منظور آخر: العالم بعيون أخرى

نشر في 09-03-2017
آخر تحديث 09-03-2017 | 00:11
 أروى الوقيان أمر مخيف حقا أن تشهد تحولا جذرياً في الحياة خلال السنوات الخمس الأخيرة، فالعالم رغم كل الجنون الذي يمر به كان طبيعيا نوعا ما، فيستطيع الأطفال ارتياد المدارس والكبار الذهاب للعمل والمدافعون عن حقوق المرأة المشاركة في المظاهرات، كانت الحياة تبدو عادية، وكانت الحرب والظلم حدثين محددين في أماكن محددة.

تغير العالم منذ بدء الأزمة السورية، وانقلبت الموازين بشكل جذري، كل من توقع أن الأزمة لن تطول أكثر من سنة لم يكن متوقعاً أن تتضخم المأساة وتستمر حتى يومنا هذا، فمخرجات الأزمة السورية مخيفة، ولا يستطيع العالم سوى تقديم بعض اللقاحات والخيم وبعض البطانيات، في حين هناك ملايين الأطفال لا يعيشون تحت خط الفقر فقط بل خارج حدود الحياة.

في تقرير نشر مؤخرا لمنظمة "أنقذوا الأطفال" يشير إلى أن الأطفال باتوا يعيشون سنوات من القتل والدمار في أعمارهم البريئة، وشخصت دراسة ميدانية للمنظمة حجم الآثار النفسية العميقة لدى الأطفال التي قد تودي بهم إلى الانتحار وخطر تعاطي المخدرات، فضلا عن الاكتئاب، وجسدياً بات الأطفال أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بأمراض القلب والسكري.

ووجدت الدراسة التي أجريت على 450 طفلاً في مناطق متفرقة من سورية أن ثلثي الأطفال فقدوا أحد أفراد أسرتهم أو تعرضوا هم للقصف المباشر، ونصف هؤلاء الأطفال يتعاطون المخدرات لمواجهة الإجهاد وحالات الخوف، فالآثار النفسية والمرضية التي يعيشها الأطفال جعلتهم يعانون ما يسمى "التوتر السام"، بآثاره المخيفة فيما لو ترك بدون علاج، وحسب رأي الأطباء النفسانيين يكمن الحل في تغيير البيئة وتغيير الواقع من حالة القتال والحرب إلى حالة السلم والأمان.

الدراسة مخيفة ونتائجها مرعبة، أمور مؤلمة وموجعة في حق الإنسانية أن ينشأ جيل كامل على هذا المنوال من انتشار للعنف والقتل والجريمة، وأن يعيش طفل بين القذائف والقنابل ومنظر الدم ويدمن المخدرات، وأن يرتضي العالم استمرار المأساة للسنة السادسة على التوالي، وأن نقف مكتوفين الأيدي نشهد جيلا يدمر نفسيا وجسديا دون تقديم سوى المساعدات الإغاثية والدعاء، إنه تقصير منا جميعا.

هذه المستديرة لم تعد كما كانت، باتت أشد ظلما وقسوة وجهلا، حين يهمل العالم ما يحدث في سورية والعراق وأفغانستان، لا يعلمون أنهم يسمحون لقنابل موقوتة بأن تفجر العالم بغضبها، وشعورها بالظلم الذي لا محالة سيؤدي إلى مزيد من القتل.

جميع المشاهدات والدراسات تشير إلى أن القادم أسوأ، ولا يوجد أسوأ من أن يقف العالم مكتوف الأيدي دون أن يحرك ساكنا.

قفلة:

"أحلم باليوم الذي يأتي فيه طفل ويسأل أمه: ماذا كانت الحرب؟"

« إيفي مريم»

back to top