تعديل المناهج... والافلاس السياسي

نشر في 24-07-2009
آخر تحديث 24-07-2009 | 00:00
 فالح ماجد المطيري عبث الحكومة في التركيبة الفئوية والطائفية للمجتمع مثل اللعب بالنار، إشعالها سهل ولكن محاصرة انتشارها مستحيلة! ولا ينافسها في هذا الإفلاس السياسي إلا مجموعة النواب، الذين يعتبرون الاصطفاف الطائفي البغيض والخطاب الإقصائي التكفيري للآخر مجرد أصوات انتخابية في رصيدهم.

تفاءلت كثيراً عندما سمعت أن الحكومة «الرشيدة»، وعلى لسان وزيرة تربيتها تنوي بعد طول انتظار تعديل المناهج المدرسية، لاسيما أن هذا التصريح جاء بعد فترة وجيزة من القرار الموفق الذي اتخذته الوزيرة بتوظيف البدون في وزارة التربية، وهو قرار كم أتمنى أن يعمّم على وزارات الدولة المختلفة لإنصاف مجموعة من أبناء الكويت، ورفع الظلم التاريخي الذي مورس بحقهم.

لكن تفاؤلي كان أقصر من حبل كذب الحكومة القصير دائماً، والذي لا ينافسه في القصر إلا مدى نظرها، عندما اتضح أن «المناهج» المزمع تعديلها مجرد «سطرين» في منهج التربية الإسلامية، يتحدثان عن زيارة القبور والتبرك بها!

نتمنى من الحكومة ووزيرة تربيتها أن تعمل على تطوير المؤسسة التعليمية وتعديل المناهج بشمولية أكبر من مجرد سطرين في مادة واحدة، وتترك القبور وأهلها الذين لا يستحقون منا إلا الدعاء لهم بالرحمة، لتركز على «الأحياء» من أبنائنا الطلبة، بدءاً من ثقل الحقيبة المدرسية التي أرهقت ظهورهم بحملها، وكأنها عدة جندي في أرض معركة.

نتمنى من الحكومة ووزيرة تربيتها أن تُعدِّل ذلك «الحشو» الفارغ الذي يملأ صفحات كتب جميع المواد!

نتمنى من الحكومة ووزيرة تربيتها أن تُعدِّل الآليات والوسائل التعليمية التي جعلت الطالب يصل إلى الصف الرابع والخامس، وهو لا يجيد القراءة باللغة العربية!

نتمنى من الحكومة ووزيرة تربيتها أن تُعدِّل المناهج «لمحو أمية» استخدام أجهزة الحاسب الآلي في مدارسها.

نتمنى من الحكومة ووزيرة تربيتها تعديل أوضاع المعلمين والمعلمات لتعيد الاحترام إلى مهنة التدريس التي أصبحت مهنة طاردة لأبناء البلد.

نتمنى من الحكومة ووزيرة تربيتها تطبيق القانون ومحاربة الدروس الخصوصية التي تملأ الصحف الإعلانية جهاراً نهاراً وشكلت عبئاً إضافياً على ميزانية الأسرة!

نتمنى من وزيرة التربية وحكومتها ذات الميزانية المليارية ألا يبدأ كل عام دراسي وبعض المدارس تعاني نقصاً في الاحتياجات الأساسية من طاولات وكراسي وتكييف وماء بارد.

نتمنى من الحكومة ووزيرة تربيتها تطوير المؤسسة التعليمية وتعديل المناهج في الاتجاه الذي يرسِّخ الإيمان بالديمقراطية والمجتمع المدني، بإضافة مادة الديمقراطية والدستور ضمن مناهجها.

هذه أمنيات نقدمها إلى الحكومة ووزيرة تربيتها، إذا كانتا جادتين في «تعديل المناهج» وفق رؤية وطنية تتوافق مع التطور الحضاري بما يخدم البلد... أما إذا كان تصريح الوزيرة مجرد «تكتيك» سياسي لخلط الأوراق والهروب من الأزمات، وهو ما تعودنا عليه من حكومتنا «الرشيدة»، أو دفعاً لفاتورة المواقف في الاستجواب الأخير وفق خريطة تحالفاتها الجديدة، فهذا إفلاس سياسي تعيشه الحكومة، فاللعب في التركيبة الفئوية والطائفية للمجتمع مثل اللعب بالنار، إشعالها سهل ولكن محاصرة انتشارها مستحيلة! ولا ينافسها في هذا الإفلاس السياسي إلا مجموعة النواب الذين يعتبرون الاصطفاف الطائفي البغيض والخطاب الإقصائي التكفيري للآخر مجرد أصوات انتخابية في رصيدهم.

back to top