الفرنسيون يختارون رئيسهم بعد حملة متعبة ومتقلبة

● نسبة مشاركة جيدة رغم تراجعها عن 2012
● تحقيق في تسريبات «ماكرونليكس»
● الرئيس الجديد سيواجه تحدياً في تشكيل الحكومة والفوز بغالبية نيابية

نشر في 07-05-2017
آخر تحديث 07-05-2017 | 21:55
بعد حملة متعبة ومتقلبة اكتسبت أهمية دولية، اختار الفرنسيون رئيسهم الجديد. وعلى عكس التوقعات قفزت نسبة المشاركة إلى أكثر من 65 في المئة، بينما دخلت البلاد عمليا في استحقاق جديد هو تشكيل الرئيس الجديد، الذي سيتسلم السلطة بحلول 14 الجاري، حكومته، ثم يحاول الحصول على غالبية برلمانية ليتمكن من الحكم.
أدلى الناخبون الفرنسيون اليوم بأصواتهم بعد حملة انتخابية متعبة ومتقلبة، تخطت بأهميتها حدود فرنسا لتتحول إلى حدث عالمي، خصوصا بعد خروج بريطانيا (بريكست)، وفوز دونالد ترامب بالرئاسة في الولايات المتحدة، وصعود اليمين الشعبوي الانعزالي واقترابه من السلطة أكثر من أي وقت مضى في أوروبا الغربية منذ الحرب العالمية الثانية.

وبعد حملة انتخابية صاخبة حفلت بالفضائح والمفاجآت، اختار الفرنسيون بين إيمانويل ماكرون، المرشح الوسطي المؤيد للاتحاد الأوروبي، ومارين لوبن مرشحة أقصى اليمين المعادية للتكتل والمناهضة للهجرة.

ولم تشهد حملة انتخابات رئاسية فرنسية هذا الكم من التقلبات بين دورة ثانية حامية جدا يخوضها مرشح وسطي شاب ومرشحة متشددة، ودورة أولى خيم عليها الترقب ومنيت فيها الأحزاب التقليدية الكبرى والشخصيات السياسية البارزة بهزيمة.

نسبة المشاركة

وحسب الأرقام الأولية، تراجعت نسبة المشاركة عن الانتخابات الرئاسية السابقة عام 2012، وبلغت نسبة المشاركة عند الساعة 17:00 من عصر اليوم 65.30 في المئة، في تراجع كبير عن نسبة المشاركة في الدورة الاولى في 23 أبريل (69.42 في المئة) وعن نسبة المشاركة في الدورة الثانية للاقتراع الرئاسي في 2012 (71.96 في المئة).

تقدم واضح

وبعد تصدره الدورة الأولى، توقعت استطلاعات الرأي فوز ماكرون (39 عاما)، الصيرفي السابق ووزير الاقتصاد السابق، في الدورة الثانية بما بين 61.5 و63 في المئة.

أما لوبن (48 عاما) الطامحة للاستفادة من الموجة الشعبوية التي أخرجت المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، وأوصلت دونالد ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة، فيتوقع أن تحصل على ما بين 37 و38.5 في المئة.

وإذا صحت الأرقام، تكون لوبن تفوقت على والدها جان ماري لوبن الذي حصل على أقل من 20 في المئة من الاصوات بالدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية عام 2002، مقابل الرئيس اليميني جاك شيراك.

أرقام عن الانتخابات

● 47 مليون ناخب

● 5 سنوات ولاية الرئيس قابلة للتجديد مرة واحدة

● 66546 مركز اقتراع

● 50 ألف عسكري لتأمين يوم الاقتراع

● 1 (اول) انتخابات رئاسية تجري في ظل حال الطوارئ

● 0 مرشح تم انتخابه من الدورة الأولى منذ 1962

● 14 مايو تنتهي ولاية فرنسوا هولاند

التجديد

وتتميز هذه الانتخابات بأنها ولأول مرة منذ قرابة 60 عاما يغيب اليسار واليمين التقليديان الممثلان بالحزب الاشتراكي وحزب الجمهوريين عن الدورة الثانية.

ويؤكد المرشحان أنهما يجسدان التجديد في المشهد السياسي الفرنسي، لكن في حين يدافع ماكرون عن التبادل الحر ومزيد من الاندماج الأوروبي، تدين لوبن «العولمة المتوحشة» والهجرة، وتدافع عن سياسة «حمائية ذكية»..

