الأغلبية الصامتة: في لحظة جهل

نشر في 09-02-2017
آخر تحديث 09-02-2017 | 00:09
يجب إلغاء كل القرارات التي شلت المجلس الوطني، وعودة قياداته إلى أعمالهم، كما نتمنى من سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك أن يتخذ قرارا فوريا بعودة تبعية المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب إلى وزارة الدولة لشؤون مجلس الوزراء لعله ينقذ ما يمكن إنقاذه من خيبات طالتنا في الثقافة.
 إبراهيم المليفي وجع الثقافة في الكويت وجع مزمن نابع من حالة التقهقر الواضح في مكانة تلك القوة الناعمة في عين السلطة التي يبدو أنها اكتفت بسلاح المال لتحقيق التأثير داخل دوائر اتخاذ القرار على المستوى الدولي.

عندما وقع الغزو اكتشف بعض المثقفين العرب أن مجلة "العربي" وسلاسل المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب تصدر من دولة عربية صغيرة اسمها الكويت، ذلك الشعور الخالص من الألم والتضامن مع الحق الكويتي لا يشترى بالمال لأن العقول التي خططت وأشرفت ونفذت عرفت أن الثقافة بلا سياسة أو أدلجة هي السبيل الوحيد لتكوين كتل تأييد صلبة تحب الكويت لأنها– مفيدة– لهم ولأبنائهم بلا تكلف أو توجيه.

قبل أيام قليلة اهتزت أركان المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بعد إيقاف ثلاثة من قياديي المجلس عن العمل لمدة ثلاثة أشهر، على رأسهم الأمين العام الصديق علي اليوحة ومعه كل من الأستاذين محمد العسعوسي وبدر الدويش، ذلك الاهتزاز لم يكن سوى مثال جديد لحقيقة أن الثقافة والمؤسسة الوطنية التي تتحمل العبء الأكبر في رعاية الإبداع من الممكن أن تسحق في لحظة جهل أو وشاية أو سوء تقدير.

بالأمس كانت أجهزة المجلس الوطني والكثير من المؤسسات ذات الطابع الفني أرضاً مستباحة لسياسة المحاصصات والترضيات السياسية، وقبل كل ذلك بزمن بدأت سلسلة الانهيار عندما قرر أحد الوزراء منتصف الثمانينيات– في لحظة جهل أو وشاية أو سوء تقدير– نقل تبعية المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب من وزارة الدولة لشؤون مجلس الوزراء إلى وزارة الإعلام لتكون تحت وصاية الخطاب الإعلامي الجامد ورحمة أمزجة السياسيين المتقلبة.

الثقافة والسياسة لا تجتمعان تحت قيادة من لا يعرف طبيعة القوة الناعمة للثقافة وأهمية البيئة المرنة التي تعمل فيها، وسعتها الكبيرة لاستيعاب الكثير من الأفكار والتيارات، ذلك الكلام لم يعد له أهمية تذكر منذ أن ترك أحد رواد النهضة الكويتية الأستاذ عبدالعزيز حسين منصبه الكبير كوزير دولة ومحامي دفاع بارع عن المجلس وقياداته ونشاطاته، وعندما حاول من ساروا على نهجه إكمال الطريق تم تخفيض رتبة المجلس إلى وزارة الرأي الرسمي.

نعم هناك اجتهادات وجهود للمجلس الوطني قبل حقبة الثمانينيات وبعدها، ولكن في أول اختبار منتصف التسعينيات تمت التضحية بالأمين العام الدكتور سليمان العسكري بعد استجواب الكتب الممنوعة بالرغم من أن صلاحية المنع والإجازة هي حق حصري لوزارة الإعلام!! ألم أقل إن وجع الثقافة في الكويت وجع مزمن؟!

إنني لست من الذين يبالغون أو يحبون المبالغة، وما وقع للصديق علي اليوحه وزميليه هو إيقاف عن العمل لا إقالة كما روج البعض، والتضامن معهم أمر مشروع ومطلوب من كل منصف، ولعل الشيء الوحيد الذي يبعث على الفخر هو أن أسباب الإيقاف لم تتضمن أي تجاوزات مالية، الشيء الذي حزنت عليه بالفعل هو الطريقة التي "شُلّ" فيها المجلس الوطني من الناحية الإدارية، وكأنه مؤسسة صغيرة يستطيع شخص واحد تحمل أعباء أربعة مناصب، منصبه الأصلي ومناصب من أوقفوا عن العمل.

في الختام علينا أن ننظر إلى المستقبل ونترك ما حصل خلف ظهورنا، والبداية تكون بإلغاء كل القرارات التي شلت المجلس الوطني، وعودة قياداته إلى أعمالهم، كما نتمنى من سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك- ونعلم أنه لن يستمع- أن يتخذ قرارا فوريا بعودة تبعية المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب إلى وزارة الدولة لشؤون مجلس الوزراء لعله ينقذ ما يمكن إنقاذه من خيبات طالتنا في الثقافة، وحتى نذكره بالخير كلما أتت الفرصة.

back to top