«البنتاغون» تشتبه في تورط روسيا بمجزرة خان شيخون... وخيارات الرئيس الأميركي شملت «قطع رأس» الأسد

• ترامب يُطلع الملك سلمان على تفاصيل العملية • النظام يضع طائراته بحماية الروس و«الشعيرات» يعمل جزئياً
• الصدر يدعو الرئيس السوري للاستقالة والعبادي يرفض استخدام السلاح الكيماوي

نشر في 08-04-2017
آخر تحديث 08-04-2017 | 20:55
سوريون يتفقدون موقع غارة نظامية على دوما أمس (إي بي إيه)
سوريون يتفقدون موقع غارة نظامية على دوما أمس (إي بي إيه)
بعد توعد الولايات المتحدة بعمل عسكري إضافي في سورية، إثر الهجوم الصاروخي غير المسبوق على الرئيس بشار الأسد، صعّدت وزارة الدفاع الأميركية لهجتها تجاه دور روسيا في الحرب الدائرة منذ أكثر من 6 سنوات، ووجهت اتهامات غير مباشرة لها بالتورط بالهجوم الكيماوي على خان شيخون، في حين شملت خيارات الرئيس دونالد استهداف قصر الرئيس السوري بعملية «قطع الرأس».

تشتبه وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) في أن نظام الرئيس السوري بشار الأسد تلقى "مساعدة" في الهجوم الكيميائي، الذي نفذه على خان شيخون بمحافظة إدلب انطلاقاً من قاعدة الشعيرات الجوية، التي يوجد بها نحو 100 عسكري روسي.

وقال مسؤول عسكري رفيع، اشترط عدم ذكر اسمه، للصحافيين: "نشتبه في أن النظام تلقى مساعدة" في هجوم الثلاثاء على خان شيخون، معتبراً أن "الروس الموجودون في قاعدة الشعيرات الجوية فشلوا في السيطرة على نشاط" شريكهم السوري.

وأضاف: "لا نستطيع معرفة الدور الذي قام به الروس. لكن إذا كانت هناك أدلة أو اتهام يحظى بصدقية، فإننا سنستخلص النتائج قدر إمكاناتنا".

وذهب مسؤول عسكري في "البنتاغون" إلى أبعد من ذلك بقوله: "بالتأكيد لديهم معلومات عن العمليات الجوية اليومية انطلاقاً من هذه القاعدة"، التي استهدفها 59 صاروخاً من نوع توماهوك، فجر الجمعة، بأمر من الرئيس دونالد ترامب رداً على المجزرة التي أسفرت عن مقتل 100 مدني ثلثهم أطفال اختناقاً.

وتحاول السلطات الأميركية تقصّي المعلومات عن هوية الطاقم، الذي قاد الطائرتين اللتين نفذتا الهجوم الكمياوي على دفعتين، وسط شكوك في وجود روس في إحداهما، ما يطرح علامات استفهام جديدة حول الترسانة، التي ضمنت موسكو تفكيكها.

ساعات حاسمة

وفي تفاصيل الساعات الحاسمة قبل الضربة، كشف مسؤولون أميركيون شاركوا في مناقشات بحث فيها الرئيس دونالد ترامب خيارات التعامل مع نظام الأسد بعد مذبحة خان شيخون، أن من بين أكثرها قوة ما يسمى بضربة "قطع الرأس" على قصر الأسد الرئاسي الذي يقبع منفرداً على قمة تل إلى الغرب من وسط دمشق.

وأفاد ثلاثة مسؤولين وكالة "رويترز" بأن ترامب اعتمد إلى حد بعيد على ضباط عسكريين متمرسين في مواجهة الأزمة، وهما: وزير الدفاع جيمس ماتيس، الجنرال السابق بمشاة البحرية (المارينز)، ومستشار الأمن القومي إتش.آر ماكماستر، وهو لفتنانت جنرال بالجيش.

وكشف المسؤولون أنه فور ورود أنباء عن الهجوم بالغاز، الثلاثاء، طلب ترامب قائمة خيارات لمعاقبة الأسد. والتقى كبار مسؤولي الإدارة بترامب مساء الثلاثاء وقدموا خيارات منها عقوبات وضغوط دبلوماسية وخطط لمجموعة متنوعة من الضربات العسكرية، وجميعها كانت معدة قبل أن يتولى السلطة.

