6/6 : تحكي الجابرية

نشر في 27-01-2017
آخر تحديث 27-01-2017 | 00:20
 يوسف الجاسم نذكر جميعاً ما حدث في ٥ أبريل 1988، حيث من الأجواء العمانية، وبتدبير وتخطيط من عماد مغنية تم اختطاف الطائرة الكويتية الجامبو (الجابرية) في رحلتها رقم 422 القادمة من بانكوك إلى الكويت، لتبدأ معها مأساة إنسانية استمرت 11 يوماً متواصلة، انحبست خلالها أنفاس أهل الكويت، وقُضّت مضاجعهم، واختلطت لديهم مشاعر العزة الوطنية بآلام ومآسي الركاب المختطفين، في أطول عملية قرصنة جوية في تاريخ الطيران، والتي تخللها واحد من أشد مشاهد العنف وحشية، حين أعدم الخاطفون داخل الطائرة، وبدم بارد، الشابين الكويتيين خالد الأيوب وعبدالله الخالدي، وألقوا بجثتيهما من علو باب الطائرة المرتفع 12 مترا على أسفلت مطار لارنكا القبرصي، قبل المغادرة إلى مطار الجزائر، حيث استؤنفت أقبح يوميات الاختطاف، ولكنها ألهبت مشاعر الكويت بقيادة أمير القلوب الشيخ جابر الأحمد، طيب الله ثراه، وجميع أهل الديرة وهم يصطفون خلف أميرهم، حين أعلن كرمز للوطن أن لا استجابة لمطالب الخاطفين على حساب كرامة وعزة الكويت وأهلها، فكان له ما أراد وانسحب الخاطفون صاغرين وتم إطلاق سراح 111 رهينة في مطار هواري بو مدين، في الجزائر، فسطرت الكويت الصغيرة بحجمها، الكبيرة بكرامتها، مثالاً شامخاً أمام العالم بعدم الخضوع للابتزاز.

اليوم نحن نعيش حالة مختلفة من الاختطاف والقرصنة، ولكنها أرضية هذه المرة، وعلى يد "الفيفا" واللجنة الأولمبية الدولية، من خلال قرارات الإيقاف والتجميد، وربما الشطب مستقبلاً، ضد الرياضة الكويتية، متخذين من رياضيي الكويت إناثاً وذكوراً، ومن علم الكويت، رهائن لجورهما ومحاولاتهما فرض إملاءات غير منطقية على السلطات الشرعية التي أقسمت على "الإخلاص للوطن وللأمير، واحترام الدستور وقوانين الدولة، والذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله"، وهي إملاءات بلغت حداً يماثل أوامر خاطفي الطائرات (نفذ ثم فاوض)، مقابل رفع المنع والحظر عن المشاركات الدولية الرياضية، هذا على الرغم من رجاء الكويت لهم بالإمهال لتحقيق ما يريدونه من تعديلات على القوانين الرياضية!

إن تراجع الحكومة والمجلس عن خريطة الطريق الموضوعية لمعالجة الأزمة الرياضية، والانصياع لقرصنة المنظمات الدولية أو الخضوع لأساليبها المتعالية سوف يعني التنازل عن تراثنا في الكبرياء الوطني، كما أن الاحترام سينصرف عن القسم الدستوري للسلطات إلى الإذعان للأوامر غير المنصفة التي تصدرها تلك المنظمات، وهذا ليس بالأمر الهيّن على كرامة الدولة مهما كان الثمن!

إننا نتمنى على شبابنا الرياضي، وهو "الضحية" في نهاية المطاف، أن يتحمل ما يصيبه من آلام وآثار في سبيل مكانة وطنه، لأن تنازلات اليوم ستلد تنازلات أخرى قادمة تنال دون شك من سيادة الكويت على شؤونها، ولا أظن أن ذلك سيحدث في دولة انتزعت شرعيتها بكرامتها، وردد شعبها، ولا يزال، أنشودة "أنا عن موقفي تحكي الجابرية" التي صاغها الشهيد الشيخ فهد الأحمد، في رائعته الوطنية "أنا كويتي أنا"، تأسياً بدروس العزة بعد الاختطاف.

أخيراً:

أعلم أن مقالتي اليوم تنطوي على جرعة عاطفية، ربما تكون زائدة، ولكني وبالرغم من بعدي عن اصطفافات الأزمة الرياضية، فإن انحيازي لكرامة وطني تدفعني لمثل ما كتبت.

back to top