نقيق الضفادع في برك العفن

نشر في 17-07-2009
آخر تحديث 17-07-2009 | 00:00
 فالح ماجد المطيري الضفادع حيوانات برمائية صغيرة الحجم، سريعة القفز من مكان إلى مكان ويمكنها التسلق، ولسانها كثير الحركة معلق على مقدمة الفم، وهي من الحيوانات ذوات «الدم البارد»، ولصغر حجمها، فإنها تلجأ إلى أساليب غريبة عدة لحماية نفسها، فتفرز سائلاً ساماً غير قاتل، ولكنه مؤذٍ للعين، وتدفن نفسها في الطين والوحل، ويكثر وجودها في البرك الآسنة، حيث يتوافر الطعام بسهولة، ولإثبات وجودها فإنها ترفع صوتها المزعج ويسمى «نقيقاً»، خصوصاً في ظلام الليل، أما في ضوء النهار فهي أجبن من أن يعلو لها صوت، فتعود لتدفن نفسها في الطين والوحل.

الكاتب والشاعر الكبير ميخائيل نعيمة أورد مقالة نقدية بعنوان «نقيق الضفادع» في كتابه «الغربال»، وهذا الكتاب يُعد من أهم المصادر في النقد الأدبي لمدرسة شعراء المهجر، ويعرض الكاتب في المقال لمشكلة فئة من البشر «العاجزين» عن بلوغ مراتب «النبل» وممن لا «فضل» لهم في الحياة، ويشبِّههم بالضفادع.

وهي التقاطة موفقة من الراحل الكبير وتشبيه جميل، فكما أن هناك تراتبية وأفضلية في عالم الحيوان يحكمهما التفاوت في الأحجام، كذلك هناك تراتبية وأفضلية وتمايز في عالم الإنسان، لكنها محكومة بالتفاوت في العلم والأخلاق والفضيلة.

والكاتب الكبير ميخائيل نعيمة كان يلقب «بناسك الشخروب»، وهو اسم مزرعة عائلته في بلدة بسكنتا الجميلة المتكئة إلى جبل صنين الشامخ، وأسس مع جبران خليل جبران وعبدالمسيح حداد ونسيب عريضه وغيرهم «الرابطة القلمية»، وأكاد أجزم لو أن كاتبنا الكبير عاش بين ظهرانينا في هذه الفترة لأصابه الأسى على الحال التي وصل إليها القلم، بعد أن أمسكه بعض «الكتبة» الذين لا يختلفون في أسلوب حياتهم ومعاشهم عن حال «الضفادع»، فنجدهم يستمرئون العيش في «برك العفن» التي توفر لهم الطعام بسهولة ويسر، ويقفزون من مكان إلى مكان بحسب المنفعة والمصلحة ولديهم استعداد «فطري» للتسلق، ولسانهم كما حال الضفادع كثير الحركة في البذيء من القول، وإذا أرادوا إثبات وجودهم علا صوتهم بنشاز لا يختلف عن «نقيق الضفادع» المزعج، وكتاباتهم لا تختلف عن سُم الضفادع، فهي وإن كانت غير قاتلة، فإنها مؤذية للعين.

back to top