مها الطراونة: الشعر سيِّد الموقف الأدبي في الأردن

• أسست جمعية «الكتّاب الإلكترونيين الأردنيين» التي تعنى بالشأن الأدبي للكتّاب

نشر في 15-05-2017
آخر تحديث 15-05-2017 | 00:04
منذ أن جاورت البحر وقعت في غرام البحار كلها. لا تكتم عن الأمواج أسرارها، وتبوح لها بخلجاتها، لذا كان ديوانها «أمنيات تناجي البحر» من فيضان مشاعرها، فقد أحالت كل ما يحيط بها وكل مدينة تسكنها إلى مدن شاطئية. إنها الشاعرة الأردنية مها الطراونة التي حفظت ألفية ابن مالك وهي في الصف السادس الابتدائي، كما تقول، فساعدتها على اتقان اللغة العربية، وواصلت مسيرتها في دراسة الأدب وكتابة الشعر والرواية، وأسست جمعية «الكتّاب الإلكترونيين الأردنيين» التي تعنى بالشأن الأدبي للكتّاب العرب والأردنيين. عن مسيرتها وأعمالها والحركة الأدبية في الأردن التقتها «الجريدة» في هذا الحوار.
ماذا عن ديوانك الشعري «أمنيات تناجي البحر»؟

عكفت على كتابته منذ العام الماضي، وهو الآن في دور النشر والمكتبات، كتب عنه بعض من المثقفين الأردنيين قراءات نقدية تبهج الخاطر، والمقدمة بقلم وزير دولة سابق وهو أستاذ لنا في الثقافة، معالي الأستاذ طه الهباهبة، حيث قال فيها: «كادت الشاعرة مها الطراونة أن تقنعني بأن قرى «الموجب» مناطق شاطئية تداعبها الأمواج كل يوم، أو أن الكرك من ثغور الأردن الباسمة، أو أن «الزرقاء» التي ولدت بها الأديبة هي قيثارة الشرق ودرته تعيش على أصوات طيور البحر وهدير أمواجه، وأن لها مع كل موجة من موجاته حكاية وحكاية، ويخيل لقارئ هذه التوقيعات البديعة أن هذا العشق الصوفي للبحر قد ولد ونما وترعرع لديها على شطوط بحار الدنيا مع غناء كل بحار، ومع صوت السمسمية ومواويل الصياد العاشق الذي هجر النوم والأحبة بحثاً عن لقمة عيش وعن مستقبل أطفال تحلم بهم ذات يوم وما زالوا كزغب الحصى كما قال الحطيئة... نعم استطاعت مها في أغلب توقيعاتها أن تحيل كل مكان رأته إلى بحر متلاطم الأمواج، وأن تحمل معها كل صور بحار العالم لتصنع منها لوحة فنية رائعة للوطن سواء أكان بحرياً أو صحراوياً أجرد، يلفح وهج شمسه كل الوجوه».

خصوبة البيئة والخيال

يُستشف من صورك الشعرية خصوبة خيال وثراء مخزونك اللغوي، ما الذي ساعدك على ذلك؟

بدأت الكتابة الأدبية وعمري لا يتجاوز العشر سنوات متأثرة بحوادث هبة الجنوب عام 1989، إذ كان والدي رحمه الله تعالى قومياً مناضلاً علمني كيف أترجم كلماتي لتخدم الأمة. لم أتخصص في اللغة العربية لكنني والحمد لله أتقنها في صنوفها، والفضل أيضاً يعود إلى والدي الذي كان يمنحني قرشاً في مقابل أي خطأ نحوي أجده مكتوباً على الجدران، وفي أي كتاب أو مجلة أو صحيفة، وما إن كنت أجد الخطأ النحوي حتى أرجع إلى بطون أمهات الكتب العربية لأقرأ القاعدة التي تخدم التصويب، أو أسأل معلمة اللغة العربية عنه فتصححه لي معتمدة قاعدته الصحيحة... هكذا أجدت قواعد النحو، خصوصاً تلك التي حفظتها من ألفية ابن مالك، وكنت في الصف السادس الابتدائي آنذاك. كذلك كانت هدايا والدي رحمه الله لي في أعياد ميلادي ومناسبات العائلة روايات وكتباً أنتهل منها القراءة العميقة وأمنحه رأيي في كل منها.

كيف أثّرت البيئة الأردنية في تكوينك، خصوصاً التكوين الأدبي؟

الموهبة إن لم تصقلها الأسرة والمدرسة في ذات شخص المبدع الصغير فإنها تطمس مع مرور الأيام... كان حظي سعيداً أن منحني الله مدرسة وأسرة تشدان على ساعدي للتطوّر وحسن البناء... بعدما أنهيت دراستي الجامعية تفرّغت لتلك الكتابات وعملت على تطويرها أيضاً وتواصلت مع مجلات وصحف لأجل النشر ولاقت تلك الكتابات اهتماماً كبيراً من القراء. كذلك عملت وزملاء لي أدباء على تأسيس جمعية تعنى بالشأن الأدبي للكتّاب العرب والأردنيين اسمها «جمعية الكتّاب الإلكترونيين الأردنيين»، ومنها انطلقت في عمل أمسيات ثقافية متنوعة في مجال الشعر.

