مصر: بابا الفاتيكان يهاجم الشعبوية في زيارة تاريخية للأزهر

عودة «حوار الأديان»... والسيسي يطمئن الحَبر الأعظم على مسيحيي مصر ويمرر «التعديلات القضائية»

الطيب يعانق فرانسيس قبل انطلاق مؤتمر السلام بمشيخة الأزهر جنوب القاهرة أمس (رويترز)
الطيب يعانق فرانسيس قبل انطلاق مؤتمر السلام بمشيخة الأزهر جنوب القاهرة أمس (رويترز)
بدأ بابا الفاتيكان زيارة تاريخية إلى مصر التقى خلالها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، قبل أن يتوجه إلى مقر مشيخة الأزهر للقاء الإمام الأكبر أحمد الطيب، وترأسا معاً الجلسة الختامية من مؤتمر الأزهر للسلام العالمي، في وقت تصاعدت أزمة السلطات الثلاث بعد إقرار قانون الهيئات القضائية.
وسط إجراءات أمنية مشددة جدا، بدأ بابا الفاتيكان البابا فرانسيس، زيارة تاريخية لمصر، إذ استقبله رئيس الحكومة شريف إسماعيل في مطار القاهرة الدولي، قبل أن يلتقيه الرئيس عبدالفتاح السيسي في مقر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة، ويقيم له مراسم استقبال رسمية، وألقى الحبر الأعظم الذي اجتمع بشيخ الأزهر الإمام الأكبر أحمد الطيب، «كلمة سلام» خلال مشاركته في مؤتمر السلام العالمي الذي ينظمه الأزهر الشريف، فضلا عن لقاء مع بابا الإسكندرية تواضروس الثاني.

وترأس الحبر الأعظم والإمام الأكبر، الجلسة الختامية من مؤتمر الأزهر العالمي للسلام، أمس، والذي بدأ بالوقوف دقيقة صمت تضامنا مع ضحايا الإرهاب في مصر والعالم، وقال شيخ الأزهر بعد ترحيبه بالبابا، إن أزمات العالم المعاصر سببها تجاهل الحضارة الإنسانية المعاصرة للأديان السماوية، داعيا إلى إطلاع الأديان بدور في نشر السلام، ومشددا على أنه لا يمكن وصف الإسلام بدين إرهاب، بسبب تأويل البعض نصوصه تأويلا فاسدا.

فيما بدأ البابا فرانسيس كلمته بتوجيه التحية إلى الحضور قائلا بالعربية «السلام عليكم»، مؤكدا أنه لابد من أن نكون جميعا دعاة للتصالح، ومشددا على أن قادة الأديان يجب أن يسعوا إلى نشر الأخوة والسلام، وقال إنه لا سلام من دون تعليم الشباب احترام الآخر والانفتاح على الحوار البناء، مضيفا: «مستقبل البشرية قائم على الحوار بين الأديان والثقافات.. فالحوار بين الأديان أصبح ضرورة ملحة للتوصل إلى السلام ومواجهة الخلافات».

وأعرب البابا عن أسفه لبروز «شعوبيات غوغائية لا تساعد في تعزيز السلام والاستقرار، وتغذي التطرف والإرهاب».

الحبر الأعظم، الذي يعد ثاني بابا كاثوليكي يزور مصر، يترأس قداسا جماعيا بمشاركة نحو 20 ألف شخص، في استاد الدفاع الجوي، صباح اليوم، وسط إجراءات أمنية مشددة بمشاركة القوات المسلحة، وتحول مقر إقامة البابا في حي الزمالك بوسط القاهرة إلى ثكنة عسكرية، إذ تأتي زيارة بابا الفاتيكان بعد نحو أسبوعين من هجومين إرهابيين على كنيستين بطنطا والإسكندرية، خلفا ما لا يقل عن 47 قتيلا معظمهم من الأقباط.

وحول قمة السيسي والبابا، قال المتحدث باسم الرئاسة، علاء يوسف، إن الرئيس رحب بضيفه، مشيدا بحرص البابا على إتمام الزيارة التي ترسل رسائل متعددة عميقة الدلالة في وقت عصيب يمر به العالم، مستعرضا ما يتحمله الشعب المصري بكل شجاعة من أعباء في مواجهة الإرهاب والتطرف، وأن المصريين المسيحيين هم جزء لا يتجزأ من النسيج الوطني، وأن الدولة تتعامل مع أبناء مصر على أساس المواطنة، فيما أكد البابا أهمية الدور الذي تقوم به مصر في الشرق الأوسط، معلنا دعمه لجهود القاهرة في وقف العنف والإرهاب.

