسي، حاول السادات أن يشوه صورتها وتحدّث طويلاً، وفي أكثر من مرة، محاولاً تصوير الاجتماع بشكل غوغائي وغير منظم، وأن الأعضاء يضربون الطاولات بأيديهم، ويدبدبون بأرجلهم على أرض القاعة، وللحقيقة فإن شيئاً من هذا لم يحدث على الإطلاق.

من ناحيتي، أعتبر أن تصويت أعضاء اللجنة المركزية إلى جانب علي صبري وضد الرئيس السادات كان عملاً ثورياً بالغ النضج، وقيل إنني كنتُ أدير الجلسة وأوجهها ضد أنور السادات. وللحقيقة أيضاً، أقول إن هذا لم يحدث، بل إن التوجيه السياسي كان يستهدف أن يتحدث الأعضاء ويطلبون التأجيل.

موقف الطليعة

انتقل الموضوع برمته الآن إلى اللجنة المركزية، وكان عليَّ في هذه الحالة، أنا ومعاوني من أعضاء الأمانة العامة لتنظيم «طليعة الاشتراكيين»، أن ندرس خطة التحرك تمهيداً لانعقاد اللجنة المركزية، وأن نضع أعضاء التنظيم داخل اللجنة المركزية في صورة الخلاف بين رئيس الجمهورية وبين أعضاء اللجنة التنفيذية العليا، ولم يكن ممكناً أن ندخل إلى اجتماعات اللجنة المركزية في حالة تعتيم كامل على الخلاف، في الوقت الذي نرى فيه نذر الصدام تتطاير أمام أعيننا، وبدا لنا بما يشبه اليقين أن السادات لا ينوي التراجع بأية حال. لذلك كان على تنظيم «طليعة الاشتراكيين» دور كبير، خصوصاً أعضاء الأمانة، وكان مطلوباً منهم أن يتحركوا سريعاً لإبلاغ التوجيه السياسي الذي كنا أقررناه بالاتفاق مع أعضاء باللجنة التنفيذية العليا.

كان التوجيه السياسي الذي أصدرته الأمانة العامة لطليعة الاشتراكيين يؤكد أننا لسنا ضد الوحدة، وأن العكس هو الصحيح، فنحن وحدويون، لأننا نؤمن بما جاء في الميثاق، وبكل مبادئ جمال عبد الناصر وأفكاره، وأننا مع الوحدة أكثر من الذين يتحدثون عنها الآن. ولكن الوحدة من غير جوهر، ومن غير مضمون، تصبح تفرقة، وانقساماً وانفصالاً، وأننا نعترض على «الاتحاد الثلاثي» لأنه خطوة غير مدروسة، لم تدخل في حسابها دروس نكسة الانفصال عام 1961، تلك التجربة التي لم تقيم التقييم الواجب، فضلاً عن أننا لم نختبر بعد العلاقة بيننا وبين القيادة في حزب البعث، خصوصاً أن الخلافات بين الناصرية وحزب البعث كثيرة، سواء الفكري منها أو السياسي، وخصوصاً أن معركة التحرير ذاتها على الأبواب، ويجب ألا يقف في سبيل خوضها أي أمر مهما كان.

وكنا نرى أن الوحدة الحقيقية التي يمكن أن تقوم في ذلك الوقت بين مصر وسورية تكون من خلال معركة تحرير الأرض العربية المحتلة، وحدة الدم، وحدة تجمع القوى العربية الرافضة لاستمرار احتلال الأراضي العربية، والساعية نحو تحريرها، وأن مثل هذه الوحدة التي تعمدها الدماء في معركة التحرير، هي الوحدة التي يمكن أن تعيش وأن تستمر على أساسٍ متين.

كان التوجيه السياسي لتنظيم «طليعة الاشتراكيين»، يقول باختصار: نحن أولاً مع معركة التحرير، ونحن ضد كل ما يدفعنا إلى تأجيلها، ومع الوحدة التي تبنى على هذا الأساس، وكان كل ما نريده في هذا الوقت وفي ظل هذه الظروف أن نحسم الخلاف المحتدم بالتأجيل لأجل الدراسة، وأن نوجه بعدها جهودنا للتحضير والاستعداد لمعركة المصير.

جمعة وشرف حاولا إقناع السادات بتأجيل الصدام مع أركان نظامه

«طليعة الاشتراكيين» تمسكت بمعركة التحرير ورفض أية محاولة لتأجيلها

أبو النور تنبأ بعقد السادات صلحاً منفرداً مع أميركا وإسرائيل

السادات لم يعد يسمع لنائبه علي صبري بعد انهيار العلاقة بينهما
back to top