أين يتشابه ماكرون ولوبن؟

يرى كل من المرشحة القومية مارين لوبن التي تقدم نفسها على أنها «صوت الشعب الذي لم يعد يتحمل» وخصمها الوسطي إيمانويل ماكرون الساعي الى تجسيد «حس المغامرة» والانفتاح، مستقبل فرنسا على نقيض من الآخر، خصوصا بشأن أوروبا واليورو.

ويؤكد كل منهما تجسيد تجدد المشهد السياسي المنهك و«الوطنية» في بلد يعيش أزمة هوية عميقة في ظل البطالة وخطر الاعتداءات الجهادية.

قبل 3 أعوام لم يكن الفرنسيون يعرفون إيمانويل ماكرون (39 عاما) الذي أسس حركته «إلى الأمام» لخوض أولى حملاته الانتخابية، حيث يقدم نفسه كمرشح «الوطنيين ضد القوميين».

أما لوبن (48 عاما) التي ورثت حزب «الجبهة الوطنية» اليميني المتطرف من والدها جان ماري لوبن، فتؤكد أنها مرشحة «الوطنيين ضد العولميين».

وفي لقاءاتهما الانتخابية يلوح أنصار كل منهما بالعلم الفرنسي بالحماسة نفسها قبل اختتام التجمع بالنشيد الوطني الذي يلقيه ماكرون واضعا يده على قلبه.

كما يقتبس كلاهما تكرارا من الجنرال ديغول، بطل المقاومة الفرنسية للاحتلال النازي، لدعوة أنصارهما الى الحرية، ويبجلان المصير الوطني وتاريخ فرنسا وكتّابها ووقائع صنعت مجدها، وزار كل منهما كاتدرائية في اليوم الأخير للحملة.

كذلك يريد المرشحان إنهاء الشقاق التقليدي بين الحزبين الكبيرين اللذين يختصران الحياة الانتخابية الفرنسية منذ أكثر من نصف قرن. وأثارا صدمة في الدورة الأولى في 23 أبريل بنجاحهما في إسقاط مرشحي اليمين (حزب الجمهوريون) واليسار (الحزب الاشتراكي).

ويؤكد المرشحان أنهما «ضد النظام» فيما يتهم كل منهما الآخر بأنه «وريث».

في مرحلة ما بين الدورتين الانتخابيتين تظاهر فرنسيون رفضا لكل من المرشحين ونددوا بمشروعيهما لاعتبارهما مدمرين للبلاد، في وضع وصفه ناشطون من اليسار المتطرف كخيار بين «الطاعون والكوليرا».

وشهدت الفترة بين دورتي الانتخابات عمليات انضمام واسعة لمعسكر ماكرون، الذي لم يكن معروفا قبل 3 سنوات، وحصل في الدورة الأولى على 24.01 في المئة، بهدف قطع الطريق على لوبن التي حصلت على 21.30 في المئة بالدورة الاولى في 23 أبريل الماضي.

وللمرة الثانية في 15 عاما يصل اليمين المتطرف، الذي ما انفك يكسب أصواتا في الانتخابات، إلى الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية، لكن بخلاف ما حدث في 2002 بدت التعبئة الشعبية شبه غائبة، وكذلك في صفوف اليسار المتشدد، حيث يرفض البعض «الاختيار بين الطاعون والكوليرا».

وأدلى المرشحان بصوتيهما قبل الظهر في شمال فرنسا: ماكرون في منتجع توكيه، ولوبن في معقلها العمالي في اينين - بومون شمال فرنسا.

الانتخابات التشريعية

ويوم الجمعة أعلن ماكرون، الذي سيكون أصغر رئيس فرنسي في حال انتخابه، أنه اختار رئيس وزرائه، الذي لم يكشف عن اسمه، وانه يعمل على تشكيل فريقه الحكومي، وسيتعين على رئيس الوزراء الجديد الإشراف على حملة الانتخابات التشريعية المقررة في 11 و18 يونيو، بهدف تأمين الأغلبية للرئيس الجديد.

ودعي الفائز في هذه الدورة من الرئيس المنتهية ولايته فرانسوا هولاند، للمشاركة معه، الاثنين، في إحياء ذكرى استسلام المانيا في الحرب العالمية الثانية 1945.

