حروب للهيمنة على النفط والطاقة (3-3)

نشر في 08-05-2016
آخر تحديث 08-05-2016 | 00:00
 عبدالله خلف نستكمل موضوع «حروب للهيمنة على النفط والطاقة» في الجزء الثالث، في قراءة لكتاب «إمبراطور كل الأرض أو خفايا النظام العالمي الجديد» للمؤلف ف بي. كرلوف، ونركز في الحلقة الأخيرة على المرحلة التي أعقبت تفكيك الاتحاد السوفيتي في 21/12/1991 من قبل المخابرات الغربية، حيث بدأت عملية انتقالية طويلة لتحديد تناسب القوى العالمية وقدرتها بعد هذا التغيير، وأخذت الولايات المتحدة الأميركية باستخدام تكتيكات جديدة ضد منافسيها وأعدائها وإشعال الحروب الإثنية في البلقان وأوروبا الشرقية، ثم إشعال الاضطراب في الدولة النفطية العربية الأولى... العراق الدولة الغنية التي مازالت ترزح تحت رادء الفقر. وبعد تغيير الاتحاد السوفيتي جاء الدور لزعزعة استقرار الصين ومساعدة الحركات الانفصالية في مقاطعات: سنزياد، وأوغورسك، وتايبيه وغيرها.

لكن المفاجأة التي لم تدر في خلد المخططين أن السيناريو المعد فشل في محاولة تدمير وتفكيك الصين، وكانت المخابرات الأميركية تهدف إلى أن تكون صاحبة القطب الأوحد في العالم.

صحيح أن المحاولات الأولى فشلت في الصين، لكن الرغبة الأميركية لم تمت، ومن خلال محاولة جديدة حركت المخابرات الأميركية ساحة (تيان آن من) في بكين، كما حركت من قبل الساحة الحمراء في موسكو سنه 1995، لأنها ترى أن اللعبة المدمرة الأكثر نفاذاً هي ضعضعة الاقتصاد العالمي في الاتحاد الأوروبي والصين ليكون الاقتصاد الأميركي هو اللاعب الأقوى والمهيمن. من أهم حروب التغيير التدميرية النفط، المتحكم بالمال، دارت الحرب الاقتصادية بين الغرب والصين، ومحور الغرب أميركا.

في الفصل الثاني من كتاب «إمبراطور كل الأرض، خفايا النظام العالمي الجديد»، وفي صفحة 230، جاء أن الحرب قد امتدت إلى عمليات تجارية عالمية في فترت العقد الأخير من القرن العشرين، والأول من الألفية الثالثة، القرن الـ21، وحمت دول أوروبا نفسها باتحادات مالية في نظام العولمة لوقف الابتزاز الأميركي والضغط علي الأسواق العالمية، أما التنّين الصيني فقد قام خلال عقدين من الزمن بغزو الأسواق العالمية وبالمنافسة الهادئة، حتى ارتفع ميزان التبادل التجاري مع أميركا ودول الغرب من خلال البضاعة الرخيصة وبدائل الأسعار لتُريح الشعوب. وكان الحل لإنقاذ الأسواق الأوروبية من الانهيار لغلاء عملاتها أن أخذت دول أوروبية بنقل صناعتها ذات الجودة والخبرة إلى تايوان واليابان وسنغافورة وقطاعات صينية، وللصين بدائل لا يشتكى منها غلاء الأسعار.. وقامت الصين بإنشاء سوق مشتركة لجنوب وشرق آسيا.

تستغل أميركا في استراتيجيتها الهادفة إلى تدمير مصادر الطاقة منع قيام قوى اقتصادية منافسة لها عالميا من خلال تدمير مصادر الطاقة التي تعتمد عليها بإثارة دولها بإشعال القبلية والطائفية والمذهبية كما حدث ذلك في العراق وسورية وليبيا. سورية كانت مكتفية بزراعتها للقمح والحبوب، وهي الوحيدة من الدول في الشرق الأوسط التي لم تتغذ على القمح الأميركي، ولم تأخذ قروضاً فسلطت عليها «القاعدة» وفروعه. وشعوب الدول العربية تتحارب، عرب يحاربون عرباً وإسلاميّون يحاربون إسلاميين، نقلت أميركا «القاعدة» وفرعيه «داعش»، و»النُّصرة» إلى السودان واليمن والعراق وسورية والجزائر وليبيا دون إذن حكوماتها، وتقوم تركيا بأعمال لوجستية لإدخال الإرهاب إلى الدول المحيطة بها خاصة سورية والعراق. وهناك من يدخلهم إلى الجزائر وليبيا. إنها حروب متنوعة، حروب هدفها الهيمنة على النفط والطاقة وحروب أخرى من أجل الغذاء والمال.

back to top