الأسبرين يومياً... متى تفوق فوائده مخاطره؟

نشر في 06-02-2017
آخر تحديث 06-02-2017 | 00:00
No Image Caption
تساهم حبة أسبرين يومية في محاربة مرض القلب، ولكن من الضروري استعمالها بحذر. هنا بعض النصائح في هذا المجال، خذها بعين الاعتبار.
يشكّل الأسبرين جزءاً لا يتجزأ من خزانة الأدوية في المنزل أو عدة الإسعافات الأولية منذ نحو مئة سنة. قبل ذلك بوقت طويل، اعتاد الناس مضغ لحاء الأشجار لمعالجة شتى العلل لأنه يحتوي على مركبات شبيهة بالأسبرين.

ولكن إلى جانب فاعلية الأسبرين العالية في تسكين الألم وخفض الحمى عند تناوله بجرعاته المعتادة، يساهم هذا الدواء بشدة في الحدّ من خطر التعرّض لنوبة قلبية ثانية وبعض أنواع السكتة الدماغية عند أخذه يومياً بجرعة منخفضة (81 مليغراماً).

تُظهر البحوث أيضاً أن الأسبرين يساهم في إبطاء نمو سرطان القولون ويعيق على الأرجح أنواعاً أخرى من السرطان، مع أن الدراسات في هذا المجال ليست حاسمة.

هذه الفوائد، فضلاً عن واقع أن الأسبرين قليل الكلفة وآمن نسبياً، دفعت فريق عمل الخدمات الوقائية الأميركي إلى نصح بعض الأصحاء بتناول الأسبرين يومياً بهدف تفادي الأمراض في المستقبل. لكن تحديد مَن يجني أكبر فوائد من هذا العلاج يتطلّب حسابات أكثر تعقيداً مما نظنّ، وفق الدكتور مايكل غازيانو، بروفسور متخصص في الطب في كلية الطب في جامعة هارفارد وطبيب قلب في مستشفىBrigham and Women‘s.

إن ظننت أنك تعاني نوبة قلبية، ينصحك الأطباء بمضغ الأسبرين. يؤدي مضغ هذه الحبة إلى دخول مواد كيماوية مضادة للتخثر إلى مجرى الدم بسرعة أكبر مما إذا ابتلعتها. أما إذا لم تتوافر لديك حبوب أسبرين من عيار 325 مليغراماً، فتناول أربع حبوب من عيار 81 مليغراماً. وإذا لم تقدم على هذه الخطوة، يعطيك فريق الخدمات الطبية الطارئة حبة من الأسبرين وأنت في طريقك إلى المستشفى أو في غرفة الطوارئ.

سرّ نجاحه

صُنّف الأسبرين بادئ الأمر في فئة الأدوية المضادة للالتهاب غير الستيرويدية. تعيق هذه المواد إنزيمات أساسية تسبب الالتهاب وتشكّل جلطات دموية. ولأن عدداً كبيراً من السكتات الدماغية والنوبات القلبية يحدث عندما تعيق جلطة تدفق الدم في وعاء دموي يغذي القلب أو الدماغ، فإن عرقلة عملية تشكّل الجلطات تساهم في الحد من هذا الخطر. فضلاً عن ذلك، تساعد تأثيرات الأسبرين المضادة للالتهاب على الأرجح المرضى في محاربة السرطان، مع أن هذا الأمر ما زال غير مثبت حتى اليوم.

في المقابل، يطيل الأسبرين، نظراً إلى قدرته المضادة للتخثر، الوقت الضروري لتخثّر الدم بعد التعرّض لجرح أو إصابة.

صحيح أن التأثيرات الناجمة عن ذلك تُعتبر بسيطة (مثل كدمات أكثر بروزاً)، إلا أن المضاعفات الخطيرة، مثل النزف الداخلي وخصوصاً في الدماغ، قد تكون مميتة. بالإضافة إلى ذلك، يؤدي الأسبرين إلى تهيج بطانة المعدة. نتيجة لذلك، يشكّل النزف في الجهاز الهضمي أحد أبرز المخاطر التي يواجهها مَن يتناولون الأسبرين بانتظام.

