«النفوق» يصيب سوق السمك بالركود وأغلب البسطات أغلقت

البائعون محاصرون بين مطرقة الإيجارات وسندان عزوف المشترين: «تويتر» خرب بيوتنا وقطع أرزاقنا

نشر في 13-05-2017
آخر تحديث 13-05-2017 | 00:05
حضر السمك وغاب الزبائن في سوق المباركية
حضر السمك وغاب الزبائن في سوق المباركية
ركود حاد أصاب سوق السمك في منطقة شرق خلال الأيام الماضية، حيث يبدو خالياً من الزبائن، وأغلقت الكثير من "البسطات"، وأضحى البائعون محاصرين بين مطرقة الإيجارات والالتزامات المادية، وسندان عزوف المواطنين عن الشراء.

وعلق البائعون شماعة الخسائر على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) الذي دأب على الصيد في المياه العكرة من خلال نشر معلومات ووسائط ساهمت في تخويف الناس، وترويج شائعات كاذبة حول قضية نفوق الأسماك.

وعبر مواطنون عن تخوفهم من تناول الوجبات البحرية خلال الفترة الحالية، مؤكدين أن هذه الظاهرة مريبة ولم تحدث من قبل بهذا الشكل الكبير، في حين اتجه البعض لمقاطعة أسماك منطقة الخليج بالكامل، فيما حرص آخرون على انتقاء الأسماك التي نشأت في مزارع محلية داخلية بعيداً عن "البحر"، أو الأسماك المستوردة من دول غير خليجية مثل تركيا.

جاء هذا وسط هبوط في الأسعار، حيث هبط الزبيدي "الكويتي" كبير الحجم إلى 6 دنانير، والوسط 4.5 دنانير، والإيراني الكبير 5 دنانير، والوسط 3.5 دنانير، والهامور الإيراني كبير الحجم 3 دنانير، فيما تشهد الفترة الحالية اختفاء الهامور الكويتي.

"الجريدة" جالت في السوق، للوقوف على تداعيات ظاهرة نفوق الأسماك في عدة مناطق من جون الكويت على كل من المواطن والبائع، حيث رصدت خلو السوق بشكل شبه كامل من الزبائن، وإغلاق عدد كبير من "البسطات"، فيما قام بعض التجار بعرض أنواع مستوردة وسط غياب للأسماك الكويتية.

خسائر كبيرة

في البداية، تحدث أحمد رضا (بائع مصري) عن خسائر كبيرة تكبدها نتيجة عزوف المواطنين عن الشراء، مؤكداً أنه يعمل في السوق منذ 15 عاماً، ولم يتعرض لمثل هذه الخسائر من قبل، وأوضح أن الجهات الرقابية كثفت نشاطاتها في فحص الأسماك الموجودة بالسوق، ما يؤكد أن الأسماك سليمة، ورغم ذلك لا يوجد زبائن، مرجعاً السبب إلى الشائعات التي يطلقها البعض على موقع "تويتر" حول تلوث الأسماك بمواد وبكتيريا تسبب أمراضا للإنسان.

وأضاف: "أشتكي لله ما حل بنا، هل يمكن أن تكون الأسماك ملوثة وتتركنا الجهات الرقابية والصحية نبيعها علناً في السوق؟!"، متسائلا: إذا كانت المشكلة في الأسماك الكويتية فلماذا يحجم الناس عن الأسماك المستوردة أيضاً؟!".

وأكد محمود سلامة (صياد)، أن أغلبية "مراكب" الصيد توقفت عن عملها بنسبة تتعدى الـ80 في المئة، لعدم وجود زبائن تشتري ما يتم صيده، حيث أصبح السمك الكويتي "بعبع" يتحاشاه الجميع، مشيراً إلى أن أغلبية المتوافر في السوق مستورد من إيران والهند وباكستان وتركيا.

وأوضح أن السمك النافق في المقاطع المتداولة هو "الجم"، وهو نوع غير مفضل لدى الكويتيين، والنفوق محصور في مناطق محددة وليس في كل البحر.

إغلاق البسطات

إلى ذلك قام كثير من أصحاب البسطات بإغلاقها بسبب الخسائر الكبيرة التي تكبدوها، حيث أشار محمد عقل (بائع) إلى أن كثيراً من زملائه توقفوا عن شراء وبيع الأسماك، لأنها أصبحت تتلف على البسطات دون بيعها لغياب الزبائن، موضحاً أن استمرار الوضع الحالي سيؤدي إلى رحيل بائعي الأسماك أو امتهانهم مهنا أخرى، خصوصاً أنهم مطالبون بإيجارات شهرية ورواتب للعمال والتزامات معيشية لن يتمكنوا من توفيرها.

"تويتر السبب" بهذه الجملة بدأ محمد عوض (بائع) حديثه، مؤكداً أن "تويتر خرب بيته وقطع رزقه"، بسبب التغريدات والوسائط المتداولة التي تحذر من تناول الأسماك، داعيا المواطنين إلى الإقبال على شراء الأسماك دون خوف، موضحاً أن السوق خاضع لرقابة صارمة، ولا يتم عرض الأسماك للبيع إلا بعض فحصها والتأكد من سلامتها، مشيراً إلى أنه يتناول الأسماك يومياً مع زملائه ولم يصب أحد منهم بمكروه. وأفاد بأن الأسعار شهدت هبوطاً كبيراً خلال الأيام الماضية، حيث وصل سعر الزبيدي "الكويتي" كبير الحجم إلى 6 دنانير، والوسط 4.5 دنانير، والإيراني الكبير 5 دنانير، والوسط 3.5 دنانير، والهامور الإيراني كبير الحجم 3 دنانير، فيما لا يوجد هامور كويتي في السوق.