وعرض ماكماستر وماتيس على ترامب 3 خيارات، من بينها قصف القصر الرئاسي، سرعان ما تقلصت إلى اثنين: قصف قواعد جوية عديدة أو قاعدة الشعيرات القريبة من مدينة حمص، حيث انطلقت الطائرة العسكرية، التي نفذت الهجوم بالغاز السام.

إفادة بالغة السرية

وفي صباح الأربعاء، قال مسؤولو المخابرات ومستشارو ترامب للشؤون العسكرية إنهم تأكدوا من أن القاعدة الجوية استخدمت لشن الهجوم الكيماوي، وإنهم رصدوا طائرة سوخوي-22 المقاتلة التي نفذته.

وفي غرفة آمنة في منتجعه مار-إيه-لاجو بفلوريدا، عرض كبار المستشارين العسكريين على ترامب خياراتهم لعقاب الأسد عصر الخميس، قبل ساعات قليلة فقط من انهمار 59 من صواريخ "توماهوك" على قاعدة الشعيرات.

وكان ترامب في منتجعه بفلوريدا لعقد أول قمة له مع نظيره الصيني شي جين بينغ. لكن مسؤولاً أكد أن القمة نحيت جانباً لإفادة بالغة السرية من مستشار الأمن القومي ووزير الدفاع، بدأ عقبها الهجوم.

ضربات جديدة

وخلال جلسة مجلس الأمن، حذرت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكلي هايلي من أن الولايات المتحدة مستعدة لشن ضربات جديدة ضد النظام السوري.

ولاحقاً، أعلن المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر أن "تصرفات الرئيس كانت حاسمة للغاية الليلة الماضية وواضحة بشأن ما يعتقد أنه ينبغي القيام به"، مضيفاً: "أهم شيء هو أن الرئيس يرى أنه ينبغي للحكومة السورية، نظام الأسد، على الأقل الالتزام باتفاقات أقرتها بعدم استخدام أسلحة كيماوية. أعتقد أنه ينبغي أن يكون ذلك أقل معيار في العالم".

وأكد البيت الأبيض أن "رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال جوزيف دانفورد بحث مع نظيره الروسي الجنرال فاليري غيراسيموف الضربة"، موضحاً أن "الحديث كان مهنياً وتركز على الوضع في سورية".

تفاصيل العملية

وفي اتصال هاتفي، أطلع الرئيس الأميركي العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز على "تفاصيل" الضربة الأميركية. وأفادت وكالة الانباء السعودية الرسمية (واس) بأن الملك "هنأ" ترامب على "هذا القرار الشجاع الذي يصب في مصلحة المنطقة والعالم".

ونشر الجيش الأميركي، أمس، عدة صور ثابتة ملتقطة بواسطة الأقمار الاصطناعية تظهر "تقييما للأضرار التي خلفتها الضربات الصاروخية" في مطار الشعيرات العسكري. وتشير إلى أنّ هذه الضربة ألحقت أضرارا بالغة ودمرت طائرات سورية وبنية تحتية ومعدات داعمة، مما قلل من قدرة الحكومة السورية على استخدام الأسلحة الكيماوية مستقبلاً.

قواعد روسية

وبعد إعلان وزير الإعلام السوري محمد رامز أن الضربة الأميركية كانت "متوقعة"، قام الجيش السوري بنقل طائرات حربية إلى قواعد روسية، أعلنت موسكو أنها محمية بنظام الدفاع الجوي المتطور "S400" خلافا للقواعد العسكرية الأخرى التابعة لدمشق.

وذكرت مصادر أن قوات الحكومة نقلت مقاتلات حربية من مطار التيفور العسكري في ريف حمص إلى قاعدة حميميم الجوية في ريف اللاذقية التي تتخذها القوات الروسية مقرا رئيسيا لها.

وغداة العملية، أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان بأن مطار الشعيرات عاد الى الخدمة بشكل جزئي وأقلعت منه "طائرتان عسكريتان وشنتا غارات على ريف تدمر".

وفي خان شيخون، لقيت أول سورية حتفها بعد هجوم الكيماوي وأصيب شخص آخر في غارة نفذتها طائرات حربية أمس على الحي الشرقي ترافقت مع استهدافه بالرشاشات الثقيلة.

خطوات لاحقة

واعتبر وزير الخارجية التركية مولود جاويش أوغلو أنه إذا لم يتبع الهجوم على القاعدة الجوية خطوات لاحقة، وإذا لم نبعد النظام عن سورية فستبقى العملية هامشية، مشدداً أنه علينا الوصول الى حل سياسي.

