خاص

الإرهاب يستهدف أقباط مصر في «أحد السعف»... ويقتل 46 في كنيستين بطنطا والإسكندرية

• انتحاري ينجح في الوصول إلى المقاعد الأولى لكنيسة مار جرجس بطنطا ويقتل 30 شخصاً
•السيسي يأمر بنشر الجيش لمعاونة الشرطة ووزيرا الداخلية والعدل يمثلان اليوم أمام البرلمان
• إرهابي ثانٍ يفجر نفسه أمام الكاتدرائية المرقسية بالإسكندرية بعد فشله في تجاوز بوابة استشعار المعادن ونجاة البابا تواضروس
إقالة مدير أمن الغربية وإعلان الحداد 3 أيام

نشر في 10-04-2017
آخر تحديث 10-04-2017 | 00:07
أعلنت مصر الحداد ثلاثة أيام على ضحايا هجومين انتحاريين ضربا كنيستين في طنطا والإسكندرية، أثناء قداس «أحد السعف»، صباح أمس، وأسفرا عن مقتل 46 وإصابة أكثر من مئة، وفي وقت لم يصب بابا الأقباط تواضروس الثاني الذي تصادف وجوده بكنيسة الإسكندرية بأذى ونقل إلى مكان آمن تبنى تنظيم «داعش» المسؤولية عن الهجومين.
بعد أقل من شهرين على توعد تنظيم "داعش" أقباط مصر، سقط 46 قتيلا وأصيب 118 أمس في هجومين انتحاريين تبناهما التنظيم المتطرف واستهدفا كنيسة مارجرجس في مدينة طنطا، ومقر "الكاتدرائية المرقسية" في الإسكندرية شمال القاهرة.

ففي الساعة التاسعة من صباح أمس، قتل 30 شخصاً وأصيب العشرات بعد تفجير الانتحاري، الذي ارتدى بزة كاملة "بدلة" وحذاء أسود، حزاماً ناسفاً كان يرتديه تحت ملابسه، حيث نجح في الدخول إلى قاعة الصلاة، داخل كنيسة مارجرجس في طنطا، عاصمة محافظة الغربية (شمال القاهرة)، صبيحة احتفال مسيحيي مصر بـ "أسبوع الآلام" الذي ينتهي بعيد القيامة المجيد الأحد المقبل.

مصدر أمني قال إن التفجير وقع خلال إحياء المصلين قداس أحد السعف (أحد الشعانين)، وأنه وقع داخل قاعة الصلاة الرئيسية بالكنيسة، حيث تم العثور على أشلاء يشتبه في كونها لمنفذ العملية، فيما تم إلقاء القبض على اثنين من المشتبه في مساعدتهما للانتحاري.

اقرأ أيضا

ووسط مشاعر هلع انتابت أهالي طنطا، هرعت قوات الأمن والحماية المدنية وسيارات الإسعاف لموقع الحادث، وعززت قوات الأمن انتشارها في محيط الكنيسة، بالتوازي مع إصدار الأوامر لمديريات الأمن بتكثيف قواتها حول الكنائس تحسباً لوقوع هجمات.

وبينما قال شهود عيان إن الحادث الإرهابي أسفر بصورة أولية عن مقتل 30 ضحية، وإصابة 70 آخرين، انتقل رئيس الحكومة شريف إسماعيل، ووزير الداخلية مجدي عبدالغفار إلى طنطا، لمتابعة سير التحقيقات وزيارة المصابين، وأمر إسماعيل، الذي اجتمع بمحافظ الغربية في حضور عدد من الوزراء، بتشكيل فريق بحث على أعلى مستوى لضبط المتورطين في الحادث، مقدماً التعازي لأسر الضحايا، أقال وزير الداخلية، مدير أمن محافظة الغربية، اللواء حسام الدين خليفة، وعيَّن اللواء طارق حسونة خلفاً له، في وقت تمكنت أجهزة الأمن من تفكيك قنبلتين وضعتا أمام مسجد سيدي عبد الرحيم في طنطا.

