القمة السعودية - الأميركية... عقود بالمليارات واتفاق على لجم إيران

• الملك سلمان يقلّد ضيفه أعلى وسام ويؤكد أن التعاون الاستراتيجي مع واشنطن يحقق أمن المنطقة والعالم
• ترامب يتطلع إلى لقاء قادة الخليج والعالم الإسلامي... ويشهد اتفاقاً لتجميع 150 طائرة «بلاكهوك» في المملكة

نشر في 21-05-2017
آخر تحديث 21-05-2017 | 00:06
في وقت تشهد المنطقة احتداماً سياسياً كبيراً، وصراعات مسلحة في عدد من دولها، وتعاني والعالم أجمع ظاهرة إرهاب أخذت في الآونة الأخيرة أشكالاً متعددة، حظيت أول زيارة خارجية للرئيس الأميركي دونالد ترامب، منذ توليه منصبه قبل 4 أشهر للسعودية، بأهمية بالغة، لما تتناوله من لقاءات على مستوى قادة دول الخليج، والبلدان العربية والإسلامية، وطرحها مواضيع حساسة بينها مكافحة الإرهاب، وقطع سبل تمويله، ونشر قيم التسامح والحوار، وكذلك التعاون والشراكة السياسية والاقتصادية والاستثمارية.
في مستهل أول جولة خارجية، منذ تسلمه السلطة في يناير الماضي، حظي الرئيس الأميركي دونالد ترامب باستقبال حافل من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، في إطار زيارة تاريخية تتخللها قمة مع قادة دول مجلس التعاون والعالم الإسلامي، بحضور صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد.

وحطت طائرة الرئيس الأميركي في مطار الملك خالد بالرياض، وتوقفت أمام سجادة حمراء فرشت لاستقبال ترامب وزوجته ميلانيا، وبعد تبادل السلام مع الملك سلمان توجها الزعيمان إلى صالة كبار الشخصيات، وتوقفا بضع دقائق قبل أن يغادر أعضاء ضيف المملكة إلى مقر إقامة ترامب في فندق ريتز بالرياض.

ويرافق ترامب أيضاً وفد رفيع المستوى، يضم وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، ومستشار الأمن القومي هربرت ريموند ماكماستر، وابنته إيفانكا وزوجها غاريد كوشنر اللذين خرجا من الباب الخلفي للطائرة الرئاسية.

وسام الملك

وبعد مراسم استقبال رسمية في الديوان الملكي بقصر اليمامة، قلد الملك سلمان ضيفه الكبير ترامب وسام الملك عبدالعزيز، أعلى وسام مدني بالمملكة، قبل أن يتوجها إلى غداء عمل، وشهدت المراسم التوقيع على عدد من الاتفاقيات الكبرى الاقتصادية والعسكرية.

وعقب مأدبة الغداء، تجوّل الملك سلمان والرئيس دونالد ترامب في معرض الفن السعودي المعاصر، الذي يستعرض نماذج من أعمال الفنانين السعوديين في برنامج جسور ومشاركاتهم في معارض بالولايات المتحدة، بهدف تعزيز التعايش بين الثقافات المختلفة، وإبراز المهارات الفنية السعودية، حيث يعد برنامج جسور مبادرة من مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي "إثراء".

وأجرى ترامب محادثات موسعة مع القيادة السعودية، بحضور الملك سلمان، وولي عهده الأمير محمد بن نايف، وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في أول قمة من بين ثلاث تستضيفها الرياض تحت عنوان "العزم يجمعنا"، يتبعها اليوم قمة منفصلة للرئيس الأميركي مع قادة دول الخليج، يلقي على إثرها خطاباً مرتقباً حول الإسلام أمام رؤساء ومسؤولين من نحو 55 دولة عربية ومسلمة.

رسائل «تويتر»

وقبل ذلك تبادل الزعيمان الإشادة بأهمية الزيارة، وكتب الملك سلمان في تغريدة عبر حسابه الرسمي على "تويتر" باللغتين العربية والإنكليزية، "نرحب بفخامة الرئيس الأميركي في المملكة. ستعزز زيارتكم تعاوننا الاستراتيجي، وستحقق الأمن والاستقرار للمنطقة والعالم".

بدوره، كتب ترامب، في أول تغريدة له على حسابه الشخصي بعيد وصوله، إلى المملكة "شعور رائع أن أتواجد في الرياض. أتطلع إلى لقاءات فترة ما بعد الظهر والمساء".

وعبّرت ميلانيا عن سعادتها بالحفاوة، التي استقبلت بها في المملكة، مغردة: "شكراً على الاستقبال الجميل"، وأرفقت بالتغريدة "هاشتاغا" للمملكة العربية السعودية، وآخر للرياض.

صفقات بالمليارات

وفي اليوم الأول، وقع الجانبان اتفاقيات بقيمة 280 مليار دولار، (الدولار يساوي 3.7 ريالات)، إضافة إلى الرؤية الاستراتيجية المشتركة بين البلدين. كما وقع الأمير محمد بن سلمان وتيلرسون اتفاقية لتطوير وتحديث القوات المسلحة السعودية.

وبعد ذلك، أعلن مسؤول في البيت الأبيض عقود تسليح للسعودية من الولايات المتحدة بقيمة 110 مليارات دولار، موضحاً أن الاتفاق يشمل تجهيزات دفاعية وخدمات، ويعزز قدرة المملكة "للمساهمة في مكافحة الإرهاب" في المنطقة.

