خاص

أستاذة الفلسفة الإسلامية والأخلاق الدكتورة سلوى نصرة لـ الجريدة.: فقدنا التربية الحسنة فغابت القيم الإسلامية عن المجتمع

«الأخلاق الدينية تتعارض مع مفاهيم الحداثة والعولمة»

نشر في 30-05-2017
آخر تحديث 30-05-2017 | 00:00
طالبت أستاذة الفلسفة الإسلامية والأخلاق رئيسة قسم الفلسفة في كلية التربية بنات في جامعة عين شمس، الدكتورة سلوى نصرة، بتعميم دراسة الأخلاق في جميع المراحل التعليمية، وأن تهتم بذلك المؤسسات الدينية والتعليمية في عالمنا العربي. وقالت نصرة، في حوار مع "الجريدة"، إن الأخلاق هي أساس النهوض الحضاري وديننا غايته الأخلاق وضبط سلوك الإنسان حتى يفيد نفسه ودينه ومجتمعه... وفيما يلي نص الحوار:
• ما أهمية الدين بالنسبة للإنسان؟

- الغاية الرئيسة للأديان عموماً، والإسلام خصوصا، هي الأخلاق وضبط سلوك الإنسان، فاهتم الإسلام بالأخلاق، لذا نجد أن أسلوب الرسول صلى الله عليه وسلم في دعوته كان السماحة واللين والابتسامة والمعاملة الحسنة، ومن المشهور أن الإسلام انتشر في عدد من البلدان الآسيوية على يد التجار المسلمين بأخلاقهم، لا عن طريق الدعاة وفي القرآن نجد قوله تعالى: "وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى..." (المائدة: 2).

• كيف عالج الإسلام العيوب الأخلاقية للمجتمع؟

- حث الإسلام على التخلق بمحاسن الأخلاق، حتى مع الحيوانات، فالقرآن والأحاديث ينصان على الرفق في جميع المعاملات، ويوصي النبي المسلمين "إذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة"، وفي الحديث أن امرأة عُذبت في هرة حبستها ولم تطعمها، فنحن مدعوون دائماً للسلوك الحسن القويم، وتعليمه للأبناء عن طريق التوجيه والتربية.

• ماذا عن دور الفلسفة في نشر الأخلاق بالمجتمع؟

- الفلسفة منهج حياة غايته الإنسان عقلاً وروحاً، وعلى الإنسان أن يتبع الفضائل ويجتنب الرذائل، ويتحقق ذلك باتباع ما أمر الله تعالى به ونهى عنه، وعند ذلك تتحقق السعادة الروحية والكمال النفسي، لذلك لابد أن نهتم بتدريس الأخلاق في كل التخصصات التعليمية بالجامعات، ولا يقتصر تعلمها على قسم الفلسفة فقط، كذلك يتم تدريسها في المراحل الأولى للتعليم، لأن الأخلاق هي الأساس، وهي التي توجهنا للعمل القويم، والطريق الصحيح.

• هل الأخلاق غائبة عن مجتمعنا؟

- نعم، ونحن نرى انهيار وتدني السلوكيات، لذلك فأحوال المجتمعات العربية والإسلامية في خطر، ونحتاج إلى تربية الأبناء وغرس الإيمان في قلوبهم، والتمسك والالتزام بمبادئ وتعاليم الإسلام.

• برأيك ما سبب غيابها؟

- فقدنا التربية الحسنة، مما تسبب في غياب القيم الأخلاقية والجمالية والسبب الآخر هو الابتعاد عن تعاليم الدين، فيما يخص جانب المعاملات.

• على من تقع المسؤولية؟

- على الجميع، بما في ذلك المؤسسات الدينية، ووزارات الإعلام والتعليم، لأنها هي المؤسسات التربوية والمؤثرة في المجتمع.

• ماذا عن الخطاب الديني والأخلاق؟

- أحيانا يتناولها الخطاب الديني، سواء في خطبة الجمعة، أو في إذاعة القرآن الكريم، لكن ذلك لا يكفي، فالمفترض أن نتوسع في الحديث عن الأخلاق، وخاصة أن ديننا قائم على الأخلاق، فالمفترض أن يحمل الخطاب الديني ما يعمل على تقويم سلوك الإنسان، والحض على حسن المعاملة، وإصلاح عيوب الإنسان والمجتمع.

