«حماس» تروج وثيقتها... ومشوارها طويل لكسر عزلتها

«فتح» تطالب غريمتها بـ «اعتذار» عن 30 عاماً من التخوين... وأجواء غموض تحيط بلقاء عباس وترامب

نشر في 02-05-2017
آخر تحديث 02-05-2017 | 21:00
فلسطينيون يتظاهرون ضد الحصار وحكومة الحمدلله في قطاع غزة أمس (أ ف ب)
فلسطينيون يتظاهرون ضد الحصار وحكومة الحمدلله في قطاع غزة أمس (أ ف ب)
تستعد حركة «حماس» لشرح وثيقتها الجديدة التي أعلنت فيها قبول دولة فلسطينية في حدود 1967 عبر اتصالات مع المجتمع الدولي ودول عربية، في وقت اعتبرت حركة «فتح» أن الوثيقة تطابق أفكار منظمة التحرير التي أعلنتها في 1988 وطالبتها بالاعتذار عن اتهامات الخيانة التي كالتها لها على مدار الأعوام الماضية.
غداة طرح حركة "حماس" لوثيقتها الجديدة التي فتحت الباب أمام قبول إقامة دولة فلسطينية في حدود 1967، أكّد نائب رئيس الحركة الإسلامية إسماعيل هنية، الأوفر حظا لخلافة خالد مشعل في منصب رئيس المكتب السياسي لـ "حماس"، أنّ حركته ستجري اتصالات مع المجتمع الدولي ودول عربية لشرح الوثيقة.

وردّاً على سؤال لوكالة "فرانس برس" حول الاتصالات مع مصر والدول العربية والغربية لتسويق الوثيقة، قال هنية: بـ "التأكيد حماس ستجري اتصالات ولقاءات، سنكون منفتحين أمام أي إيضاحات أو استفسارات ومناقشات حول الوثيقة، بما يعزز سياسة واستراتيجية الانفتاح على الجميع".

وبيّن هنية أنّ الوثيقة "جاءت لتعكس التطور الكبير لحماس"، مشيراً إلى أنّ الوثيقة "لم تأتِ بناء على طلب من أي جهة".

كسر العزلة

ورأى خبراء أنّ الهدف من الموقف الجديد لـ "حماس" هو الدخول في لعبة المفاوضات الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية، غير أنهم أكدوا أن أمام الحركة مشوارا طويلا لكي تتمكن من كسر عزلتها الدولية والإقليمية.

وأتى الإعلان عن الوثيقة قبل 48 ساعة من لقاء مرتقب بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس والرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض. وقال قيادي في "حماس" إنّ "الوثيقة ستفتح الباب لتكون الحركة مقبولة عربياً ودولياً، ونتوقع تحسين العلاقة مع مصر والدول العربية ودول الغرب".

وفي وقت سابق، ووزّعت "حماس" نصاً باللغتين العربية والإنكليزية للوثيقة المؤلّفة من 42 بنداً. وأدخلت الوثيقة للمرة الأولى تعديلات على برنامج الحركة السياسي، وشدّدت على الطابع السياسي، لا الديني، للنزاع مع إسرائيل.

وجاء في الوثيقة: "لا تنازلَ عن أيّ جزء من أرض فلسطين، مهما كانت الأسباب والظروف والضغوط، ومهما طال الاحتلال، وترفض حماس أي بديلٍ عن تحرير فلسطين تحريراً كاملاً، من نهرها إلى بحرها".

وأضاف البند 20 من الوثيقة: "ومع ذلك، وبما لا يعني إطلاقا الاعتراف بالكيان الصهيوني، ولا التنازل عن أيٍّ من الحقوق الفلسطينية، فإنّ حماس تعتبر أنّ إقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة، وعاصمتها القدس، على خطوط الرابع من يونيو 1967، مع عودة اللاجئين والنازحين إلى منازلهم التي أخرجوا منها، هي صيغة توافقية وطنية مشتركة".

واعتبرت الوثيقة أنّ "المقاومة المسلحة تعدُّ الخيارَ الاستراتيجي لحماية الثوابت واسترداد حقوق الشعب الفلسطيني". ولم تُشر "حماس" في وثيقتها، إلى جماعة "الإخوان المسلمين" التي كانت ترتبط بها فكريّاً.

ريبة «فتحوية»

وفي أول رد فعل على وثيقة "حماس" الجديدة اعتبرتها حركة "فتح" مطابقة لموقف "منظمة التحرير" في عام 1988، وطالبت، في بيان أمس، "حماس" بـ "الاعتذار لمنظمة التحرير بعد ثلاثين عاما من التخوين والتكفير وما تسبب ذلك من انقسام حاد في الشارع الفلسطيني".

