معصومه تكفّرنا!

نشر في 13-11-2009
آخر تحديث 13-11-2009 | 00:00
 فالح ماجد المطيري صادف يوم الأربعاء الماضي مرور 47 عاماً على إقرار الدستور، وسط احتفاليات من مؤسسات المجتمع المدني المختلفة وعلى رأسها «مجموعة صوت الكويت» التي تعجز الكلمات أن توفي منتسبيها جهودهم المميزة، ولكن المؤسف أن تمر هذه الذكرى الغالية في ظل غياب متعمد من قبل» الدولة الرسمية»، بإهمال إعلامها أهمية هذه المناسبة، ويترافق مع هذا الإهمال الرسمي، هجمة منظمة من قبل البعض للنيل من الدستور والمؤسسة التشريعية ممثلة في مجلس الأمة، والتشكيك في جدواهما، ومحاولة رمي أخطاء وعجز السلطة التنفيذية عن القيام بدورها على السلطة التشريعية، وهي محاولات مكشوفة ولا نستغربها من بعض الذين أصبح مجلس الأمة والأعضاء الشرفاء فيه حجر عثرة أمام مرور مشاريع العمولات والتنفيع والمناقصات التي اعتادوا الحصول عليها بغير وجه حق، ولما تضخمت أرصدتهم من خير الكويت لم نسمع منهم إلا المَن وادعاء الفضل عليها، ولا نستغرب محاولات البعض ممن كان مجلس الأمة والأعضاء الشرفاء فيه، سبباً في إنهاء مستقبلهم السياسي، وانزوائهم في ركن النسيان المظلم، ولم يجدوا وسيلة للعودة إلى الأضواء التي يعشقونها إلا بادعاءات فارغة يحاولون من خلالها تفتيت النسيج الاجتماعي للكويت، بزعم أن الدستور لم يقر للكويت الحالية، بل أُقر لكويت لا توجد إلا في عقولهم المصابة بداءي العنصرية والطبقية، وهي كويت تشبه مدينة أثينا القديمة وديمقراطيتها الطبقية!

ولكن ما يثير الحزن والاستغراب أن تصدر محاولات التشكيك هذه من بعض الأعضاء المنتمين إلى مجلس الأمة، وآخرها تصريح النائبة الفاضلة معصومة المبارك «أن الشعب وصل إلى حد الكفر بالديمقراطية»، في انتقادها لممارسة بعض زملائها لحقهم الدستوري في الرقابة والمحاسبة للسلطة التنفيذية، ولا أعلم من أين توصلت النائبة الفاضلة إلى أننا كفرنا بالديمقراطية أو أوشكنا أن نكفر بها؟ هل لديها استبيان موثق بذلك؟ وهل تعتبر سعادة النائبة أن الـ»14 ألف ناخب وناخبة» ممن صوتوا لها في الانتخابات الأخيرة من الكافرين بالديمقراطية؟

مشكلة البعض أنهم يخلطون بشكل غير متعمد أو متعمد في أحيان كثيرة بين تصرفات «بعض» النواب، ويحاولون إسقاطها بشكل مباشر على السلطة التشريعية، وبالتالي إثارة الشكوك حول جدوى التجربة الديمقراطية ووجود مجلس الأمة، وهو قياس خاطئ بالمجمل، فلو أننا اتبعنا القياس نفسه، فهل من المعقول أن نطالب بإلغاء السلطة التنفيذية والاستغناء عن وجود حكومة لأن إحباطنا من عجزها بلغ حد الكفر؟!

ولكن أطمئن النائبة الفاضلة وغيرها بأن إيماننا بالدستور والديمقراطية، إيمان راسخ لن يهزه تشكيك البعض مهما ملكوا من الوسائل والأدوات، فإيماننا بدستورنا يتعدى حالة الإيمان به كمجموعة من الأوراق والمواد، ليصل إلى درجة الإيمان الصوفي بالتوحد معه كواحد غير قابل للانفصال، فهو ليس هبة أو عطية من أحد، ليسترجعهما متى شاء، بل كان نتيجة حتمية لنضال الحركة الوطنية منذ عشرينيات القرن الماضي، وقد أثبتت العديد من الأحداث التاريخية، التي تعدّ محطات مفصلية من تاريخ الكويت بدءاً مما اصطلح على تسميته «بأزمة عبدالكريم قاسم»، مرورا بالغزو والاحتلال العراقيين، ووصولا إلى أزمة الإمارة، أن الدستور والديمقراطية هما طوق النجاة لها، ويكفينا أن نفاخر بأن سمو أميرنا هو الحاكم الوحيد في العالم الذي تم انتخابه بنسبة مئة في المئة من خلال تزكية كامل أعضاء مجلس الأمة- المنتخبين شعبياً- لسموه بلا تزوير ولا إرهاب.

back to top