الصحابة الرواة: سعد بن أبي وقاص... محطم الأرقام القياسية

نشر في 27-05-2017
آخر تحديث 27-05-2017 | 00:00
جبل أحد
جبل أحد
هو سعد بن أبي وقاص المكي، القرشي، الزهري، الأمير أبوإسحاق، الفارس، الرامي، الراوي عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في يوم أُحد حين انكشف السلمون عن النبي ظل يدافع عنه، ويحارب المشركين، وكان صلى الله عليه وسلم يناوله السهام، وهو يدعو له: "اللهم سدد رميته، وأجب دعوته"، فكان أول رجل من العرب رمى بسهم في سبيل الله، وكان مجاب الدعوة، مشهورا بذلك، ويروي علي بن أبي طالب رضي الله عنه فيقول: "ما سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، جمع أبويه لأحد إلا لسعد، فإني سمعته يقول يوم "أحد": ارم فداك أبي وأمي"، وظل سعد يفتخر بهذه الكلمة طوال حياته، وكان يقول: ما جمع رسول الله أبويه لأحد قبلي، وكانت ابنته عائشة بنت سعد تباهي بذلك وتفخر، وتقول: أنا ابنة المهاجر الذي فداه رسول الله يوم أحد بالأبوين.

كان له رضي الله عنه مع الأرقام القياسية نصيب كبير: فهو أول من أراق دماً في الإسلام ويقول ابن إسحاق في المغازي: كان أصحاب رسول الله بمكة يستخفون بصلاتهم، فبينما سعد في شعب من شعاب مكة في نفر من الصحابة، إذ ظهر عليهم المشركون فنافروهم وعابوا عليهم دينهم حتى قاتلوهم، فضرب سعد رجلا من المشركين بلحى جمل فشجه، فكان أول دم أريق في الإسلام.

وهو أول رجل من العرب رمى بسهم في سبيل الله، فقد بعث رسول الله سرية فيها سعد بن أبي وقاص إلى مكان في أرض الحجاز اسمه رابغ، وهو من جانب الجحفة، فانكفأ المشركون على المسلمين، فحماهم سعد يومئذ بسهامه، فكان أول قتال في الإسلام، وهو أحد الستة الذين جعل عمر فيهم الشورى، ولما قتل عثمان اعتزل الفتنة ولزم بيته، وكان يقول حين يسألونه عما يمنعه من القتال: لا أقاتل حتى تأتوني بسيف له عينان ولسان وشفتان فيقول هذا مؤمن وهذا كافر.

روى عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وعن خولة بنت حكيم، ووقع له في مسند "بقي بن مخلد" مائتان وسبعون حديثاً، فمن ذاك في الصحيح ثمانية وثلاثون حديثا، وانفرد له البخاري بخمسة أحاديث، وانفرد مسلم بثمانية عشر حديثا.

وروى عنه أيضا أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة، وممن رووا عنه من الصحابة عائشة أم المؤمنين، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عباس، وجابر بن سمرة، كما روى عنه بنوه وبنته، وبعض من كبار التابعين وآخرون.

تُوفي سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه بالعقيق على 10 أميال من المدينة المنورة سنة خمس وخمسين للهجرة، وكان لما احتضر دعا بجبة صوف بالية، فقال: كفنوني فيها فإني لقيت المشركين فيها يوم بدر، وإنما خبأتها لهذا اليوم، وحمل رضي الله عنه إلى المدينة وصلى عليه مروان بن الحكم، وهو يومئذ والي المدينة، وأرسل أزواج النبي، صلى الله عليه وسلم، أن تمر جنازته في المسجد، فأوقف على حُجَرهن فصلين عليه، ويروى أنه لما مات سعد وجيء بسريره فأدخل على أم المؤمنين أم سلمة جعلت تبكي وتقول: بقية أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم.

يقول ابنه مصعب: كان رأس أبي في حجري وهو يقضي، فدمعت عيناي فنظر إليّ فقال: ما يبكيك أي بني؟ فقلت: لمكانك وما أرى بك، قال: "فلا تبك عليّ، فإن الله لا يعذبني أبدا، وإني لمن أهل الجنة، رضي الله عنهم ورضوا عنه، وذلك لمن خشي ربه".

back to top