«محرقة صيدنايا» في طريقها إلى محكمة العدل الدولية

• دمشق: «رواية هوليوودية» غير مستغربة
• وزير إسرائيلي لتصفية الأسد
• الدستور محور «جنيف 6»

نشر في 16-05-2017
آخر تحديث 16-05-2017 | 21:45
جنود الأسد يلتقطون الصور في حي القابون أمس (أ ف ب)
جنود الأسد يلتقطون الصور في حي القابون أمس (أ ف ب)
ألقت اتهامات الولايات المتحدة له بإقامة "محرقة في سجن صيدنايا" للتخلص من رفات آلاف المعتقلين، بظلال كثيفة على مستقبل الرئيس بشار الأسد، مع اتجاه الإدارة الأميركية لتقديم الملف إلى محكمة العدل الدولية لنزع الشرعية الدولية عنه، أو على الأقل قطع الطريق أمام تجديد انتخابه، في حال تعذر الاتفاق الفوري على إزاحته.
مع انطلاق الجولة السادسة من مفاوضات جنيف، أثار كشف وزارة الخارجية الأميركية عن وجود محرقة في سجن صيدنايا قرب العاصمة السورية دمشق، العديد من التكهنات عشية انطلاق اجتماعات محادثات "جنيف 6".

وعقد القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، ستيوارت جونز، مؤتمرا صحافيا خصصه للحديث عن المحرقة تحدث فيه باطراد عن تفاصيل عمليات قتل النظام السوري لمعارضيه، مؤكدا للمرة الأولى بشكل رسمي معلومات تتناقلها مصادر عدة عن كيفية تحويل سجن صيدنايا من معتقل يسكنه متشددون أطلقهم النظام نهاية عام 2011، إلى منفى للمعارضين المعتدلين والسلميين من نشطاء ومحامين وأطباء ومهندسين.

ولعل ما لفت النظر هو تشديد جونز على وجود "ما يبرر شكوك واشنطن" باتفاق إقامة مناطق خفض التصعيد، الذي تمخض عن اجتماع أستانة في حضوره شخصيا كممثل عن الولايات المتحدة بصفة مراقب.

أوساط أميركية مطلعة اعتبرت الأمر مرتبطا بتعقيدات طرأت على كيفية التعامل مع مستقبل المناطق التي سترسو عليها خريطة التقسيمات الجديدة لمناطق النفوذ في "سورية المفيدة".

فقد بات واضحا أن مناطق سيطرة تنظيم "داعش" في طريقها للانهيار السريع، الأمر الذي يفسر الحشود العسكرية المندفعة نحو شرق سورية، وخصوصا في محافظة دير الزور وعلى مثلث الحدود السورية - العراقية - الأردنية.

ورأت تلك الأوساط أن المعلومات، التي تتحدث عن إمكان قيام "داعش" بتسليم معقله بالرقة لقوات النظام، مبالغ فيها. غير أن ما يجري على الأرض يثير الشكوك في طبيعة التنسيق القائم بين النظام وإيران وروسيا تجاه مستقبل بناء "السلطات الميدانية" خلال المرحلة الانتقالية.

«داعش» والنظام

وتتوقع الأوساط أن يحتدم الصراع حول طبيعة العلاقات التي ستنشأ بين "الكيانات السورية" وحدودها وهوية القوى التي ستديرها، في وقت تتحدث فيه أوساط استخبارية وعسكرية أميركية عن ازدياد دلائل تشير إلى العلاقة الملتبسة القائمة بين "داعش" والنظام.

وشكلت تصريحات الرئيس بشار الأسد الأخيرة، التي كرر فيها مواقفه المتعلقة بإعادة بسط سلطته على كل سورية، استفزازا غير مقبول من إدارة الرئيس دونالد ترامب، وخصوصاً من كبار مساعديه، سواء في مجلس الأمن القومي أو وزارتي الدفاع والخارجية.

وأشارت هذه الأوساط إلى أن ترامب، الذي يستعد لجولته في المنطقة، يرغب أيضا في تقديم تطمينات سياسية لدولها حول مستقبل الأسد، معتبرة أن الكشف عن المحرقة سيسلك طريقه نحو محكمة العدل الدولية لتعمد بدورها إلى إصدار اتهام رسمي وصريح باقتراف الأسد جرائم ضد الإنسانية، ما ينزع عنه الشرعية لمواصلة حكمه أو على الأقل تقطع الطريق أمام تجديد انتخابه، إذا تعذر الاتفاق الفوري على إزاحته.

وتضيف الأوساط الأميركية أن مجلس الأمن سيكون مضطرا لإعادة البحث في اتخاذ قرار حول القضية، على الرغم من معارضة موسكو، لكنها لن تستطيع أن تمنع نزع الشرعية الدولية عنه في ظل صدور حكم من المحكمة الدولية بتجريمه.