مقاطعة

من جهته، قال عادل بوعثمان (مواطن)، أنه امتنع عن شراء الأسماك نهائياً في الفترة الحالية، مؤكداً أنه امتنع أيضا عن تناولها في مطاعم المأكولات البحرية، موضحاً أن ظاهرة نفوق الأسماك بهذا الشكل الكبير غريبة وغير مسبوقة، ومشيراً إلى عدم قناعته بما تردده وسائل الإعلام بأن السبب وراءها المخلفات ومياه الصرف الصحي، حيث إن هذه المخلفات موجودة منذ سنوات طويلة، ولم يسبق أن حدث نفوق للأسماك بهذا الكم.

وطالب المواطن المسؤولين والجهات المختصة بكشف الحقيقة للمواطنين وحمايتهم، مبيناً أنه لا يستبعد وقوف جهات بعينها وراء الظاهرة.

المزارع المحلية

بدوره، أوضح خالد الغانم أنه توقف عن الشراء من الأسواق منذ بدء نفوق الأسماك، سواء محلية أو مستوردة من دول خليجية، فيما عدا الأسماك التركية أو أسماك المزارع الداخلية الموجودة في الوفرة والعبدلي، لتربيتها في مياه عذبة بعيداً عن مياه البحر الملوثة. وأشار إلى أن ظاهرة النفوق تتكرر سنوياً بشكل طفيف وغير مؤثر، بعكس العام الحالي الذي شهد نفوقاً بكميات هائلة على مساحات واسعة، ما تسبب في حالة هلع بين المواطنين دفعتهم للتوقف عن الشراء، مرجعاً السبب لزيادة نسبة التلوث في المياه نتيجة المخلفات البتروكيماوية ومياه الصرف ومخلفات مصانع الأسمدة.

وطالب بتشديد الرقابة على الأسواق، إضافة إلى تشديدها على المؤسسات التي تلقي مخلفاتها في البحر، وإجبارها على معالجة المخلفات قبل التخلص منها، للحفاظ على الثروة السمكية وصحة المواطنين.

عشق الطفولة

من ناحيته، ذكر الحاج عباس البلوشي، أنه لا يستطيع التوقف عن شراء الأسماك لعشقه لها منذ صغره، معبراً عن ثقته في الجهات الرقابية وقدرتها على ضبط الأسواق، وحرصها على توفير الأنواع السليمة الخالية من المواد المضرة بصحة المواطن.

وأرجع البلوشي سبب العزوف عن الشراء لخوف البعض إلى الشائعات الكثيرة التي أثيرت حول الظاهرة، مطالباً بضرورة التصدي لمن يلقي السموم في المياه للحفاظ على نظافة البيئة.وأضاف: "أخص بالذكر المستشفى الأميري الذي شاهدته بنفسي، حيث يتم إلقاء مخلفاته الطبية الملوثة بالسموم في البحر بلا ضمير ولا رقيب، وأتمنى من المسؤولين محاسبة هؤلاء الذين يهددون مستقبل ثروات الكويت البحرية".

رقابة مشددة على الأسواق

صرح مدير إدارة العلاقات العامة ببلدية الكويت، عبدالمحسن أبا الخيل، لـ"الجريدة" بأن البلدية شددت رقابتها على الأسواق، للتأكد من عدم تسرب الأسماك النافقة إليها، وأنها وزعت فرقها على جميع أماكن بيع الاسماك وتداولها.

وأوضح أنه في حالة ضبط أسماك غير صالحة أو نافقة يتم التخلص منها فوراً بشكل صارم، مشيراً إلى أن هذه الإجراءات تأتي انطلاقاً من الدور المنوط بالبلدية في الرقابة على أماكن تداول السلع والمواد الغذائية، للتأكد من سلامتها وصلاحيتها قبل أن تقدم للجمهور.

وذكر أنه من جانبها تقوم إدارة النظافة بمهامها في تنظيف الشواطئ وإزالة الأسماك النافقة من سواحل الكويت.

«المباركية» شبه مهجور... ومطالبات بإغلاقه

لم يختلف حال سوق السمك بالمباركية عن نظيره بمنطقة شرق، حيث يشهد ركودا شديدا في حركة البيع والشراء، وبدا خالياً تماماً إلا من عدد قليل من البائعين الذين يشغلون أنفسهم بالتحديق في هواتفهم أو يطالعون الصحف انتظاراً لزبون قد يأتي من هنا أو هناك.

قال رجب خضر (بائع)، إن أرزاقهم كبائعين توقفت منذ قرابة أسبوعين، والسوق أصبح شبه مهجور تماماً، وأضاف: "أغلب البسطات توقفت عن العمل لعدم قدرتها على تغطية التكاليف، وهناك من سافر إلى بلاده إلى حين انتهاء الأزمة".

وأوضح أنه من الأفضل إغلاق السوق كاملا إلى حين حل المشكلة، حتى لا تطالبهم الشركة المالكة بإيجارات البسطات، حيث إنهم تكبدوا خسائر كبيرة، ولن يتمكنوا من تسديد ما عليهم من التزامات.

عبّر أنور جمال (بائع) عن استغرابه من عزوف المواطنين، رغم تأكيدات الجهات المختصة أن السمك سليم ويتم فحصه باستمرار للتأكد من سلامته، وطالب رواد مواقع التواصل الاجتماعي بتحري الدقة في ما ينشرونه من أخبار تخص نفوق الأسماك.

الزبيدي «الكويتي» بـ 6 دنانير... والهامور الإيراني «الجامبو» بـ 3 دنانير

أغلبية "مراكب" الصيد توقفت عن عملها لعدم وجود زبائن
back to top