لا بديل عن قيادة الولايات المتحدة للعالم الحر

نشر في 03-02-2017
آخر تحديث 03-02-2017 | 00:12
 الغارديان لطالما كررت مارغريت تاتشر، التي أتت تيريزا ماي إلى ذكرها مراراً عشية لقائها ترامب: "ما من بديل" (اعتادت اختصار هذه العبارة بالإنكليزية بكلمة "تينا"). صحيح أن ماي لم تستخدم هذه الكلمات قبل أيام، ولكن ربما كان عليها ذلك لأنها شكّلت الدافع وراء رسالتها.

يقوم التجسيد الجديد لهذه العبارة على واقع قاسٍ بأنه ما من بديل أمام حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا وغيرها من المناطق غير الاعتماد على القيادة الأميركية، إذا أرادوا للنظام العالمي المرتكز على قواعد أن يستمر.

لا نملك بين أيدينا ما يمكنه استبدال أو محاكاة الدور الأميركية في ترسيخ الأسس الرئيسة التي قامت عليها العلاقات الدولية بعد عام 1945، باستثناء الفراغ الذي سيُملأ بالمزيد من الفوضى والاضطرابات التي نواجهها اليوم. صحيح أن ترامب مختلف بكل عيوبه ومزاياه، ولكن إذا أدارت الولايات المتحدة ظهرها بالكامل لمبادئ الوحدة الغربية، فسينشأ عالم "هوبزي" لا ضوابط فيه، وهكذا يخسر الجميع.

أعلنت ماي أن الدفاع عن الأصدقاء والحلفاء في "المناطق الصعبة" يشمل حماية دول البلطيق بقدر إسرائيل. وأكّدت أن حركة التدخل لتغيير الأمم صارت جزءاً من الماضي، "إلا أننا لا نستطيع الوقوف مكتوفي الأيدي ونحن نواجه مخاطر حقيقية".

أخيراً، شددت ماي على أن انسحاب الولايات المتحدة من التزاماتها الأساسية يسمح للقوى المعادية والمثيرة للجدل بجني الفوائد: "عندما يتقدّم آخرون بينما نتراجع نحن، يصبح الوضع سيئاً بالنسبة إلى الولايات المتحدة، وبريطانيا، بل معظم دول العالم". ويشمل مَن قد يحققون المكاسب روسيا، والصين، وإيران، التي ستنشر "نفوذها الخبيث".

في أعقاب انتخاب ترامب، كثر الحديث بين بعض القادة الأوروبيين عن بناء استقلال القارة الإستراتيجي، لكن الوقائع تُظهر أنه ما من استقلال مماثل في مجال القدرات الدفاعية، وعندما أعلنت ميركل قبل أسبوع من تسلُّم ترامب منصبه أنه "ما من ضمانات" على أن الولايات المتحدة ستهب دوماً لحماية أوروبا، كانت تدق ناقوس الخطر لا تقدّم حلاً عملياً.

نستثني من ذلك اختبارين قريبين، يرتبط الأول بالعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على روسيا بسبب سلوكها في أوكرانيا.

أما الثاني، فيرتبط بإيران، حيث إن للأوروبيين مصالح كثيرة تدفعهم إلى الحرص على أن تصمد الصفقة النووية، ولا يعود ذلك إلى مجرد مشاركتهم في المفاوضات التي أفضت إليها، لكن ذلك لا يعني أنهم لا يرحبون بممارسة الولايات المتحدة ضغوطاً جديدة على إيران سبق أن تحدث عنها ترامب.

يرجع هذا الترحيب إلى التغلغل العسكري الإيراني العميق في الحرب الأهلية السورية، وهو ما يعزز الأصولية والجهاد السنيين ولا يحد منهما، وبما أن أوروبا تقع على عتبة معمعة الشرق الأوسط هذه، كان لكل هذا الإرهاب وحركات اللجوء تأثير حاد فيها.

نظراً إلى كل هذه الوقائع، وفي ظل غياب البديل، تنشأ معادلة محتملة قد يتوصل معها ترامب، وأوروبا، وروسيا إلى قاسم مشترك، ربما "صفقة" لا تحطم الوحدة عبر الأطلسي، وفي هذه الحال نكون واهمين إن ظننا أن ترامب سيغوص في مناورات جيو- سياسية معقدة، صحيح أن العواصم الأوروبية ما زالت تخشاه، لكنها لاحظت أيضاً أنه وعد في خطاب تسلمه منصبه "بتعزيز التحالفات القديمة"، فضلاً عن سعيه إلى إقامة "تحالفات جديدة".

قد يكتشف ترامب أن التوصل إلى تحالفات جديدة صعب، وأن للتحالفات "القديمة" مزايا عدة، وقد يدرك في الواقع وعلى الأرض، وإن لم يقر بذلك علانية، أنه هو أيضاً يفتقر إلى البديل، ولا شك في أن هذا يحمل بعض الأمل.

ناتالي نوغايريد *

* (الغارديان)

إذا أدارت الولايات المتحدة ظهرها إلى مبادئ الوحدة الغربية فسينشأ عالم لا ضوابط فيه وهكذا يخسر الجميع
back to top