القاصة الجزائرية د. حفيظة طعام: الإعلام العربي يساهم في تحطيم ميراثه الأدبي

نشر في 15-03-2017
آخر تحديث 15-03-2017 | 00:02
ترى القاصة الجزائرية حفيظة طعام أن من غير المعقول أن يكون أدب أية أمة روائياً فحسب، رافضة مقولة زمن الرواية. وتؤكد أن الإعلام الثقافي العربي يساهم من دون وعي في تحطيم ميراثه الأدبي العريق المتمثّل في الشعر والقصة، وأن في العالم العربي كتاباً جيدين للقصة ولنا تقاليد عريقة فيها، على عكس الرواية التي تحظى بدعم إعلامي زائد على الحد يؤثر سلباً في الأدب العربي الذي يتكوّن من النثر والشعر أيضاً.
يجد قارئ أعمالك أن الأخيرة مشحونة بشاعرية في أماكن كثيرة من جسد النص السردي، رغم تناولك قضايا حياتية. كيف تأتى لك ذلك؟

هذا الأمر متروك للنقاد، وثمة من تحدّث عنه وأنا أوافق عليه. في أعمالي، تجد الغلبة للوجداني، ما يوضح نزوعها نحو الشاعري أحياناً. أما عن مواضيعها فهي تتحدّث عن البيئة الاجتماعية بعاداتها وتقاليدها ومساوئها وقهرها واقع المرأة، وهذا أمر طبيعي لأنني امرأة أولاً، وثانياً لأن المرأة في مجتمعاتنا العربية ما زالت تدفع ضريبة ممارسات متأتية من التمسك بتقاليد لا تخدم الإنسان العربي، سواء رجلاً أو امرأة.

هل ترين أن الحريات العربية ما زالت تعاني القيود؟

إذا قارنا ذلك مع ما هو موجود في الغرب، فإن الأمر يبدو مخيفاً. بعيداً عن ذلك، ثمة تفاوت في هذا المجال بين الدول العربية، وأعتقد أن الجزائر من بين الأفضل في هذا الشأن.

أنت كاتبة جيدة للقصة القصيرة. ما رأيك بالقصة القصيرة جداً التي بدأت تشهد رواجاً عربياً؟

العرب كتاب جيدون للقصة ولنا تقاليد عريقة فيها، على عكس الرواية التي تحظى بدعم إعلامي زائد عن الحد، يؤثر سلباً في الأدب العربي الذي يتكوّن من النثر والشعر أيضاً، ومن غير المعقول أن يكون أدب أية أمة روائيا فحسب.

الومضة القصصية

هل أصبحت الومضة القصصية نوعاً أدبياً جديداً؟ وهل تحدّد بعدد معين من الكلمات؟ ومتى نطلق الومضة على نص أدبي؟

المهم أن يستوفي النص المعنى المراد إيصاله ويحقق شرط الإمتاع باللغة، فيشتمل على عنصر الأدبية. أما ما تتحدّث عنه فهو أشبه بعناوين اختزلها أصحابها قدر المستطاع فأخلوا بالمعنى والقصدية، وأهملوا عنصر الإمتاع باللغة. هنا، أستثني القصة القصيرة جداً فهي جنس أدبي جميل يجب أن ينتشر بقوة في وطننا العربي، إذ يطرح نصوصاً مكتفية بذاتها.

غالبية زميلاتك القاصات مررن إلى الرواية إلا أنت، هل هو خصام مع «ديوان العرب» اليوم، أم وفاء لتلك «الطفلة الأبدية» كما سماها أحمد بوزفور؟

أكتب القصة وهي في نظري كدارسة لا تقل شأناً عن أي جنس أدبي آخر. الرواية قصة بتفاصيل كثيرة، والقصة قبض على اللحظة التي تغني عن التفاصيل الكثيرة، وأنا أكتب نصاً روائياً راهناً، ولست مستعجلة في إنهائه.

غسان كنفاني

فازت مجموعتك الأخيرة «من مذكرات غرفتي» بجائزة غسان كنفاني. ماذا أضافت إلى مسيرتك؟

تنحصر الإضافة التي حققها لي فوزي بالجائزة بتعزيز معنوياتي ككاتبة فقط، فالجائزة محفز للاستمرار في الكتابة وتطوير أدواتها.

