زبدة الهرج: «النعمة زوالة»

نشر في 04-03-2017
آخر تحديث 04-03-2017 | 00:07
 حمد الهزاع صحيح أن موضوعي الذي سأتحدث عنه قد أسهب الكلام فيه كثيراً من خلال القنوات الإعلامية المرئية والمسموعة والمقروءة، ولكننا نذكر لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

فدعونا نعد إلى الوراء ونتذكر سنين عجافاً قاحلة وقاتلة مرت بها الجزيرة قبل اكتشاف النفط، حيث الجوع الذي كان يفتك بالبشر فلا يرحم صغيراً ولا كبيراً، أينما يحل يهلك، ولَك أن تتخيل القصص والحكايات التي رواها من عاشها وتعايش معها بكل وقائعها ومآسيها، وكيف أن أطفالاً من عائلة واحدة ماتوا من الجوع واحداً تلو الآخر، والوالدان ليس لهما حول ولا قوة، سوى حثو التراب عليهم لدفنهم، وقصة أخرى كيف اضطر رجل أن يبيع ابنته إلى رجل آخر من أجل أن ينقذها من آفة الجوع وينقذ باقي أفراد أسرته ليعتاشوا بثمنها ويسدوا رمق الجوع ولو لفترة قصيرة من الزمن... قصص كثيرة تحتاج إلى مقالات لسردها.

وبعد أن اكتشف البترول بدول الخليج العربي وتدفق الخير من تحت الأرض وفوق الأرض، ظهرت ظاهرة الإسراف في العزائم والأعراس والحفلات، وأصبح التنافس على أشده في هذه العادة التي يبغضها الله سبحانه، حيث قال تعالى «إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا».

وقد ذهب البعض من الذين يتباهون بالكرم إلى أن يفرشوا الأرض من الولائم بما لذ وطاب، ويقولوا لضيوفهم: «اسمحوا لي على القصور «.

لا أحد ينكر أن الكرم من العادات والخصال الحسنة التي يتفاخر بها العرب، ولكن ليس كما نشاهده اليوم من فيديوهات مقززة يتفاخر أصحابها بالتبذير والإسراف، ومهما بلغ الإنسان من الكرم مبلغه فلن يصل إلى كرم الرسول، صَلى الله عليه وآله وسلم، وجوده، ومن بعده الصحابة، ومع ذلك لم يكونوا مفرطين في الجود وكانوا مقتصدين شاكرين لأنعم الله، وكانوا يجودون من قِلّة، لذا يجب على المسرفين أن يتقوا الله، ويتذكروا أن النعمة زوالة.

ثم أما بعد،،،

فإن الكرم لا يقتصر على كثرة الموائد والتباهي بها، لأن العفو عند المقدرة ومد يد العون إلى المحتاج واحترام الآخرين والتواضع... كل ذلك من الكرم.

back to top