دولة الجهراء المستقلة

نشر في 03-04-2009
آخر تحديث 03-04-2009 | 00:00
 فالح ماجد المطيري بعد ظهور نتائج الانتخابات الماضية وفق تقسيمة الدوائر الخمس، واختيار ناخبي الجهراء لممثليهم في البرلمان وفق قناعاتهم التي يؤمنون بها، وتوجيههم صفعة قوية لنواب الإسلام السياسي ونواب الاستسلام الحكومي, ظهر في ذلك الوقت شعار متخلف أطلقه المتضررون من نتائج الانتخابات بقولهم «الجهراء وخذت», ومن يسمع بهذا الشعار يعتقد أن الجهراء تعرضت لغزو أو أنها أصبحت دائرة انتخابية بمجلس النواب العراقي! بينما وبكل بساطة أن الجهراء أصبحت ضمن الدائرة الرابعة ويمثلها 10 أعضاء, ودستوريا يمثلها 50 عضوا وفق التعريف الدستوري لعضو مجلس الأمة, الذي يمثل «الأمة» ولا يمثل دائرته فقط.

والآن ومع بداية الاستعداد للانتخابات المقبلة بدأ هذا الشعار يعود من جديد مغلفا بنزعة قبلية نتنة، تحاول تصوير أبناء الجهراء بمجملهم وكأنهم يعيشون بمضارب قبلية متخلفة لا يعلو فيها صوت فوق صوت القبيلة, أو على أحسن حال محاولة عزل الجهراء بعقلية مناطقية ضيقة, وهذا الشعار المتخلف يروجه الآن ويسوّق له عدد من المرشحين والنواب السابقين الذين لفظهم أبناء الجهراء عندما اتسعت الدائرة وتعددت الاختيارات الانتخابية بعدد أكبر من المرشحين.

ولعلم هؤلاء المرشحين بأنهم عاجزون عن تقديم برنامج انتخابي وفق الأجندة الوطنية وعدم قدرتهم على إقناع الناخبين بهم كممثلين لهم في البرلمان القادم، أصبحوا يركزون على الطرح القبلي وفق جغرافيا الاتجاهات، بمحاولة زرع الانقسام بين أبناء الجهراء بتقسيمهم إلى قبائل شمال وجنوب! والبحث عن تحالفات تذكرنا بتحالفات القبائل في زمن الجاهلية, طرح متخلف يتنافض مع الأسف مع أبسط معاني المواطنة والانتماء إلى الكويت التي تجمعنا كلنا تحت سمائها.

والغريب أن من يتبجح بهذا الكلام يسعى إلى أن يكون ممثلا «للأمة» في حال نجاحه, ولا أدري كيف سيمثل الأمة من مازالت تتحكم به جغرافيا الاتجاهات، ومن مازال ينظر بكل حنين إلى الاتجاه الذي أتى منه أسلافه؟

ويتوازى مع هذا الطرح القبائلي المتخلف أيضا الطرح المناطقي الضيق الذي يحاول أن يصور الجهراء وكأنها دولة مستقلة أو ولاية ضمن «ولايات دولة الكويت المتحدة», يقدم فيه المرشح نفسه للناخبين بأن كل مؤهلاته أنه من سكان الجهراء فقط! بل وصلت السفاهة بالبعض بمناشدة سمو الأمير إصدار مرسوم ضرورة يعدل الدوائر ويجعل الجهراء دائرة مستقلة, ولا نستغرب أن يزيد البعض بالسفاهة ويطالب بكوتة تضمن أن يكون أحد المرشحين من سكان الجهراء عضوا بمجلس الأمة.

أنا متأكد من أن العديد من الإخوان أصحاب «النوايا الحسنة» سيصدرون أحكامهم المسبقة بأن أتبنى هذا الطرح ليس بدافع وطني، ولكن لأن قبيلتي مستفيدة من هذه التقسيمة, وأنا أقول لهم مسبقا وبكل صراحة وشجاعة وليغضب من يغضب, إن من فضل الدوائر الخمس عليّ أنها أعطتني الفرصة لأصوت لشخصين وطنيين مثل محمد الخليفة وأحمد الشريعان, ولم أكن أسيراً للجغرافيا واتجاهاتها.

back to top