وأوضح جاويش أوغلو أن تركيا ستلعب دوراً هاماً في إعادة إعمار سورية، وفي هذه المرحلة بات العالم يتفهم سعي تركيا لإنشاء مناطق آمنة فيها.

موقف عراقي

وأصدر زعيم "التيار الصدري" العراقي مقتدى الصدر بياناً بشأن القصف الأميركي، دعا فيه الولايات المتحدة وروسيا إلى للتوقف عن إيذاء سورية. كما دعا الرئيس السوري إلى الاستقالة.

وأكد رئيس الوزراء حيدر العبادي أن استخدام السلاح الكيميائي في سورية جريمة مدانة ومستنكرة، مشيراً إلى أن الشعب السوري وقع ضحية، مثل نظيره العراقي للكيماوي من قبل النظام السابق، ولذلك دعونا إلى تحقيق دولي عاجل ودقيق وإدانة أي جهة قامت بذلك".

وشدد العبادي على "ضرورة وضع خطة شاملة لإنهاء التصعيد الجاري في سورية وتوحيد الجهود في سبيل القضاء على تنظيم داعش والمنظمات الإرهابية الأخرى وإنهاء وجودها".

التعاون الإسلامي

بدورها، اعتبرت الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي أن العمليات الأميركية أمر "طبيعي ومتوقع"، رداً على استخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية ضد المدنيين الأبرياء واستمرار "جرائمه البشعة واللاإنسانية والمخالفة للقوانين الدولية التي يرتكبها منذ سنوات ضد الشعب السوري".

واعتبرت أن النظام السوري مسؤول عن تعرض السوريين لهذه العمليات العسكرية بسبب اصراره على الاستمرار في القتل والدمار وتحديه للمجتمع الدولي باستخدام أسلحة محظورة دولياً.

وأشارت إلى أن النظام السوري ضرب بعرض الحائط كل المبادرات الإقليمية والدولية لإيجاد حل سياسي للأزمة ينهي معاناة الشعب السوري ويلبي تطلعاته المشروعة في الحرية والعدالة تطبيقا لبيان اجتماع "جنيف1".

تحرك روسي

في المقابل، استدعت وزارة الدفاع الروسية الملحق العسكري الأميركي لديها وأبلغته رسمياً بتعليق العمل بمذكرة تفادي الحوادث وضمان سلامة الطيران في الأجواء السورية، اعتبارا من منتصف ليل أمس.

وعادت الفرقاطة "الأميرال غريغوروفتش" المزودة بصواريخ "كاليبر" المجنحة إلى مياه البحر المتوسط لتنضم إلى مجموعة السفن الحربية الروسية المرابطة هناك.

وبعد ساعات من اعتبارها الضربة بمثابة "عدوان" ومسارعتها الى تعليق اتفاق منع الحوادث الجوية، اعتبر وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، أمس، أن الرد الروسي على الضربة الأميركية ضد نظام الأسد "مخيب جداً للآمال".

وفي طهران، اتهم الرئيس الإيراني حسن روحاني، أمس، نظيره الأميركي بمساعدة المجموعات "الارهابية" في سورية، مؤكداً أنه بعد هذا "العدوان" يجب على ايران "الاستعداد لكل الاحتمالات، فلا نعرف ما يعده القادة الاميركيون الجدد للمنطقة".

وقال روحاني، بدون أن يسمي ترامب، إن "هذا السيد الذي تولى السلطة في الولايات المتحدة ادعى انه يريد مكافحة الارهاب، لكن اليوم كل المجموعات الارهابية في سورية احتفلت بعد الهجوم الاميركي".

وأضاف روحاني، في خطاب بثته قناة "إيريب": "اذا كان ما تقولونه صحيحاً فلماذا كان اول عمل هو مساعدة الارهابيين؟ لماذا هاجمتم الجيش السوري الذي يحارب الارهابيين؟"، مطالباً بتشكيل "لجنة مستقلة بوجود دول محايدة حول الهجوم الكيماوي المزعوم، لأن سورية لا تمتلك، حسب الامم المتحدة، أسلحة كيماوية".

الولايات المتحدة تؤكد لمجلس الأمن استعدادها لضرب دمشق مجدداً «إذا استدعى الأمر»

«التعاون الإسلامي» تعتبر الضربات أمراً «طبيعياً ومتوقعاً»

البيت الأبيض: ينبغي لسورية الالتزام باتفاقات عدم استخدام الأسلحة الكيماوية
back to top