ورأى القيادي البارز في "فتح"، حازم أبو شنب، أن توقيت الإعلان عن الوثيقة يعني أنها "محاولة التفاف لتقديم أوراق اعتماد كبديل لمنظمة التحرير أمام السلطات الإسرائيلية"، مشيراً إلى أن هناك وساطة سرية بين "حماس وسلطات الاحتلال عبر طرف ثالث".

رفض إسرائيلي

وفي وقت سابق، اعتبر مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أنّ "وثيقة حماس كاذبة". كما اعتبرت الهيئة المكلّفة الأراضي المحتلة في وزارة الدفاع الإسرائيلية أنّ "حماس الارهابية تهزأ من العالم عبر محاولتها تقديم نفسها وكأنّها منظمة منفتحة ومتطورة".

زيارة عباس

وحتى الساعة لا شيء يبعث على التفاؤل بأن تنجح زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى واشنطن للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب في إعادة اطلاق عملية السلام المجمدة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

مبعث التشاؤم يعود في الاساس إلى عدم القدرة على التكهن بماهية "الافكار" التي سيطرحها ترامب على عباس، خصوصا أن اياً من موظفي الإدارة الأميركية المعنيين بهذا الملف، من البيت الابيض إلى وزارة الخارجية، لا يمكنه تقديم عناوين يمكن التعويل عليها لمناقشتها.

كان من المفترض أن يُمثل تكليف غارد كوشنير صهر الرئيس ترامب بالإشراف على هذا الملف، مبعثاً للأمل بأن تنجح الادارة الحالية في كسر الجمود الذي طغى على عملية السلام، بعد "استقالة" ادارة الرئيس السابق باراك أوباما من هذه المهمة بعد أقل من عامين على الجهود التي اطلقتها في فترته الرئاسية الأولى.

و"السّرية" التي يتمسك بها ترامب في هذا المجال، قد لا تكون أكثر من افكار وهمية، خصوصاً أن اوساط الوفد الفلسطيني برئاسة كبير المفاوضين صائب عريقات التي وصلت الاسبوع الماضي للتحضير لزيارة عباس، عمدت الى خفض مستوى التوقعات لأنها لم تعثر على "افكار" يمكن مناقشتها.

حاول الوفد الفلسطيني حثيثا الحصول على تطمينات من ادارة ترامب بأنه لن يعمد إلى إعلان نقل السفارة الأميركية من تل ابيب إلى القدس، خلال زيارته المتوقعة هذا الشهر في جولة ستقوده ايضا إلى السعودية. لكن الوفد لم يسمع إلاّ كلاما عاما، واحيل السؤال على الرئيس نفسه عندما يلتقي عباس.

البعض علق بأنه حتى ولو عمد ترامب إلى تطمين عباس، فلا شيء يضمن ألا يبدل موقفه بعد أيام او أسابيع، او حين يصل إلى إسرائيل ويلتقي قادتها.

لذلك ترى اوساط أميركية بأن زيارة عباس قد لا تكون اكثر من زيارة عمل، في حين تقول اوساط فلسطينية إن ميزان القوى الحقيقي المختل لمصلحة إسرائيل، لن يجبرها على التعهد بأية افكار، حتى ولو كان مصدرها صهر الرئيس اليهودي الديانة نفسه.

وسائل التواصل: الوثيقة متناقضة

اهتمت مواقع التواصل الاجتماعي بالوثيقة السياسية الجديدة التي أعلنتها حركة حماس الفلسطينية.

وتداول المستخدمون ووسائل الإعلام العربية هاشتاغ "وثيقة حماس" الذي ظهر في نحو خمسة آلاف تغريدة وكان الهاشتاغ الاكثر تداولا في الأردن صباح أمس.

وعبر المغردون عن موقفهم من الوثيقة التي اثارت جدلا بقبولها قيام دولة فلسطينية على حدود 1967، مع التمسك بعدم الاعتراف بالدولة الاسرائيلية، ما وصفه بعض المستخدمين بانه موقف متناقض.

وعلق عدد من المستخدمين على بند اخر في الوثيقة أشار إلى نأي حركة حماس بنفسها عن جماعة الإخوان المسلمين. وغرد أحد المستخدمين على لسان الحركة ساخرا مما اعتبره البعض تناقضا في المواقف التي جاءت في الوثيقة: "سنكمل كفاحنا المسلح ولكن سنتفاوض... لن نعترف بإسرائيل لكننا سنرجع إلى حدود 67... لسنا إخوانا لكننا نتشرف بكوننا إخوانا".

back to top