نسوك

نشر في 27-01-2017
آخر تحديث 27-01-2017 | 00:18
 دانة الراشد ما أجمل أن يختفي المرء يوماً ليغوص في أعماق نفسه، تاركاً وراءه كل قيود المجتمع والتزاماته والعمل والعائلة لبرهة ليصفو مع ذاته، سكون تام وصمت جميل تستفرد به مع ذاتك وما تحب، فلا بأس عليك أن تكون «أنانياً» أحياناً!

عزلة ناسكة قد يرافقك فيها نور كتاب أو خربشات على ورق مذكرتك المفضلة، أو لا شيء إطلاقاً! لا بأس ببعض من «اللاشيء» أيضاً، فحتى الشمس تحتاج أن تغيب كي تشرق من جديد وليشتاق القمر إليها، فالتجدد سنّة الحياة، وثنائية الحركة والسكون ناقوسها.

مساكين نحن! محاطون بالتوقعات والأصوات والصخب من كل صوب، بأمس الحاجة لإغلاق المذياع والهاتف والتلفاز رغبة في التواصل الحقيقي مع الذات.

أعصابنا مشدودة على الدوام ونطالب أنفسنا بأعلى أداء على مدار الساعة، نخوض في سباق الدنيا ومتطلباتها الأرضية اللانهائية من صغائر الأمور دون توقف، فنحن نعشق الجري وإنهاك أنفسنا وننسى إعادة شحن قلوبنا، فتثقل أرواحنا التي تاقت للسباحة في فضاء الحرية.

نم كثيراً ولو لليلة، أو اجلس دون الحاجة لعمل شيء وإن كان ليوم واحد، اسمح لنفسك بالعيش ببطء والاسترخاء دون الشعور بالذنب، واستمع لنفسك في ذلك الهدوء واسأل: ما رغباتك الحقيقية؟ وما الذي تحبه وتريده فعلاً؟

وقفة في حضرة البحر قد تمتص همومك وتطرد سمومك كما يمتص الفحم الكريه الروائح، فالجلوس في حديقة أو مقهى دون الخوف من الوحدة، بل ألفتها ومصادقتها، قد يكون علاجياً. اجعل غرفتك صومعتك وملاذك بعيداً عن «الزحمة» ورنين الهاتف المزعج والصخب، وكل ما من شأنه أن يجلب لك التوتر، فهناك في ذلك السكون، تنمو الأفكار النيرة وتولد الإبداعات الخالدة، دع الورق يحتضنك، واشرح صدرك على صفحاته.

وفي النهاية دع شمسك تشرق بطاقة منعشة متجددة وعلى استعداد لاستقبال الحياة اليومية من جديد، وبمنظور مختلف.

نحتاج أحياناً أن نفصل التيار تماماً والسماح لأنفسنا ببساطة... أن نكون!

back to top