تسونامي المرأة

نشر في 29-05-2009
آخر تحديث 29-05-2009 | 00:00
 فالح ماجد المطيري موجة نجاح المرأة في الانتخابات مجلس الأمة ذكرتني بموجة «تسونامي» الشهيرة التي اكتسحت كل شيء في طريقها من البحر إلى اليابسة، و»تسونامي المرأة» اكتسح في طريقه العديد من الذهنيات المتخلفة، ولكن هذه الموجة حملتها إلى بيت الأمة الكبير، وأغرقت في طريقها الفتاوى المشبوهة التي حرَّمت تصويتها.

تفردت الكويت في المحيط الإقليمي بشكل عام وفي منظومة دول مجلس التعاون بشكل خاص بالأسبقية الزمنية في ممارسة الديمقراطية المؤسسية القائمة على الانتخاب, ولحقت بها البحرين بعد فترة بتجربة ديمقراطية برلمانية مميزة وفاعلة على مستوى الرقابة والتشريع، ولكن لم يكتب لها الاستمرار بعد حل مجلس النواب البحريني وتوقفه لفترة طويلة, إلا أن الكويت تميزت بالاستمرار الزمني للحياة البرلمانية بها رغم بعض العثرات والتوقف.

ورغم هذا التفرد والتميز، فإن العديد من المراقبين والمقيِّمين لمستوى تطور الديمقراطيات في المنطقه كان يأخذ على الكويت حصر تجربتها الديمقراطية على الرجال فقط وحرمان النساء من حق الاتنخاب والترشح, ورغم المحاولات التي قامت بها المرأة مدعومة من بعض القوى التقدمية للحصول على حقوقها السياسية، فإن الفشل كان مصير هذه المحاولات نتيجة لاعتبارات عدة أهمها أن الحكومة لم تكن راغبة أو في أحسن حال لم تكن متحمسة لإعطائها هذه الحقوق.

ومع التطور الزمني ونتيجة لاعتبارات عدة أخرى أيضا أهمها حماس الحكومة في هذه الفترة لإشراك المرأة في الحياة السياسية ترشحاً وانتخاباً، حصلت على هذه الحقوق في 2005، وشاركت في انتخابات 2006 بزخم كبير ولكن بلا نجاحات تذكر، وأعادت الكرة في انتخابات 2008 وأيضا بلا نجاحات، وفي انتخابات 2009 كانت الثالثة ثابتة، كما يقولون في الأمثال، بنجاح فاق توقعات أغلب المتفائلين، بحصد المرأة لاربعة مقاعد نيابية وبأرقام ومراكز مذهلة.

موجة النجاح هذه ذكرتني بموجة «تسونامي» الشهيرة التي اكتسحت كل شيء في طريقها من البحر إلى اليابسة, و»تسونامي المرأة» اكتسح في طريقه العديد من الذهنيات المتخلفة التي ترى أن البيت هو المكان الطبيعي للمرأة، ولكن هذه الموجة حملتها إلى بيت الأمة الكبير، وموجة «تسونامي المرأة» أغرقت في طريقها الفتاوى المشبوهة التي حرَّمت تصويتها، وجرفت رموز التيارات السياسية الملتحفة بالدين عندما حاولوا إسقاط الدكتورة أسيل العوضي بألاعيبهم التي لم تمر على الناخبين.

إن الكثير من المواطنين يملؤهم الأمل بأن يستمر هذا الاندفاع لـ»تسونامي المرأة» ليجرف في طريقه حالة الركود والجمود التي تعيش فيها البلاد منذ سنوات طويلة، لتكون تجربة هذا المجلس مختلفة على مستويي الأداء والإنجاز.

فهل ستحملنا هذه الموجة إلى أعلى أم ستغرقنا؟ الزمن وحده لديه إجابة هذا السؤال.

back to top