هنا تبرز أهمية عملية اتخاذ القرار السريرية. عندما تعاني نوبة قلبية أو سكتة دماغية، تفوق فوائد الأسبرين كعلاج يحد من احتمال تكرار هذه المشكلة مخاطر الإصابة بنزف خطير بمعدل ستة إلى واحد. يوضح الدكتور غازيانو: «أظنّ أن معظم مَن يعانون النزف بسبب الأسبرين لا يموتون. لكن كثيرين ممن يصابون بنوبة قلبية أو سكتة دماغية يموتون. لذلك يُعتبر الخيار واضحاً».

نقطة تحوّل

لكن القرار يزداد صعوبة في حالة مَن لا يواجهون تاريخاً طويلاً مع مرض القلب. في هذه الحالة، لا تميل كفة تناول الأسبرين يومياً إلا عندما يبلغ خطر التعرض لنوبة قلبية أو سكتة دماغية خلال السنوات العشر المقبلة %10 أو أكثر.

لتبسيط عملية اتخاذ هذا القرار، ركّز فريق عمل الخدمات الوقائية الأميركي على السن، التي تشكّل عاملاً محدِّداً بارزاً في المخاطر القلبية الوعائية والسرطان على حد سواء.

تشير تحليلات الفريق إلى أن جرعة يومية منخفضة من الأسبرين تحمي من الأمراض القلبية الوعائية وسرطان القولون على حد سواء من دون التسبب بنزف لا مبرِّر له في حالة مَن تتراوح أعمارهم بين 50 و59 سنة. ولكن لما كان خطر النزف يرتفع مع التقدم في السن، فإن الفوائد الواضحة التي يجنيها مَن تتراوح أعمارهم بين 60 و69 سنة تتراجع.

إلا أن البعض قد يقرر تناول الأسبرين وفق حالته الفردية. أما في حالة مَن لا ينتمون إلى هاتين الفئتين العمريتين، فكانت الأدلة أضعف من أن تتيح للباحثين التوصّل إلى خلاصات شاملة.

ما الملائم لحالتك؟

صحيح أن خطر التعرّض لنزف مفرط عند تناول جرعة منخفضة من الأسبرين يُعتبر أمراً محدوداً عموماً، ولكن من الضروري عدم تجاهله، حسبما يحذر الدكتور غازيانو.

على مَن يتناولون أدوية أخرى تحدّ من الجلطات الدموية تفادي أخذ الأسبرين. وينطبق الأمر عينه على مَن عانوا حديثاً نزفاً في الجهاز الهضمي أو مَن يستعدون للخضوع لجراحة كبيرة. ولا بد من الإشارة في هذا الصدد إلى أن إدارة الأغذية والأدوية الأميركية لا تؤيد تناول الأصحاء جرعة يومية من الأسبرين، عازية قرارها إلى مخاطر النزف غير المضبوط. لذلك ينصح الدكتور غازيانو: «يجب أن تنطلق في قرارك من مناقشة عميقة ومفصلة مع طبيبك».

تطبيق توجيهات الأسبرين

طوّر باحثون في مستشفى Brigham and Women›s تطبيقاً مجانياً لأجهزة آبل الجوالة (متوافر على iTunes) يساهم في توجيه قرار تناول الأسبرين يومياً لتفادي الأمراض. يُدعى التطبيق Aspirin Guide، ويحتسب مخاطر الاضطرابات القلبية الوعائية والنزف التي يواجهها الشخص. تُضاف هذه المعلومات بعد ذلك إلى بيانات عن السن، الجنس، والتفضيلات الشخصية بغية تحديد ما إن كان الشخص مرشحاً جيداً للعلاج بالأسبرين. لا تستغرق عملية التقييم هذه سوى ثوانٍ ومن الممكن إجراؤها خلال زيارة روتينية لعيادة الطبيب. كذلك يرسل التطبيقُ خلاصة عن عملية اتخاذ القرار هذه إليك مباشرة بالبريد الإلكتروني وتُدرج في سجلك الطبي.

back to top