ماذا عن روايتك «ما بين الجسر والمعبر»، ولماذا تأخرت في الصدور حتى الآن؟

ربما لأنها التجربة الأولى لي في صناعة الرواية، إذ كتبتها على الطريقة البنائية، ما استلزم مني قراءة روايات عدة انتهجت ذات الطريقة لأترجم الأحداث والحوارات والزمان والمكان والعقدة، بحسب ما أقرأ وأشاهد، فضلاً عن التواصل مع كبار الروائيين والاستفسار منهم عن أمور تتعلق بالعمل الروائي. ليس أمراً سهلاً إن يصدر الأديب رواية، خصوصاً أن ينام وحدث ما يرافقه ليصحو وإذا بعقله ووجدانه يطوّران هذا الحدث ويضيفان إليه شيئاً أكثر إثارة وتشويقاً.

المشهد الأدبي والمرأة

كيف هو المشهد الثقافي والأدبي في الأردن عموماً؟

الحالة الأدبية في الأردن في تقدّم واضح يوماً بعد يوم، إذ ازداد انتشار الصالونات الأدبية والمنتديات والجمعيات الثقافية، وهي لا تجد أية صعوبة في الترخيص من وزارة الثقافة.

كيف ترين نظرة البعض إلى طروحات المرأة، وهل أثر ذلك في مسيرتك الأدبية؟

أجد أن طروحات المرأة الأردنية وجدت تقبلاً مجتمعياً واضحاً وداعماً، فثمة زميلات شهدت لهن أعمالاً أدبية وأمسيات ثقافية جذبت جمهوراً خصباً وحضوراً مميزاً، فاقتديت بهن لأجد ذات الإقبال المجتمعي والحضور الثقافي من أدباء ومثقفين وسياسيين ومسؤولين وقيادات شبابية وعامة المجتمع.

باعتقادك ما الذي تفتقد إليه المبدعة وينقصها في مجتمعاتنا؟

تفتقد المبدعة عموماً إلى تشجيع مسؤوليها المباشرين في العمل واستيعابهم إبداعها الأدبي، كأن ينظمون عملها المعيشي بما يتناسب وقدراتها الإبداعية لتسهيل خروجها للمشاركة بأمسية شعرية أو أي عمل ثقافي.

الحركة النقدية

هل رافقت تجربتك الأدبية قراءات نقدية، علماً بأن البعض يرى أن النقاد يجاملون كتابات المرأة كونها امرأة فحسب، ولا يقيّمون منجزها الأدبي بموضوعية؟

لم أشعر بتلك المجاملة التي تسأل عنها. ثمة زميل صحافي قدّم قراءته بصورة حيادية، وأستاذ أديب ومؤرخ كبير أعطى رأيه في تجربتي أيضاً، ومعروف عنه أنه لا يجامل أحداً في مجال الأدب، وفرحت بالقراءتين حقيقة.

ما هي أهم المشكلات التي تواجة الثقافة العربية في رأيك؟

سياسات معظم الدول، لا سيما التي تقيّد الفكر وحرية التعبير.

ما جديدك في الفترة المقبلة؟

رواية بعنوان «نوال ما بين الجسر والمعبر»، وهي الآن في اللمسات الأخيرة طور النشر.

الإبداع الشعري

ترى مها الطراونة أن الإبداع الشعري في الأردن هو سيد الموقف الأدبي في وقتنا الحاضر، إذ بات كل مبدع في مجال الشعر يواصل تجربته الشعرية ويعمل على تطويرها، فضلاً عن الانتشار الواسع للقصيدة النثرية التي لا تلزم الشاعر بوزن وقافية، والأخيران شرطان يتوافران في القصيدة العمودية أو شعر التفعيلة ولا يلزمان في القصيدة النثرية. ذلك كله جعل من يملك أفكاراً تحتوي على تشبيهات مجازية وصور فنية جميلة يكتب بأسلوب الشعر النثري الواسع.

صدر للطراونة ديوان شعري مطبوع ومنشور اسمه «أمنيات تناجي البحر»، ولها رواية قيد النشر بعنوان «نوال ما بين الجسر والمعبر»، تتحدث عن قصة مأساوية إنسانية لفتاة غزاوية، فقدت أبناءها على الجسر لتعود إليهم من خلال المعبر فلا تجدهم.

طروحات المرأة الأردنية وجدت تقبلاً مجتمعياً واضحاً وداعماً
back to top