الأغلبية الصامتة: عمان... الوجه الثقافي

نشر في 09-03-2017
آخر تحديث 09-03-2017 | 00:13
 إبراهيم المليفي أعتبر أن كل زيارة لي لأحد معارض الكتب التي تقام خارج الكويت فرصة لاكتساب المزيد من المعلومات والخبرات في شتى المجالات، وأبسطها الحصول على كتب جديدة ليس من الممكن الوصول إليها إلا بالاقتراب من منابعها، فليست كل دور النشر قادرة على التحليق بإصداراتها خارج نطاقها المحلي، كما ليس كل المؤلفين حريصين على تحرير كتبهم من أسرها الورقي وإطلاقها في الفضاء الإلكتروني.

وبصفتي منسقا لمعرض الكتاب الصيفي في جمعية الخريجين، أجد في كل معرض كتاب فرصة حقيقية للتعلم أكثر في كيفية تنظيم المعارض والتعامل مع دور النشر، وتلبية أذواق الجمهور الجاد الباحث عن الثقافة الرصينة.

قبل أيام قليلة كنت حاضرا في معرض مسقط الدولي للكتاب بدعوة كريمة من وزارة الإعلام العمانية، وبحفاوة أخوية من وزير الإعلام الدكتور عبدالمنعم الحسني، في الحقيقة يعجز اللسان عن إضافة سطر جديد على ما يعرفه أهل الكويت عن طيبة ومحبة إخوتهم في سلطنة عمان للكويت وشعبها، ولكن كل ما أستطيع قوله أنني أزداد حبا وأستزيد أصحابا كلما زرت عمان، هذه المرة جددت لقاءاتي برجل عرفته قبل أكثر من عشر سنوات، وهو الإعلامي والسفير علي زعبنوت أبو هيثم، وبسببه تشرفت بمعرفة الأخوين الدكتور خالد الهنائي وعبدالعزيز الهنائي، ومع الثلاثة عشت تجربة ارتحال شيقة إلى حصن سمائل سأنشرها قريبا في مجلة العربي، كل ما أستطيع قوله عن تلك الرحلة هو أن الأخوين الهنائي عاشا طفولتهما في ذلك الحصن في كنف أبيهما والي سمائل قبل أكثر من نصف قرن، ورويا لي ذكرياتهما في كل شبر داخل ذلك الحصن.

أعود لمعرض مسقط الدولي للكتاب لأسجل أهم ما رأيته خلال يوم كامل بدأ منذ العاشرة صباحا حتى الساعة الثامنة مساء، تمركز فيه جناح دار الفراشة للتوقيع على كتابي الأخير "آسيا.. المائدة الباذخة" وتحركت في جولات مكوكية بين الحين والآخر للشراء والتفحص.

الملاحظة الأولى وهي شكلية تتعلق بطريقة تنظيم المعرض الذي جعلت كل الأجنحة فيه داخل قاعة واحدة ضخمة ضمت بين صفوفها مساحات لتنظيم الندوات والفعاليات، مع اهتمام واضح بالطفل الذي أفرد له فضاء لا يستهان به من مسرح ومناطق تعليمية وترفيهية، هذه التجربة لا تتناقض مع فكرة التقسيم وتوزيع معارض الكتب على قاعات متخصصة، ولكن ما عاينته بنفسي يعتبر تجربة جديدة في تحريك الزوار على الكثير من الأجنحة في حركة انسيابية تخلو من الاختناقات الطويلة.

الملاحظة الثانية وهي جوهرية وأعتبرها "حقيقة" كل معرض كتاب، وهي "الرقابة" التي أمقتها من قبل ومن بعد، فمن حيث المبدأ لم يزرع الرقباء عند المداخل لتفتيش خلق الله خشية دخول كتاب ممنوع كما يحصل عندنا، كما لم يوكل لشرطة المحتسب مهمة التدقيق على فواتير الشراء عند المخارج، وكأن فعل الشراء جريمة يجب التحقيق فيها، وبمعنى آخر كانت البوابات مشرعة والأمن لم يكن غائبا لكنه موجود من غير تطفل.

وفي السياق نفسه ذهبت لأغلب دور النشر المستهدفة من رقيب الكويت فوجدت أغلب المحظور معروضا في المقدمة، وبحثت عن الإبداع الكويتي الممنوع في بلده فلم يكن أقل توهجا أو تميزا على طاولات العرض.

في الختام لم يكن ليومي اليتيم في معرض مسقط أن يكتمل دون ألتقي بنخبة من الأصدقاء الأدباء والصحافيين، ومنهم محمد سيف الرحبي وعاصم الشيدي وحسن المطروشي وعائشة الدرمكية، كم كانوا رائعين بروعة عمان، وكم كانوا قريبين مثل عمان.

back to top