البرتغال... نجاح المقاربة الكينزية والشك مازال قائماً

نشر في 07-04-2017
آخر تحديث 07-04-2017 | 18:35
No Image Caption
يصف البرتغاليون انكماش العجز بأنه دليل على نجاح مقاربتهم الكينزية (نسبة إلى جون ماينارد كينز) بشأن النمو. ولكن إلى أن يظهر أنطونيو كوستا أن في وسعه تكرار نجاح ميزانية العام الماضي، سوف يظل كثيرون يشعرون بالشك.
ما كان لأحد أن يصف رئيس وزراء البرتغال الاشتراكي أنطونيو كوستا بأنه من صقور المال عندما تسلم السلطة في شهر نوفمبر 2015. وبعد أن حل ثانيا إزاء الديمقراطيين الاشتراكيين في يمين الوسط في انتخابات عامة غير حاسمة جمع ائتلافا مع اليسار المتطرف، ووعد «بطي صفحة التقشف». ووصف المحافظون تحالفه مع الراديكاليين والشيوعيين بأنه بدعة غير محتملة. كما تعهد بأن يعكس إجراءات التقشف المرتبطة بعملية إنقاذ البرتغال خلال أزمة اليورو، وتحقيق الأهداف المالية القاسية. وأطلق عديدون على ذلك اسم اقتصادات الودونية.

وعلى الرغم من ذلك، أوفى كوستا بوعده. وفي سنة 2016 وبحسب أرقام أعلنت في 24 مارس الماضي خفضت حكومته عجز الميزانية بأكثر من النصف، ليصل الى أقل من 2.1 في المئة فقط من الناتج المحلي الإجمالي، وهو الأدنى منذ انتقال البرتغال الى الديمقراطية في عام 1974.

واستعادت إدارته تقاعد الدولة والأجور وساعات العمل الى مستويات ما قبل عملية الإنقاذ وخفض العجز الى أقل كثيرا من هدف الـ 2.5 في المئة الذي حدده الاتحاد الأوروبي. وكانت هذه أول مرة تستجيب فيها البرتغال للقوانين المالية لمنطقة اليورو.

وقد اعتادت الحكومة على تخطي التنبؤات الدولية: ولاحظت وزارة المالية بطريقة جافة في الأسبوع الماضي أن اللجنة الأوروبية «بدأت تدرك الحقيقة» مع تعديل توقعاتها بصورة ثابتة في اتجاه هابط في سنة 2016.

ونما الاقتصاد طوال 13 فصلا، كما توسع عند معدل سنوي من 2 في المئة في الربع الأخير من العام الماضي. وتمكن تحالف جناح اليسار الذي توقع خصومه أن ينحل خلال سنة من الصمود، وتضع استطلاعات الرأي الاشتراكيين في مركز يضم 10 نقاط مئوية عن الديمقراطيين الاشتراكيين، وهو وضع يمكن لقادة يسار الوسط الآخرين في أوروبا أن يحلموا به فقط.

ويقول أنطونيو باروسو من تينيو انتلجنس، وهي شركة استشارية للمخاطر إن «السيد كوستا تحدى التوقعات بكل تأكيد». كما أن وزير المالية ماريو سنتينو يريد أن يحرر الاتحاد الأوروبي البرتغال من إجراءات العجز الزائدة وهي آلية انضباط تستخدم لفرض وتطبيق قوانين منطقة اليورو المالية. ويقول فيديريكو سانتي من مجموعة يوراسيا، وهي شركة استشارية أخرى إن «البرتغال ستنضم عندئذ الى نادي روايات المنعطف الناجح في منطقة اليورو الى جانب أيرلندا وإسبانيا».

الجائزة القصوى

وسوف تتمثل الجائزة النهائية في الحصول على تصنيف ائتماني من درجة استثمار، وكانت كل وكالة تصنيف باستثناء شركة دي بي آر إس الكندية الصغيرة قد صنفت ديون البرتغال السيادية على أنها رديئة منذ بداية برنامج الإنقاذ الذي استمر من 2011 الى 2014.

ويعتقد السيد سنتينو أن عدم قدرة تلك الوكالات على إدراك قوة التعافي يعادل معاملة غير مصنفة ويحمل الحكومة أعباء تكلفة اقتراض عالية. ويشتكي سنتينو من أن معدلات الفائدة تلتهم ميزانية البرتغال بقدر يفوق أي دولة أخرى في الاتحاد الأوروبي.

وعلى أي حال فإن رفع درجة التصنيف قد لا يكون وشيكا. وقد حذرت اللجنة الأوروبية في الأسبوع الماضي من أن بنوك البرتغال تظل هشة، وتخطط الحكومة لضخ 2.5 مليار يورو لإعادة رسملة بنك Caixa Geral de Depositos المملوك للدولة وأكبر بنوك البلاد، وهو ما سوف يزيد من عجز الميزانية لهذه السنة.

كما يتوقع أن يبرم في وقت قريب عقد بيع Novo Banco الذي أنقذ من انهيارBanco Espirito Santo في سنة 2014، ولكن ذلك قد ينطوي أيضا على مسؤوليات إضافية على الدولة. ويلوم السيد كوستا الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي لعدم توفير مساعدة كافية الى القطاع المالي خلال عملية الإنقاذ وتركهما الحكومة التي أنفقت 4.4 مليارات يورو على الإنقاذ المصرفي للتخلص من هذه الفوضى. ولكن يستمر قلق الاقتصاديين من الدين العام الذي ارتفع الى 131 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في السنة الماضية، على الرغم من انكماش العجز.

وتظل مستويات ديون البلاد العالية العقبة الأكبر في البرتغال، بحسب باروسو، وإذا تعرضت منطقة اليورو الى هزة - مثل فوز مارين لوبان في الانتخابات الرئاسية الفرنسية – فإن البرتغال ستكون الدولة الأكثر احتمالا لمواجهة أزمة ديون، وفق رأيه. ويصف البرتغاليون انكماش العجز على أنه دليل على نجاح مقاربتهم الكينزية (نسبة الى جون ماينارد كينز) بشأن النمو.

ولكن الى أن يظهر السيد كوستا أن في وسعه تكرار نجاح ميزانية العام الماضي، سوف يظل العديد يشعرون بالشك. ويقول السيد سانتي إن «دعم الطلب المحلي عبر سياسة مالية فضفاضة بصورة طفيفة قد يثمر، ولكن ذلك لا يشكل بديلا للإصلاحات الهيكلية التي لاتزال البرتغال في حاجة إليها».

back to top