محمد بن مسلمة... فارس رسول الله ورجل المهمات الصعبة

نشر في 31-05-2017
آخر تحديث 31-05-2017 | 00:00
No Image Caption
هو محمد بن مسلمة الأنصاري، ولد قبل البعثة باثنتين وعشرين سنة، وكان ممن سمي في الجاهلية محمداً، يصفونه فيقولون: أسمر شديد السمرة، طويل القامة، أصلع الرأس، ضخم الجسم، وقور، أسلم بالمدينة على يد مصعب بن عمير، وآخى النبي، صلى الله عليه وسلم، بينه وبين أبي عبيدة بن الجراح، وشهد بدراً، وأحداً، وكان فيمن ثبت مع رسول الله يومئذٍ حين ولى الناس.

يوصف بأنه رجل المهام الصعبة، وقائد سرايا العمليات الخاصة في عهد النبي، صلى الله عليه وسلم، وهو المفتش العام في عهد الفاروق عمر بن الخطاب، وهو من اعتزل الفتنة الكبرى، وكسر سيفه على صخرة، وبقي في بيته حتى وافته منيته، وخلف وراءه من الولد عشرة نفر، وست نسوة.

لن تفقده عند كل مهمة صعبة، دائما في مقدمة الصفوف المقاتلة في سبيل الله والدفاع عن المسلمين، بعثه، صلى الله عليه وسلم، على رأس خمس عشرة سرية، وكان ابن مسلمة يفخر بذلك ويقول: "يا بني سلوني عن مشاهد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فإني لم أتخلف عنه في غزوة قط، إلا واحدة في تبوك خلفني على المدينة".

من أشهر مواقفه ما كان منه في قتل عدو الله كعب بن الأشرف الذي ساءته نتيجة الحرب بين المشركين والمسلمين في بدر، فنزل مكة، وجعل يحرض على المسلمين وينشد الأشعار ويبكي أصحاب القليب، الذين قتلوا ببدر، ويؤلب كفار قريش على الثأر، ثم رجع إلى المدينة فأخذ ينظم الأشعار تغزلا وتشببا بأمهات المؤمنين ونساء الصحابة، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: من لي بابن الأشرف، فإنه قد آذى الله ورسوله؟، فقال محمد بن مسلمة: يا رسول الله أتحب أن أقتله؟ قال: نعم، قال: أنا أقتله، قال: فافعل إن قدرت على ذلك، فأمكنه الله منه وقتله.

واستعان به الفاروق عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، في متابعة الولاة، ومحاسبتهم على ثرواتهم وأموالهم، والتأكد من الشكاوى التي تأتي ضدهم، فكان موقع محمد بن مسلمة كالمفتش العام في دولة الخلافة.

عاش قويا في الحق ثابتاً عند الملمات، شجاعاً لا يخشى في الحق لومة لائم، وقد سأله الخليفة عمر بن الخطاب، رضي الله عنه: كيف تراني يا محمد؟، فقال: أراك والله كما أحب، وكما يحب من يحب لك الخير، أراك قوياً على جمع المال، عفيفاً عنه، عدلاً في قسمه، ولو ملت عدلناك كما يعدل السهم في الثقاف، فقال عمر: هاه، فكررها محمد: لو ملت عدلناك كما يعدل السهم في الثقاف، فقال عمر: "الحمد لله الذي جعلني في قوم إذا ملت عدلوني".

روى عن النبي، صلي الله عليه وسلم، وهو رقم 139 في كتاب "أسماء الصحابة وما لكل واحد منهم من العدد" لابن حزم الأندلسي، وله ستة عشر حديثاً، وروى له الجماعة، وله في الصحيحين حديث واحد، وروى عنه عدد من الصحابة والتابعين.

كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قد أعطاه سيفا فأوصاه: "قاتل به المشركين ما قاتلوا، فإذا رأيت المسلمين قد أقبل بعضهم على بعض فائت أُحداً فاضربه به حتى تقطعه، ثم اجلس في بيتك حتى تأتيك يد خاطئة أو منية قاضية"، وظل على وصية حبيبه، صلى الله عليه وسلم، فاعتزل الفتن، وأقام بالربذة حتى اقتحم عليه المنزل شقي من أهل الأردن فقتله، سنة ثلاث وأربعين هجرية، ودفن إلى جانب أبي ذر بالربذة.

back to top