وفي هذا الإطار، تعتقد الأوساط أن زيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى واشنطن ستثمر عن تفاهمات جدية بين الطرفين، خصوصا بعد حصول الأتراك على تطمينات كبيرة حول مدى دعم واشنطن لخصومهم الأكراد، فيما تقديم ملف الأسد إلى محكمة العدل يلبي طموحات أنقرة ومصالحها على المديين القصير والبعيد. كما يدعم جهود واشنطن في فرض الحصار على خيارات إيران وتحركاتها في كل من سورية والعراق، عبر حرق ورقة الأسد وإجبارها على إعادة النظر بسياساتها التخريبية في المنطقة، في رسالة إلى دول الخليج أيضاً التي تعتقد أن الآوان قد حان لإعادة طهران إلى حجمها الطبيعي.

دمشق ترد

وغداة نشر وزارة الخارجية الأميركية صورا "نزعت عنها السرية" والتقطت عبر الأقمار الاصطناعية لمجمع سجن صيدنايا تظهر عددا من المباني، وكتب في أسفل إحداها عبارة "السجن الرئيسي" وأخرى عبارة مبنى "يحتمل أنه محرقة"، أكدت وزارة الخارجية السورية أن "الإدارات الأميركية المتعاقبة دأبت على تلفيق الأكاذيب والادعاءات لتبرير سياساتها العدوانية والتدخلية في الدول الأخرى ذات السيادة، وخرجت علينا بالأمس برواية هوليوودية جديدة منفصلة عن الواقع، ولا تمت إلى الحقيقة بأي صلة".

وأكد المصدر أن الحكومة السورية "تؤكد أن هذه الادعاءات عارية من الصحة جملة وتفصيلا، وما هي إلا من نسج خيال هذه الإدارة وعملائها، وأنها لا تستغرب مثل هذه التصريحات التي اعتادت إطلاقها قبيل أي جولة سياسية، سواء فى جنيف أو أستانة".

ونشرت منظمة "العفو" الدولية في فبراير تقريرا مرفقا بصور، اتهمت فيه النظام بإعدام 13 ألف شخص بين عامي 2011 و2015 في سجن صيدنايا، منددة بـ "سياسة إبادة" تشكل "جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية"، لكنها لم تتحدث عن وجود "محرقة".

تصفية الأسد

واعتبر وزير الإسكان الإسرائيلي، يواف غالانت أن الوقت حان لتصفية الأسد، لأنه "لم يعد له مكان بهذا العالم"، مؤكدا أن تسريبات "الخارجية" الأميركية توضح تجاوزه الخطوط الحمر بارتكاب مذابح جماعية وهجمات كيماوية بشكل مباشر، كان آخرها حرق الجثث، وهذا الأمر لم نشهده منذ المحرقة النازية، قبل 70 عاماً.

«جنيف 6»

وبدأت أمس جولة سادسة من مفاوضات جنيف، بلقاء جمع المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا مع وفد النظام رئاسة بشار الجعفري قبل اجتماع مماثل مع وفد المعارضة برئاسة نصر الحريري، الذي طالب الأمم المتحدة بطرح "خطة عملية ومنتجة أكثر، تسهل عملية الانتقال والحل السياسي".

ووفق ديميستورا، فإن "جنيف 6" سيكون أقصر من حيث المدة، وسيركز على مناقشة الدستور، وهو أحد بنود جدول الأعمال الأربعة المتفق عليها في الجولة السابقة، وهي إصلاح نظام الحكم وإجراء انتخابات ومحاربة الإرهاب.

تقدم وتهجير

وفي الساعات الـ24 الأخيرة، سيطرت قوات سورية الديمقراطية (قسد) على عدد من القرى الواقعة على بعد 4 كيلومترات شمال وشرق مدينة الرقة و40 كيلومترا من جهة الغرب.

وقال المتحدث الرسمي باسم "قسد" طلال سلو إن "وحداتنا تعمل على توحيد الجبهتين الشمالية والشرقية لإتمام حصار المدينة بشكل كامل" تزامنا مع "السعي لإطباق الحصار من الجهة الغربية تمهيدا لإطلاق الهجوم على الرقة في الوقت المناسب".

وبعد مرور ساعات على إعلان محافظ دمشق بشر الصبان منطقة القابون خالية من جميع المظاهر المسلحة، عقب إنجاز المرحلة الثانية والأخيرة من اتفاق إجلاء المسلحين وعائلاتهم، غادرت الدفعة العاشرة من المعارضة حي الوعر بمدينة حمص، في إطار اتفاق مماثل.

«قسد» تحقق تقدماً جديداً من 3 محاور على حساب «داعش» بالرقة
back to top