نجاة البابا

ولم يقدر المصريون على استيعاب حادث طنطا الإرهابي، حتى فوجئوا بعد نحو ساعتين من الانفجار الأول، بانفجار آخر، في مدينة الإسكندرية (ثاني أكبر مدينة مصرية ومقر الكرسي البابوي الأرثوذكسي القديم)، إذ إن بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، تواضروس الثاني، كان يترأس قداس أحد الشعانين داخل الكنيسة "المرقسية" بالإسكندرية، عندما جاء له نبأ انفجار طنطا، فقرر قطع صلاة القداس، ليقع الانفجار بعدها في محيط الكنيسة "المرقسية"، ما أسفر عن مقتل 16 شخصاً، وإصابة 40 آخرين.

وأعلنت وزارة الداخلية أن ضابطاً وضابطة وأمين شرطة من قوة مديرية أمن الإسكندرية وعددا من المواطنين قتلوا في انفجار الكنيسة المرقسية، بمنطقة محطة الرمل، وصرح مسؤول في مركز الإعلام الأمني بتصدي أفراد الخدمة الأمنية المعينة لتأمين الكنيسة لمحاولة اقتحام عنصر إرهابي يحمل حزاماً ناسفاً، من اقتحام الكنيسة وتفجير نفسه داخلها، "حال تواجد البابا تواضروس داخلها لرئاسة الصلوات".

البابا تواضروس الذي خرج سالماً وتم نقله إلى مكان آمن بواسطة قوات الأمن، قال في تصريحات خاصة لـ "الجريدة"، فور نجاته من محاولة الاغتيال: "أنا بخير، لكن ما حدث يهدف إلى تمزيق نسيج الوطن، فالإرهاب يضرب الجميع دون استثناء"، مؤكدا أنه سيتم بحث الإجراءات التي سيتم اتخاذها خلال الفترة المقبلة فيما يتعلق بتأمين الكنائس، لافتا إلى تلقيه اتصالات هاتفية من الرئيس السيسي ورئيس الحكومة لاطمئنان ومتابعة الحادث.

تنظيم "داعش"، الذي تبنى الهجومين في بيان أمس، وفقاً لوكالة الأنباء الفرنسية، كان هدد علانية في 20 فبراير الماضي، باستهداف الأقباط، ويبدو أن أجهزة الأمن المصرية لم تتعامل بالجدية الكافية مع تهديدات "داعش".

وكانت الكنيسة البطرسية الملاصقة لمقر الكاتدرائية المرقسية بالعباسية (وسط القاهرة)، شهدت تفجيراً ضخماً إثر تفجير إرهابي، أثناء أداء صلاة قداس الأحد، 11 ديسمبر الماضي، ما أسفر عن مقتل 29 مسيحياً، وإصابة العشرات، أغلبهم من النساء والأطفال، وهو الهجوم الذي تبناه "داعش".

تحرك السيسي

ووسط ارتباك رسمي، أعلنت الرئاسة المصرية الحداد الرسمي لمدة ثلاثة أيام، على أرواح الضحايا، فيما دان السيسي، في بيان صادر عن الرئاسة، ببالغ الشدة الحادث الغاشم، متوجهاً بخالص العزاء والمواساة إلى أسر الضحايا، مؤكدا أن هذا الإرهاب الغادر إنما "يستهدف الوطن بأقباطه ومسلميه، ولن ينال أبداً من عزيمة المصريين وإرادتهم الحقيقية في مواجهة قوى الشر، بل سيزيدهم إصراراً على تخطّي المحن والمضي قدماً في مسيرتهم لتحقيق الأمن والاستقرار".

السيسي دعا مجلس الدفاع الوطني للانعقاد بشكل عاجل وأمر قوات التأمين السريعة بالجيش بالانتشار لمعاونة قوات الشرطة في تأمين المنشآت الحيوية. وقال مصدر رفيع المستوى لـ "الجريدة" إن الرئيس كلف باتخاذ الإجراءات اللازمة لعلاج المصابين من جهة، مع فتح مستشفيات القوات المسلحة لاستقبال المصابين، والعمل على التوصل إلى الجناة بأقصى سرعة.