هل تراهنين على الجوائز لتحقيق انتشار عربي والمساهمة في إيصال صوت الإبداع النسوي الجزائري خارج حدود الوطن؟

لا أراهن على الجوائز مطلقاً. بالنسبة إلى مشاركتي في جائزة غسان كنفاني فإن «دار الكلمة» لصاحبها الكاتب عبد الكريم ينينة رشحتني من دون أن أكون على علم بذلك. لكنني أراهن على الإعلام، خصوصاً الثقافي منه، الذي يجب أن يطوّر أساليبه وفق هذا العصر المتسارع.

كيف ترين مقولة «زمن الرواية»؟

يساهم الإعلام الثقافي العربي من دون وعي في تحطيم ميراثه الأدبي العريق المتمثّل في الشعر والقصة.

المشهد الجزائري

كيف ترين الحركة الثقافية الجزائرية الآن؟

يلاحظ الجميع أن في الحركة الثقافية يبرز جيل متفاعل مع تراثه الثقافي وتنوعه، وفي الوقت نفسه يساير عصره، ويتضح ذلك كعينة من خلال ممارسة أشكال الكتابة بتنوعها وتنوع «ثيماتها». كذلك حققت المرأة الجزائرية مكاسب عدة، ثقافية وسياسية واجتماعية.

ما تأثير الثقافة الفرانكفونية في الأدب والثقافة الجزائريين؟

ثمة أدب جزائري مكتوب بالفرنسية وليس ثقافة فرانكفونية، إلا ما ندر، وذلك لا يقاس عليه. معظم ما كتب بالفرنسية هو أدب وطني جزائري، عربي الروح.

المسيرة

لا تجد الأديبة حفيظة طعام تعارضاً بين حياتها العلمية ومسيرتها الأكاديمية والأدبية، وتقول في هذا السياق: «لم تكن حياتي الأكاديمية يوماً عائقاً للإبداع، فاللحظة الإبداعية تفرض نفسها وتخلق جوها الملائم الخاص بها. وعن مسيرتها الإبداعية، تذكر: «الحكاية ولدت مع الإنسان، فلا يمكنه أن يعيش بمعزل عنها، وأنا صغيرة كنت ألتف مع إخوتي حول جدتي لتحكي لنا حكايات عن الغول وما شابه، وكنا نستمع إليها بخشوع طفولي، كبرنا وكبرت الحكاية معنا فمنذ صغري أحببت كل ما هو مثير ومختلف، وكانت بداياتي مع التعابير الشفهية في المدرسة ثم الكتابية، واكتشفت أنني أستطيع أن أكتب إبداعاً بغض النظر عن تقنيات الكتابة، فقرأت لجبران خليل جبران الكثير. أما عن سندي في هذه الحياة إبداعياً فهو الإنسان وكل ما يحدث له ومعه. وحده الإنسان حفزني على الإبداع، ذلك النوع من البشر المهمش والمنبوذ والحزين الذي يعيش معزولاً في العراء.

الجائزة

فازت حفيظة طعام بجائزة غسان كنفاني للكتابة الإبداعية فرع «القصة القصيرة»، في دورتها العام الماضي وتنظمها سنوياً مؤسسة «فلسطين» الدولية ومقرها عمان في الأردن، ذلك عن مجموعتها القصصية «من مذكرات غرفتي» الصادرة عن دار الكلمة في الجزائر التي رشحتها للجائزة، ضمّت مجموعة طعام القصصية 31 قصة قصيرة وقصيرة جداً، وجاء مضمونها في السياق الاجتماعي، والرومانسي والوجداني، كذلك تناولت قضايا الأمة العربية، كالأمن والأمية والتخلف. يذكر أن «مذكرات غرفتي» هو الإصدار الثاني لأستاذة الأدب بالفرع الجامعي تيسمسيلت، الدكتورة حفيظة طعام، بعد مجموعتها القصصية الأولى «وشوشات بعد منتصف الليل».

جائزة غسان كنفاني حفزتني للاستمرار في الكتابة

اللحظة الإبداعية تفرض نفسها وتصنع جوها
back to top