هل تخزين النفط في الخارج مُجدٍ بعد اتفاق تخفيض الإنتاج؟
• السمحان: لا يعد خرقاً لأن الاتفاق غير ملزم ولا توجد عقوبات
• العوضي: نشاط التخزين خلال 2017 لن يكون مجدياً وله مخاطر عالية
يرى المهتمون بصناعة النفط أن تخزين الدول المنتجة للنفط في الخارج يلعب دورا مهما في الصناعة النفطية وتجارتها العالمية، ويعد أداة مؤثرة لتحقيق الارباح وتقليل الخسائر المتوقعة، خاصة عندما تكون أوضاع الاسواق غير مستقرة، مستشهدين على ذلك باستخدام أميركا احيانا مخزونها SPR، وضخ كميات الى السوق للحد من ارتفاع الاسعار، لكن ماذا يعني تخزين النفط بعد اتفاق "اوبك" بتخفيض الانتاج؟ وما الذي يدفع الدول لاتخاذ هذه الخطوة؟بداية، قال الباحث في اقتصادات الطاقة مشعل السمحان إنه لا علاقة بين الاتفاق الجديد لـ"اوبك" وتخزين النفط، وفي حال أرادت الدول أن تلتف على الاتفاق، من خلال تخزين النفط في الخارج، فما حاجتها الى الالتفاف بشكل كبير، ومن مصلحة الدول الالتزام حتى تستقر اسعار النفط، كما ان الاتفاق غير ملزم، ولا توجد عقوبات على من يخترقه.
توترات دولية
وأضاف السمحان أن تصاعد التوترات الدولية يمكن أن يمثل دافعا لدراسة خطط زيادة المخزونات من النفط في الخارج، والتي تعد وقائية لضمان استمرار إمدادات النفط إذا أغلقت الطريق للتصدير، لافتا الى انه في حال وجود امدادات جديدة فقد تدفع إلى الإسراع بخطى التخزين، لحماية حصص تلك البلدان، ويمكن ان تكون خطط بناء مصاف جديدة دافعا لإقامة مستودعات تخزين في الاسواق.وذكر ان مستودعات تخزين النفط تشهد إقبالا كبيرا في أماكن متفرقة من العالم، وتخزين النفط قريبا من الموانئ ومناطق توزيع النفط الرئيسة يتيح للشركات الاحتفاظ بكميات كبيرة فترة أطول، إلى أن ترتفع الأسعار.وعن الأسباب والظروف التي تشجع على التخزين، بين ان البلدان المنتجة تقيم كل الفرص في السوق، وتختار من الاستراتيجيات ما يتماشى مع دعم عملياتها بصورة تجارية، وفق الاستراتيجية العامة للمؤسسة.وأشار الى أن التحرك باتجاه تعزيز طاقة تخزين الخام في خزانات برية أو ناقلات يأتي في إطار استراتيجية تعزيز المركز التجاري مع الزبائن في الأسواق، وتأكيد الوجود في الأسواق الواعدة، وتأمين النفط في حال نقص المعروض العالمي وتوسيع الصادرات النفطية إلى تلك الاسواق.تعظيم العوائد المالية
من جهته، ذكر الخبير المتخصص في تكرير وتسويق النفط عبدالحميد العوضي أن نشاط تخزين النفط الخام أو المشتقات البترولية حول العالم يعتبر إحدى أدوات التجارة النفطية، ويهدف الى تعظيم العوائد المالية اذا احسن استغلالها، إضافة الى تحقيق بعض الاهداف الاستراتيجية ذات المدى القصير.واوضح العوضي ان تخزين النفط يعتمد بالدرجة الاولى على قراءات مستقبلية ودقيقة حول عناصر العرض والطلب واتجاهات أسعار النفط الخام وأسعار المشتقات البترولية في اسواق النفط الرئيسية، سواء نحو الارتفاع أو النزول، مع الاخذ في الاعتبار اتجاهات أسعار الشحن والاستفادة من الفرص الموسمية المرتقبة، ومدى الاستفادة من اختلاف الاسعار بين الاسواق الرئيسية، مثل السوق الاوروبي في امستردام واسواق آسيا في سنغافورة واليابان، وسوق الشرق الاوسط في الفجيرة وسوق اميركا في خليج المكسيك، وبالطبع اسعار التخزين والمدد الزمنية المثلى للتخزين، كل هذه العوامل ان درست بعناية فستحقق بكل تأكيد الربحية وزيادة الايرادات النفطية.واشار الى ان من استخدم وسيلة التخزين خلال الفترة الزمنية السابقة، التي بدأت فيها اسعار النفط بالتدهور والهبوط منذ منتصف عام 2014، حيث عانت اسواق النفط تخمة وفائضا كبيرا من كميات النفط، تعرض لمخاطر عالية وخسائر كبيرة بسبب انخفاض الأسعار المستمر.وعود طوعية
وذكر العوضي انه بعد التوصل الى اتفاق بين الدول المصدرة للنفط من أعضاء منظمة أوبك، وعددها 13 دولة، بعد خروج إندونيسيا لعدم قدرتها على الإيفاء بالاتفاق لخفض إنتاج الأعضاء بمقدار 1.2 مليون برميل يوميا، إضافة الى وعود طوعية من دول منتجة للنفط من خارج المنظمة، وعددها 11 دولة، وعلى رأسها روسيا لخفض إنتاجها بمقدار 600 الف برميل يوميا، على أن يبدأ التنفيذ أول يناير الجاري، لكن بعد مضي أكثر من 23 يوما وعلى عكس التوقعات، مازالت أسعار النفط تتذبذب وغير مستقرة، وقد تستمر هذه الحالة لفترة طويلة خلال مدة الاتفاق من قبل هذه الدول، وهو طوعي وغير ملزم، كما ان بينها دولا تعاني ركودا اقتصاديا، مثل السودان وجنوب السودان والمكسيك، لن تستطيع الوفاء بما تطوعت به من خفض لانتاجها من النفط.واضاف ان هناك عاملا آخر قد لا يشجع على عمليات التخزين للنفط في الوقت الحالي، وهو ان كثيرا من الدول المستهلكة للنفط الكبرى بنت لنفسها مخزونا كبيرا من النفط، مستفيدة من هبوط الأسعار خلال الفترة السابقة، مثل الصين والهند وكوريا الجنوبية واليابان.وأشار إلى أن هناك عاملا ثالثا مؤثرا سلبيا على نشاط التخزين، وهو توقعات ارتفاع انتاج النفط الصخري الاميركي والنفط التقليدي في اميركا، بعد تولي دونالد ترامب منصب الرئاسة، وتصميمه على جعل اميركا الاولى في العالم، وتحقيق الاستقلالية التامة من استيراد النفط من الخارج خلال 5 سنوات، "ومن كل هذه العوامل التي سبق ذكرها نستطيع القول ان نشاط التخزين للنفط خلال العام الحالي لن يكون مجديا اقتصاديا وله مخاطر عالية تؤدي الى خسائر كبيرة".