وأوضح المسؤول أن ترامب والملك سلمان حضرا توقيع إعلان نوايا بشأن حزمة من العتاد الدفاعي والخدمات، لتعزيز أمن المملكة ومنطقة الخليج في مواجهة التهديدات الإيرانية، مبيناً أن "الصفقات تبين بأوضح صورة ممكنة التزام الولايات المتحدة بشراكتنا مع السعودية وشركائنا في الخليج، فيما توسع فرص الشركات الأميركية في المنطقة، وتوفر الآلاف من فرص العمل بقطاع الصناعات الدفاعية".

لجم إيران

وفي نهاية اليوم الكبير، وجه ترامب الشكر إلى السعودية وقيادتها على الاستثمارات الضخمة والاتفاقيات الحيوية.

وخلال مؤتمر صحافي مع نظيره الأميركي ريكس تيلرسون، أكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن الزيارة تمثل تحولاً تاريخياً غير مسبوق في العلاقة بين واشنطن والعالم العربي والإسلامي، مبيناً أن هذه العلاقة ستتطور إلى شراكة استراتيجية تعزز سبل مكافحة الإرهاب وتجفيف منابع تمويله، والتصدي لتدخل إيران في المنطقة، والقيام بإجراء لوقف سياستها العدائية والمتطرفة في سورية واليمن.

وأعلن الجبير أن القمة السعودية- الأميركية تطرقت إلى إيران وضرورة «وقف دعمها للإرهاب وتنظيم القاعدة»، كما تناولت الوضع في سورية ومفاوضات السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل.

وأوضح أن الاتفاقات غير مسبوقة في اتساعها وتنوعها بين البلدين وتخطت قيمتها 380 مليار دولار، لافتاً إلى أن الرؤية المشتركة بين البلدين تشمل التجارة والتعليم بما يسمح بتعزيز المصالح المشتركة.

من جانبه، وصف تيلرسون زيارة ترامب للسعودية بأنها «يوم تاريخي في العلاقات»، مؤكداً ضرورة العمل على تنفيذ الاتفاق الاستراتيجي «بما يوجه رسالة قوية للأعداء».

وفي أوضح تصريح له، شدد تيلرسون على أن اتفاقات التسليح مع السعودية موجهة ضد «النفوذ الإيراني السيئ، وسنعمل على تعزيز الدفاعات الخليجية والجهود المشتركة لردع إيران في سورية واليمن»، مؤكداً أنه «لا يمكن للانقلابيين في اليمن الاستمرار أو الانتصار عسكرياً».

وبينما أشار إلى أن التعاون الاقتصادي مع السعودية يعد أساساً لعلاقات متينة، مؤكداً وجود «ثقة عالية لدى الأميركيين بالبيئة الاستثمارية في السعودية»، لفت إلى أن الاستثمارات المباشرة في المملكة ستساعد أميركا على إيجاد الوظائف.

تنويع موارد

وفي إطار مساعي المملكة لتنويع موارد اقتصادها المعتمد على صادرات النفط، أعلن الرئيس التنفيذي لشركة النفط الوطنية العملاقة "أرامكو" أمين الناصر أن الشركة تعتزم توقيع صفقات قيمتها 50 مليار دولار، أي نحو 185 مليار ريال سعودي مع شركات أميركية، بحضور خادم الحرمين الشريفين، والرئيس الأميركي، مشيراً إلى أن هذه الاتفاقيات ستوفر فرص عمل نوعية ومميزة للمواطن السعودي وفي الولايات المتحدة أيضاً.

وأشار بيان رسمي إلى إبرام شراكة بين مؤسسة الصناعات العسكرية السعودية وريثيون الأميركية تؤسس "ريثيون العربية"، التي ستطور أنظمة الدفاع الجوي والأسلحة الذكية في السعودية، مبيناً أن الشراكة تشمل اتفاقاً أميركياً سعودياً يتضمن تعهداً بتجميع 150 طائرة هليكوبتر لشركة "لوكهيد مارتن" من نوع "بلاكهوك" في السعودية بقيمة 6 مليارات دولار، وتتيح نحو 450 فرصة عمل في السعودية.

ومع اجتماع العشرات من المديرين التنفيذيين الأميركيين مع نظرائهم السعوديين، بالتزامن مع زيارة الرئيس دونالد ترامب، أعلنت مجموعة "جنرال إلكتريك" للتكنولوجيا والهندسة أمس توقيع صفقات قيمتها 15 مليار دولار، في إطار مسعى المملكة لتنويع موارد اقتصادها المعتمد على النفط.

وأوضحت "جنرال إلكتريك" أن الاتفاقات، التي تشمل سلعاً وخدمات من الشركة نفسها بنحو سبعة مليارات دولار، تتراوح بين قطاعات الكهرباء والرعاية الصحية إلى صناعة النفط والغاز والتعدين.

جدول القمم

والقمم الثلاث، برؤية واحدة، وهي: "سوياً نحقق النجاح" تستضيفها الرياض، لتأكيد الالتزام المشترك نحو الأمن العالمي والشراكات الاقتصادية العميقة والتعاون السياسي والثقافي البنّاء تحت شعار العزم يجمعنا. وتناقش ملفات مهمة على مدى يومين كاملين، أهمها مكافحة الإرهاب، وسبل تعزيز العلاقات الدولية للتصدي له.

وتشهد القمم أيضاً، ملتقى مغردون 2017، الذي يتناول كيفية تفعيل استخدام شبكات التواصل الاجتماعي في محاربة التطرّف والإرهاب، وسيتحدث فيه ترامب.

وأثناء القمة سيتم افتتاح المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف، الذي يسعى إلى منع انتشار الأفكار المتطرفة من خلال تعزيز التسامح والتعاطف ودعم نشر الحوار الإيجابي، إضافة إلى انعقاد منتدى الرياض لمكافحة التطرف ومحاربة الإرهاب.

back to top