تغلّب على الخوف لاشعورياً!

نشر في 04-04-2017
آخر تحديث 04-04-2017 | 00:03
No Image Caption
لا داعي لمواجهة مخاوفك مباشرةً بل يمكنك «تذويبها» بكل بساطة! يبدو أن حثّ الناس على التفكير في المسائل المخيفة بطريقة لاواعية يساعدهم على تفكيك روابط الخوف المخزّنة في عقولهم.
يعالج أطباء النفس حالات الرهاب عبر «العلاج بالتعرّض» الذي يشمل رؤية عناصر يخاف منها المريض أثناء وجوده في بيئة آمنة. لكن يعتبر كثيرون هذا الموقف عصيباً لدرجة أنهم ينسحبون أو يرفضون التسجّل في حصص مماثلة منذ البداية. في هذا السياق، يقول هاكوان لاو من جامعة كاليفورنيا، في لوس أنجلس: «فكرنا بأننا لو استطعنا تطبيق هذه العملية بطريقة لاواعية، فلن يحصل أي انزعاج».

يستعمل فريق لاو برنامجاً يمكن تدريبه على قول ما يفكر به الناس حين يتمددون داخل اسطوانة التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي. حتى أن البرنامج يستطيع تحديد المسائل التي يفكر بها الشخص في لاوعيه عبر التركيز على نشاط القشرة البصرية التي تعالج البيانات المأخوذة من العينين وترتبط بالذاكرة البصرية.

بهذه الطريقة اكتشف الفريق وسيلة لجعل الناس يفكرون بمسائل مخيفة من دون أن يدركوا ما يفعلونه. سجّل الفريق أنماط النشاط الدماغي لدى المتطوعين عندما شاهدوا مجموعة متنوعة من 40 صورة، منها مواضيع شائعة في مختلف حالات الرهاب مثل العناكب والأفاعي.

في المرحلة اللاحقة حصل المتطوعون على مكافأة نقدية كلما تماشت أنماط النشاط اللاواعية في قشرتهم البصرية مع تلك المرتبطة برؤية صورة مخيفة. بفضل هذا التدريب على «الارتجاع العصبي»، تشجّع المشاركون على التركيز على الفكرة المخيفة بدرجة إضافية لكن في لاوعيهم. يقول لاو: «لم يدركوا ما كانوا يفعلونه. كانوا يظنون أنهم يقومون بتمرين عقلي للحصول على المال».

لمعرفة مدى قدرة تقنية التعرّض اللاواعية على تخفيف الضغط النفسي المرتبط بالرهاب، جرّبها فريق البحث مع أشخاصٍ يخافون من نمط معيّن من الخطوط الملوّنة عبر تعريضهم لصدمات كهربائية خفيفة عند عرض ذلك النمط أمامهم. بعد ثلاث ساعات من تمرين الارتجاع العصبي، تراجع خوفهم من تلك الخطوط بدرجة كبيرة.

صورتان مرعبتان

صرّح فريق البحث خلال مؤتمر علم الأعصاب في سان دييغو، كاليفورنيا، بأن تقنية التعرّض اللاواعية تُستعمَل الآن لاستهداف المخاوف الطبيعية. طلب الفريق من 30 شخصاً أن يختاروا صورتين يعتبرونهما الأكثر رعباً من بين 40 صورة. بعد تطبيق تمرين الارتجاع العصبي على إحدى الصورتين (صورة كلب مثلاً)، تراجع ميل المشاركين إلى التعرّق حين شاهدوا تلك الصورة وتراجع النشاط في لوزتهم الدماغية التي تُعتبر مركز الخوف في الدماغ. لم يحصل تغيير مماثل عند عرض الصورة المرعبة التي لم يتدرّبوا عليها بالارتجاع العصبي.

يخطط أعضاء الفريق لمقابلة المشاركين مجدداً بعد ثلاثة أشهر كي يسألوهم عن درجة خوفهم من الحيوانات التي اختاروها. سنعرف حينها مدى فاعلية هذه المقاربة. يقول جو لودو من جامعة نيويورك: «يُعتبر الاعتراف بالمخاوف معياراً ذهبياً لتحديد نسبة نجاح العلاج». إذا نجح العلاج فعلاً، سيساهم في معالجة اضطرابات أخرى مرتبطة بالخوف مثل إجهاد ما بعد الصدمة والقلق. يقول لاو: «نحن نؤثر بطريقة غير مباشرة في العقل اللاواعي».

يدرس لودو أيضاً علاج التعرّض اللاواعي عبر عرض الصور التي تصيب الناس بالرهاب لجزءٍ من الثانية (إنها مدة فائقة السرعة لدرجة أنّ الباحثين سيسجلون النتيجة من دون أن يشعر المشاركون بأي أمر).

يظنّ لودو أن استكمال هاتين المقاربتين بعلاجات الكلام سيكون ضرورياً لمساعدة الناس على تغيير قناعاتهم الواعية، لكن يُفترض أن تزداد سهولة هذه العملية بعد تقليص الخوف اللاواعي.

الباحث جو لودو يوضح أن الاعتراف بالمخاوف معيار ذهبي لتحديد نسبة نجاح العلاج
back to top