وبمجرد انتهاء انتخابات الرئاسة سينصرف الاهتمام على الفور إلى قدرة الفائز على اقتناص أغلبية برلمانية، وأظهر أول استطلاع رأي للانتخابات البرلمانية نشر هذا الأسبوع أن بوسع ماكرون اقتناص تلك الأغلبية.

وسيعتمد الأمر كثيرا أيضا على نسبة التصويت، التي سيحصل عليها ماكرون ولوبن، وقالت النائبة ماريون مارشال لوبن، ابنة شقيق المرشحة الرئاسية لصحيفة «لوبينيون»، إن نتيجة 40 في المئة ستكون بالفعل «انتصارا هائلا» لـ«الجبهة الوطنية».

وأظهرت الدورة الأولى شرخا بين «الخاسرين» و«الفائزين»، وبلدا مشتتا بين 4 أحزاب سياسية ممثلة في المرشحين الاربعة في الدورة الاولى (وسط ويمين متطرف ويمين ويسار راديكالي). وتكرار هذه النتائج في الانتخابات التشريعية سيقضي على مبدأ الحزبين وسيجعل تشكيل غالبية مهمة صعبة.

تحقيق

وانتهت الحملة الانتخابية الجمعة بعد نشر مواقع التواصل الاجتماعي عشرات آلاف الوثائق الداخلية لفريق ماكرون، عبر رابط نشره موقع ويكيليكس وروجه اليمين المتطرف عبر «تويتر»، ووصف ماكرون الأمر بأنه محاولة «زعزعة».

وفتح القضاء تحقيقا في «دخول نظام أوتوماتيكي لمعالجة البيانات خلافا للقانون»، و«انتهاك سرية المراسلة». ودعت اللجنة الانتخابية وسائل الإعلام إلى الامتناع عن إعادة نشر الوثائق التي قالت انه تم الحصول عليها «بالاحتيال»، و«أضيفت إليها معلومات كاذبة».

أبرز ملامح مشروع ماكرون الاقتصادي:

● خفض الضرائب على الشركات من 33.3 إلى 25% وفقًا للمعايير الأوروبية.

● خطة استثمارية بقيمة 50 مليار يورو، من بينها 15 مليار يورو لتدريب العاطلين عن العمل، و15 مليار يورو لدعم مرحلة الانتقال البيئي.

● إعفاء 80% من الأسر من ضريبة السكن بتكلفة شاملة تصل إلى 10 مليارات يورو.

● تحويل الضريبة على الثروة إلى «ضريبة على الثروة العقارية» مع إعفاء الثروة المالية منه.

● وقف إعانة البطالة حال رفض العاطل أكثر من فرصتين للعمل تمنحانه دخلاً يقل بـ25% كحد أقصى عن وظيفته السابقة.

● توسيع نطاق منح إعانة البطالة ليشمل المستقيلين من وظائفهم والمستقلين والمزارعين.

● إشراف الدولة على أنظمة التقاعد والانتقال إلى نظام معاشات البطالة (الذي تشرف عليه حالياً الشركات).

● إتاحة التفاوض حول ساعات العمل الأسبوعية بين أرباب الأعمال والموظفين والبالغة حاليا ٣٥ ساعة.

● إلغاء 120 ألف وظيفة رسمية مع استثناء المستشفيات.

● زيادة الإعانة المقدمة للمسنين والمعاقين بواقع 100 يورو

● توفير خمسة آلاف وظيفة مدرس.

● منع توظيف الأقارب وأفراد العائلة في الوظائف الرسمية.

● فرض ضريبة على المستحقات المالية للبرلمانيين.

● إنهاء نظام المعاشات الخاص للنواب وحظر عملهم كمستشارين.

● فتح 5 آلاف وظيفة جديدة في شرطة الحدود على مستوى الاتحاد الأوروبي.

● توظيف أكثر من عشرة آلاف رجل أمن وشرطة إضافيين

● إنشاء ميزانية وبرلمان لمنطقة اليورو، مع استحداث وزير للمالية خاص بها.

● تخفيض المهلة المسموح بها لإقامة عامل أجنبي من الاتحاد الأوروبي في فرنسا إلى سنة فقط.

● الدفاع عن الاتفاقية الاقتصادية والتجارية الشاملة (سيتا) الموقعة بين الاتحاد الأوروبي وكندا.

back to top