السيسي يمرر

وفي مفاجأة غير سعيدة للقضاة، بدا وكأن السيسي لم يستجب لمطالب القضاة بالتدخل في الأزمة الدائرة بين القضاة والبرلمان، عقب تمرير الأخير تعديلات على قانون الهيئات القضائية، تطيح بمبدأ الأقدمية في اختيار رؤساء الهيئات، فأصدر السيسي قرارا جمهوريا أمس الأول، يقر تعديلات القانون كما مررها البرلمان، الأربعاء الماضي، ما عزز من نُذر معركة غير مسبوقة بين السلطة القضائية في مواجهة السلطتين التنفيذية والتشريعية.

وفي أول رد فعل، قال عضو مجلس القضاء الأعلى، المستشار عادل الشوربجي، لـ «الجريدة»: «من حق الرئيس التصديق على القانون، لأن ذلك من ضمن اختصاصاته وصلاحياته، ومن حقنا أيضا كقضاة دراسة الموقف، والوقوف على كيفية التعامل مع الأزمة ووضع حلول عاجلة لها»، فيما شدد نائب رئيس مجلس الدولة المستشار محمود زكي على أن مصير التعديلات هو عدم الدستورية، مضيفا لـ «الجريدة»: «استقلال القضاة ليس منحة من أحد، بل هو حق أصيل»، مشددا على أن القضاة بصدد اتخاذ إجراءات للدفاع عن استقلالهم.

وبينما أعلن نادي قضاة مصر عقد جمعية عمومية لقضاة مصر بدار القضاء العالي، الجمعة المقبل، مطالبا رئيس محكمة النقض بالدعوة إلى عقد جمعية عمومية غير عادية، الثلاثاء المقبل، قال مصدر بهيئة النيابة الإدارية إن الأخيرة فوجئت بصدور القانون بهذه السرعة، وأضاف: «الآن لم يعد أمام القضاة إلا الطعن أمام المحكمة الدستورية العليا، التي يحق لها وحدها الفصل في دستورية القوانين».

في الأثناء، بدا أن البرلمان المصري يستعد لتوجيه ضربة جديدة لقضاة مصر، إذ كشف عضو اللجنة التشريعية والدستورية، النائب محمد عطا سليم، لـ «الجريدة»، انتهاءه من تعديلات جديدة على قانون «السلطة القضائية»، وأن هذه المقترحات تتضمن خفض سن تقاعد القضاة من 70 عاما إلى 64 عاما، ما يعني تسريح مئات القضاة.

وأشار سليم إلى أن مقترحه بخفض سن الخروج على المعاش لأن هناك دفعات كاملة يتم تأخيرها وعدم قيدها بسبب وجود قضاة ممن تجاوزوا السبعين، نافيا أن يكون غرضه إجراء «مذبحة بحق القضاة»، وأضاف: «ما أريده هو تجديد دماء الهيئات القضائية بتصعيد جيل جديد من بينهم، بالتوازي مع العمل على تسريع إجراءات التقاضي»، مؤكدا أن مشروع التعديلات تقدم به إلى اللجنة التشريعية بالبرلمان، تمهيدا لطرحه للنقاش.

بدوره، قال النائب محمد أبوحامد، لـ «الجريدة»، إن لديه مقترحا لخفض سن تقاعد القضاة، وأنه طلب من جهات ذات صلة حصر أعداد القضاة الذين سيتأثرون بتطبيق مقترحه.

قمة واحتفال

في سياق آخر، يعقد السيسي قمة ثنائية مع نظيره الفلسطيني محمود عباس، في القاهرة ظهر اليوم، وذلك قبيل توجه الأخير إلى واشنطن، الأربعاء المقبل.

وفي سيناء، وقعت اشتباكات بين عدد من أبناء القبائل البدوية وعناصر من تنظيم «داعش» الإرهابي، في جنوبي رفح أمس، ما أدى إلى مقتل اثنين وإصابة آخرين من عناصر التنظيم، قام على إثرها أفراد التنظيم بحرق سيارة لإحدى القبائل وتفجير عبوة ناسفة بمنزل جنوب رفح، ما أسفر عن مقتل أحد شباب القبائل.

back to top