وبينما أُعلنت حالة الاستنفار الأمني القصوى تحسبا لأي هجمات أخرى، توجه النائب العام المصري، المستشار نبيل صادق، يرافقه عدد كبير من قيادات النيابة العامة، إلى أماكن الأحداث في طنطا والإسكندرية، للوقوف على آثار حادث التفجير الإرهابي الذي استهدف الكنيسة، وندب مصلحة الطب الشرعي وسرعة الانتهاء من عمليات تشريح الجثامين، وأصدر قراراً بالتحفظ على الكاميرات المحيطة بمقر الكنيستين والعمل على تفريغهما لكشف تفاصيل الهجومين.

واعلن التلفزيون المصري أن وزيرا الداخلية والعدل سيمثلان اليوم أمام البرلمان.

استياء قبطي

في غضون ذلك، ووسط مشاعر استياء قبطية، جراء تقصير الحكومة المصرية في تأمين الكنائس، حطم أقباط غاضبون بعض كاميرات الفضائيات المصرية وهاجموا الصحافيين العاملين في وسائل إعلام محلية، في محيط كنيسة طنطا، وهاجموا مدير الأمن المقال. وقالت إحدى مصابات حادث طنطا، صفاء دانيال، إنها كانت في آخر كنيسة مار جرجس، قبل أن يحدث الانفجار، وأضافت لـ "الجريدة": "الناس اللي في الصفوف الأولى تحولوا إلى أشلاء"، محملة قوات تأمين الكنيسة مسؤولية الانفجار، قائلة: "لم يستفيدوا أي شيء من حادث البطرسية الذي تم بنفس الطريقة". إلى ذلك حمل وكيل المجلس الملي في الإسكندرية، كميل صديق، القصور الأمني مسؤولية الأحداث، قائلا: "هل هذه هديتنا كل عيد؟! نحن نعلق الزعف وأغصان الزيتون لنتلقي التهاني، وهم يفجرون الكنائس لنتلقى التعازي"، مطالباً بمزيد من الحزم الأمني، بينما قال راعي كنيسة العذراء بمسطرد، عبد المسيح بسيط، لـ"الجريدة"، إن قوات الأمن المصرية مطالبة بمراجعة خططها الأمنية للتصدي للهجمات الإرهابية المتكررة على الكنائس.

واعتبر مساعد وزير الداخلية الأسبق، اللواء محمد نور الدين، أن العمليات الانتحارية يصعب التعامل معها بشكل استباقي، مضيفاً: "القضاء على الإرهاب عملية متكاملة تتضمن جوانب عدة"، مطالبا بضرورة تنشيط أجهزة المعلومات لتوجيه ضربات استباقية، وتعميم البوابات الإلكترونية والكاميرات أمام جميع الكنائس والأديرة، وتعديل قانون الإجراءات الجنائية لتقليل فترات التقاضي لسرعة محاكمة الإرهابيين.

إدانات

إلى ذلك، دان الأزهر الشريف الهجمات الإرهابية، مؤكداً أن الهجوم جريمة بشعة في حق المصريين جميعا، وشدد بيان الأزهر الرسمي، على أن المستهدف من هذا التفجير "الإرهابي الجبان" هو زعزعة أمن واستقرار مصر ووحدة الشعب المصري، وأعرب الإمام الأكبر أحمد الطيب، عن تعازيه لأسر الضحايا، فيما دان مفتي الديار المصرية شوقي علام، الهجومين، مؤكدا أن المهاجمين أصبحوا بفعلهم خصوماً للنبي صلى الله عليه وسلم، فيما أصدرت الأحزاب السياسية والنقابات المهنية في مصر بيانات تعرب فيها عن استنكارها للحادثين.

دولياً، توالت ردود الفعل المعزية في الحادث، إذ دان بابا الفاتيكان، البابا فرانسيس -الذي يفترض أن يزور مصر يومي 28 و29 أبريل الجاري- الانفجارات الدموية في مصر، وقال أثناء ترؤسه قداس أحد السعف في المقر البابوي في الفاتيكان: "أصلي من أجل القتلى والمصابين"، فيما تقدم عدد من الملوك والأمراء والرؤساء العرب والغربيين، على رأسهم العاهل السعودي الملك سلمان بأحر التعازي إلى الحكومة المصرية، بينما أعلن الرئيس الأميركي ترامب إدانته للحادثين.

back to top