• هل نحتاج إلى عمل ممنهج أو خطة؟

- بالفعل، يفترض وضع خطة ممنهجة، وأن نسير عليها في جميع الاتجاهات، فالمفترض أن نعمم دراسة الأخلاق، والمؤسسات المسؤولة عن التربية، هي الجديرة بالقيام بهذا الدور.

• الإسلام كله أخلاق فهل صرنا أمة بلا أخلاق؟

- للأسف، هذا ما وصلنا إليه راهنا، فلو نظرنا إلى كل الأديان فسنجد أن جوهرها الأخلاق، حتى ان رسولنا (ص) قال "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، فهذا دليل على أهمية الأخلاق، كيف نتناولها وبطريقة عملية في برامجنا وحياتنا كلها هذا المهم، وعندما تجد رقياً في الأخلاق تجد رقيا حضارياً، والإمام محمد عبده، حين سافر إلى فرنسا، قال قولته الشهيرة: "وجدت فيها مسلمين بلا إسلام".

• الإمام محمد عبده كان صاحب مدرسة إصلاحية لماذا فشلت المشروعات الإصلاحية في إحداث نهضة أخلاقية وحضارية في بلداننا؟

- لغياب الاهتمام بموضوع الأخلاق، ولظهور المفاهيم الفكرية الحديثة، مثل العولمة والحداثة، وما بعد الحداثة، طبعاً أخلاقيات ما بعد الحداثة تدعو للنسبية والحرية الأخلاقية بلا ضوابط، فالقيم الأخلاقية فيها نسبية وتتغير حسب مصلحة كل فرد، والمذهب البراغماتي الذي يعتنقه الناس الآن الذي يقول إن النجاح العملي هو المهم وأن المعايير للخير والشر تتحدد بالمنفعة الشخصية، وبالطبع هذه الأفكار كان لها تأثيرها في إطار الانفتاح والعولمة وثورة الاتصالات.

• هل يعني ذلك أن الأخلاق الدينية تتعارض مع مفاهيم الحداثة والعولمة؟

- بالتاكيد، فالمفترض أن نستقي الأخلاق الدينية من الدين والشريعة، وهو المصدر الرئيس للأخلاق الإسلامية، لكن في مفاهيم الحداثة يلجأون للعقل، أما فيما بعد الحداثة ألغوا العقل، ورجعوا إلى الحرية الأخلاقية، وعدم ضوابط للأخلاق.

• ماذا عن دور الأسرة في حماية الأخلاق؟

- عليها عامل كبير، وإن كانت معظم الأسر تفتقد الأخلاق، لكن نقول مثلما يقول الفيلسوف أبوحيان التوحيدي، إن الأخلاق نوعان فطري ومكتسب، والمعول الكبير على الكسبي، حيث تأثير الأسرة والمجتمع المحيط، ودائماً أقول لطلابي، إن خطأ الأسرة في التربية لا يمنعني من إصلاح عيوبي وأخلاقي، فالإنسان المكلف عليه المقاومة واكتساب خلق من الأخلاق أو فضيلة من الفضائل، وتدريب النفس عليها حتى تصير الأخلاق الحسنة طبعاً أصيلاً عنده.

• هل مناهجنا الدينية تفيد في التربية الأخلاقية؟

- للأسف لا، وخاصة مع عدم الاهتمام بمادة التربية الدينية في مدارسنا، وبالتالي لا تهتم الأسرة بها، ويجب الاهتمام بمادة التربية الإسلامية على وجه التحديد، فهي مادة مظلومة، وما تحويه مناهج التعليم سطحية المضامين، ولابد أن تتضمن المناهج التعليمية موضوعات تحفز على الأخلاق الحسنة، والسلوك القويم، أيضاً لابد من أن تهتم وسائل الإعلام وخاصة التلفزيون، بتقديم برامج ودراما، تحفز على اتباع الأخلاق والربط بينها وبين أمور الحياة، ولي دراسة عن المفكر المغربي طه عبدالرحمن بعنوان "الأخلاق وحدود العقل" ينادي فيها بالحداثة الإسلامية، ويرفض الحداثة الغربية، ومشروعه كله قائم على الأخلاق، وتعرَّض للأخلاق التطبيقية، وكيفية الربط بين الأخلاق والعلم.

back to top